تقمص دور توفيق الدقن .. حكاية الرجل الذى باع سطح القمر بعقود موثقة من الحكومة الأمريكية

" خد لك من القمر حته " شعار رفعه البعض من قبيل الفانتازيا لمن يعلنون عن بيع سطح القمر والفضاء الخارجى والكواكب الأخرى و اغلبنا يتذكر المشهد الشهير للفنان توفيق الدقن ضمن احداث فيلم (المجانين في نعيم) عام 1963 للمخرج حسن الصيفي، عندما كان يرتدي حُلة رجل الفضاء ويحاول ان يبيع لاسماعيل ياسين قطعة ارض في الفضاء الخارجي، فطلب منه سمعه ان يعاينها فنصحه ان يذهب ليلحق بالصاروخ المغادر من امريكا، ليصبح توفيق الدقن هو الرجل الذي باع القمر!.. المشهد كان ضربا من الفنتازيا من تأليف ابو السعود الابياري، وضحك منها الجمهور لأنها فكرة بعيدة جدا عن تصور عقل أي نصاب!.. ولو حدثت بالفعل، لتم القبض عليه في الحال. ولكن الأمريكي دينيس هوب كان له رأيا اخر.

في عام 1980م كان السيد هوب يعمل في مبيعات الأحذية ولكنه في الواقع لم يكن يحقق أي مستهدف لعدة مرات، فطرده صاحب العمل واصبح عاطلًا، كما تركته زوجته لانه غير قادر على الانفاق على منزله واصبح يعاني من مشاكل الطلاق!.. وفي ليلة مقمرة جلس وحيدا ينظر إلى السماء، فوجد بها قدر كبير من المال يمكن أن يستفيد به لو اقنع البشر ان يمتلكون اراضي على سطح القمر!.. وعلى الفور قرر الذهاب إلى المكتبة المحلية ليبحث بها عن أي شخص يمتلك القمر الذي يدور حول الأرض، وقد اكتشف دينيس هوب خلال بحثه أن معاهدة الفضاء الخارجي لعام 1967م والتي وقع عليها جميع الدول التي ترتاد الفضاء بجانب اكثر من 100 دولة أخرى، أنه لا يحق لأي دولة أن تدعي ملكيتها لأي جرم سماوي خارج نطاق كوكب الارض.

وكانت تلك المعاهدة بمثابة بصيص الأمل بالنسبة لهوب فالمعاهدة تمنع الدول أو الحكومات من امتلاك القمر لكنها لم تذكر أي شيء عن الأفراد، كما قرأ ايضا عن قانون قديم قدم الولايات المتحدة الامريكية، يعود لسبعينيات القرن الثامن عشر، مفاده انه يمكن لاي شخص ان يضع يده على اي مساحه يراها من الارض، وله ان يستصلحها او يبتاعها كيف شاء، فقط لو قدم مايفيد عدم امتلاكها لشخص اخر!.. وبناءًا على ذلك قدم هوب مطالبة بملكية القمر في مكتب الشهر العقاري التابع للحكومة المحلية، وعلى حد تعبير هوب في مذكراته فإنه بعد ممارسة بعض الضغط والجدال مع الموظف في المكتب وافق أخيرًا على أن هوب هو المالك الوحيد للقمر، لعله أراد أن يصرفه من امامه باية وسيلة فوافقه على مايقول.

ثم اتبع ذلك بأن كتب هوب خطابات للأمم المتحدة والحكومة المركزية في واشنطن، وكذا الحكومة الروسية لإخبارهما عن أن المواطن الأمريكي المدعو دينيس هوب قد يثبت ملكيته للقمر بناء على الوثائق المقدمة، وسألهما عما إذا كانا يرغبان في الطعن على هذا الادعاء في مدة اقصاها عام كامل. واعلمها ايضا انه اذا لم تطعن تلك الجهات على الملكية خلال المدة المعلنة، فإن ذلك اعترافا منهم جميها بملكية القمر للمدعو دينيس هوب!..

وعليه بدأ هوب في بيع قطع من العقارات القمرية مقابل مبلغ 20 دولار للفدان (!!) وإذا كنت ترغب في شراء حقوقك في معادن القمر فعليك أن تدفع أكثر قليلًا. وخلال عشر سنوات زعمت شركة هوب أنها باعت 611 مليون فدان من الأراضي على سطح القمر و325 مليون فدان على سطح المريخ و125 مليون فدان على سطح كوكب الزهرة، بالاضافة الى قمر “أيوا” التابع لمشترى وكوكب عطارد، وذلك لاكثر من 6 ملايين شخص من مختلف الجنسيات. كما يدعي هوب أن هناك عدد من المشاهير قد اشتروا منه قطع أراضي اغلبهم من المشاهير مثل توم هانكس وجورج لوكاس، وحتى بعض السياسيين الكبار مثل كارتر وجورج بوش الابن وريجان والامير تشارلز ولي عهد بريطانيا وامير ويلز!!.. كما ادعى ايضا أن سلاسل فنادق شهيرة مثل ماريوت وهيلتون قد اشتروا منه كمية كبيرة من الأراضي بجانب 1800 شركة كبرى أخرى ليصبح دينيس هوب فعليا هو الرجل الذي باع القمر.

وكل ذلك بموجب عقودا موثقة ومعتمدة تم تسجيلها بشكل رسمي، بعد ان قامت الحكومة الأمريكية بتحصيل الضرائب منه عام 1990 وقد أسعدت تلك الخطوة هوب كثيرًا لأنها بمثابة اعتراف رسمي من حكومة الولايات المتحدة بشركته امام الجميع. وقد استخدم هوب وسيلة تعتمد على “الايمان بالعلم” ليقنع زبائنه بالشراء في الفضاء الخارجي، حيث ان العلم لم يجد بعد الوسيلة للذهاب الى القمر او امكانيه العيش هناك، ولكن العلم لن يتوقف عن السعي وحتما ستكون هناك في المستقبل!.. فحينما تأخذها بثمن بخس الان، قد تربح فيها مالا طائلا حينما يغادر البشر كوكب الارض للسكن على سطح القمر..!!

ولعل دينيس هوب لا يدري شيئا عن فيلم (المجانين في نعيم) ولا يعرف من هو توفيق الدقن من قريب او من بعيد، ولكنه نفذ مشهدا بحذافيره ضحك منه الجمهور في مصر، بينما صدقه الجمهور في أمريكا وعلى رأسهم رئيس الدولة، وولي عهد المملكة المتحدة.