الموجز
جريدة الموجز

قصة نزاع شقيقة رئيس البنك المركزى مع التجارى الدولى فى محاكم الجيزة

طارق عامر
خالد الصباغ -
هل يخلط طارق عامر بين رئاسة
البنك المركزى و«عمودية» أسطال؟!
منى عامر قامت برفع دعوى قضائية وطالبت التجارى الدولى بتعويض مالى كبير.. والمحكمة تقضى بعدم أحقيتها
من صاحب المصلحة فى استبعاد أصحاب كفاءات يحتاجها الجهاز المصرفى بشدة فى هذا التوقيت
حتى تفهم فعليك أن تعود إلى صفحات الوفيات بجريدة الأهرام يوم 31 مارس 2014 وستجد نعى «فقيدة عائلة عامر بأسطال» السيدة «زينب أمين عامر» وستعرف من التفاصيل أنها كريمة المرحوم أمين بك عامر عضو مجلس النواب الأسبق، زوجة المرحوم المهندس حسن عامر رئيس مؤسسة البترول والنقل البحرى ومواد البناء ورئيس نادى الزمالك سابقا.. ووالدة كل من المهندس أمين عامر رئيس شركة دابتكو ومساعد رئيس شركة ميدور سابقا والسيد طارق عامر رئيس البنك الأهلى المصرى سابقا والسيد محمد حسن عامر المدير المالى للشركة المصرية الألمانية والسيدة منى عامر نائب مدير عام بالبنك التجارى الدولى سابقا.....إلخ.
هل استوقفك شىء فيما سبق؟!
لو لم تلاحظ. اسمح لى ألفت نظرك أو أضع خطوطا تحت صفة السيدة منى عامر «مدير عام بالبنك التجارى الدولى سابقا».. و«سابقاً» فيها تفاصيل كثيرة بدأت فى 31 ديسمبر 2007 بتقديمها استقالتها من البنك، ولم تنته فى 11 فبراير 2014 بقبول الاستئناف شكلاّ وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وإلزام المستأنفة بالمصاريف. والاستئناف كان على حكم أصدرته محكم الجيزة الابتدائية فى 26 يناير 2013 بعدم أحقية منى حسن عامر فى مبلغ ضخم (لا داعى لذكره) زعمت أنها تستحقه وكان موضوعا للنزاع بينها وبين البنك التجارى الدولى طوال سنوات!
هل يمكن أن تكون شقيقة رئيس البنك المركزى المصرى هى السبب فى اشتباكاته وتشابكاته التى لا تليق بالمنصب الذى يُعد المنصب الاقتصادى الأهم فى هرم المناصب الرسمية؟!
هل يمكن أن تكون هناك دوافع شخصية وراء القرارات التى يتخذها والتى هى عصب الاقتصاد وتؤثر فى مستويات التضخم، ومستويات الأسعار، والسيولة النقدية، والائتمان، وطباعة النقد، وإدارة مديونيات الدولة، واستقرار الجهاز المصرفى؟!
وقبل ذلك كله، هل يعقل أن يشغل محافظ البنك المركزى نفسه بقضايا شخصية ويتجاهل الأزمات الاقتصادية الكبرى التى تكاد تعصف بالدولة؟!
هل يمكن أن يكون القرار الصادر فى 23 مارس بإنهاء خدمة الرؤساء التنفيذيين للبنوك التجارية صدر فعلا انتقاما من رئيس «البنك التجارى الدولى»، بسبب نزاع كانت شقيقة محافظ البنك المركزى طرفاً فيه؟!
قبل أن نعود إلى 31 ديسمبر 2007 لنتتبع النزاع أو الخلاف من أوله، نوضح، من جديد، أن هناك شبه إجماع (إن لم يكن الإجماع كاملاً) بأن قرار البنك المركزى مخالف للقانون. والقانون واضح تماما فى هذا الشأن ويحدد صلاحيات البنك المركزى فى تعيين رؤساء البنوك أو عزلهم، فى المادة رقم 43 من قانون البنوك رقم 88 لسنة 2003، التى تنص على «دون الإخلال بسلطة الجمعية العامة للبنك يتم أخذ رأى محافظ البنك المركزى عند تعيين رؤساء وأعضاء مجالس إدارة البنوك وكذلك المديرين التنفيذيين المسئولين عن الائتمان والاستثمار وإدارة المحافظ والمعاملات الخارجية بما فيها المبادلات والتفتيش الداخلى، ويكون أخذ الرأى على قائمة بالمرشحين تقدمها الجهات صاحبة الشأن للعرض على مجلس إدارة البنك المركزى، ولمحافظ البنك المركزى بعد العرض على مجلس الإدارة أن يطلب تنحية واحد أو أكثر من المنصوص عليهم فى هذه المادة إذا ثبت خلال التفتيش على البنوك مخالفتهم لقواعد سلامة أموال المودعين وأصول البنك فإذا لم تتم التنحية كان للمحافظ أن يصدر قراراً مسبباً باستبعاد أى منهم من عمله، ولصاحب الشأن التظلم إلى مجلس إدارة البنك المركزى من قرار استبعاده خلال 60 يوماً من تاريخ إبلاغه بالقرار، وتسرى أحكام هذه المادة على فروع البنوك الأجنبية فى جمهورية مصر العربية».
والمعنى الواضح هو أن الجمعيات العمومية للبنوك وما تمثله من حملة الأسهم والملاك للمؤسسة المالية، هى صاحبة الكلمة الأهم فى تعيين الرؤساء التنفيذيين والأعضاء المنتدبين للبنوك الخاصة، وهى ما تتيح تعيين واستمرار القيادات المصرفية من عدمه.
وغير مخالفة القرار الصارخة للقانون، فهو أيضا ضار جدا من ناحية الملاءمة ولا سوابق له فى الأعراف المصرفية.. وتكفى الإشارة هنا إلى أن «جيمى دايمون»، الرئيس التنفيذى لبنك «جى بى مورجان»، أكبر البنوك الأمريكية، يتولى المنصب منذ نحو 11 عاماً، وقرار استمراره من عدمه هو حق أصيل للجمعية العمومية وهى وحدها التى تقرر استمرار المسئول المصرفى التنفيذى فى موقعه من عدمه، بعد تقييم دقيق لأدائه الوظيفى ونتائج الأعمال التى حققها ومستهدفات الأرباح ونمو الأعمال المصرفية التى أنجزها.
أما السابقة الوحيدة، لقرار محافظ البنك المركزى، فهى تلك التى حدثت فى نيجيريا سنة 2010 وكان مبررها التخلص من رؤساء بنوك فاسدين، بما يعنى أن القياس يضرب سمعة جهازنا المصرفى فى مقتل!
وبعيدا عن كثير من الأسئلة المنطقية واجبة الطرح، عن صاحب المصلحة فى استبعاد أصحاب كفاءات يحتاجها الجهاز المصرفى بشدة فى هذا التوقيت بالذات، فإن المعضلة الأساسية تتمثل فى محاولة رئيس البنك المركزى التدخل فى قرارات المساهمين دون نص تشريعى!
ولأن القرارات المربكة لم تكن مبررة، ظهر الحديث عن شبهة خلط بين العام والخاص وعن وجود ظلال لخلافات شخصية، ربما (وضع خطاً تحت ربما) كان بينها ذلك النزاع بين شقيقة محافظ البنك المركزى ورئيس البنك التجارى الدولى، وهو النزاع الذى بدأ بتقديمها استقالتها ولا نعتقد أنه انتهى بصدور حكم قضائى ابتدائى ثم استئناف لصالح البنك.
منى عامر التى التحقت بالعمل فى البنك فى 8 مايو 1977 تقدمت فى 31 ديسمبر 2007 باستقالتها وتم قبول استقالتها واستلمت جميع المبالغ المالية الخاصة بها بما فى ذلك حصتها فى الأرباح عن عام 2007 غير أنها بعد ثلاث سنوات ونصف السنة (تحديداً فى 9 يونيو 2011) تقدمت بطلب تدعى فيه أحقيتها فى الأسهم التى كانت مخصصة لها سنة 2006 وعددها 3000 سهم وكذلك أرباح عام 2007. وببحث البنك للطلب تبين أنها سبق أن حصلت على الأرباح ووقعت بالاستلام. أما بالنسبة للأسهم التى طالبت بها، فهى أسهم إثابة للعاملين والمديرين واتضح أنها غير مستحقة لها بسبب استقالتها قبل مضى ثلاث سنوات عمل من تاريخ التخصيص وفقا لقواعد وشروط برنامج إثابة وتحفيز العاملين والمديرين والسابق الموافقة عليه من الجمعية العامة غير العادية للبنك وكذلك الهيئة العامة للرقابة المالية.
ورغم أن البنك رد على طلب منى عامر بما سبق فإنها أعادت تقديم الطلب للبنك المركزى، فقام البنك التجارى الدولى بإرسال الرد نفسه.
هنا، بدأت منى عامر تتخذ طريقاً آخر وهو طريق ساحات المحاكم وأقامت دعوى قضائية حملت رقم 1444 لسنة 2011 عمال كلى الجيزة ضد رئيس البنك التجارى الدولى بصفته، صدر الحكم فى 26 يناير 2013 بسقوط حق المدعية فى إقامة الدعوى بالتقادم الحولى أى بمرور سنة من تاريخ الاستقالة.. فقامت باستئناف الحكم وبتاريخ 11 فبراير أصدرت محكمة استئناف القاهرة، مأمورية استئناف الجيزة، الدائرة 25 عمال حكمها بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وإلزام المستأنفة بالمصاريف.
وفى التفاصيل استوقفتنا نقطتان:
الأولى بررت الاستقالة مرة بسبب إلغاء القسم الذى تعمل به بالبنك لأكثر من عام.. ومرة، بظروف مرضية وعائلية حالت بينها وبين استكمال العمل. أما النقطة الثانية أنها طالبت بقيمة الأسهم مضروبة فى 3.
سببان مختلفان للاستقالة، والمطالبة بأرباح سبق الحصول عليها وقيمة أسهم غير مستحقة مضروبة فى 3 ثم شكوى للبنك المركزى ودعوى قضائية.. هل يمكن أن يكون ذلك هو سبب توتر العلاقة بين رئيس البنك المركزى ورئيس البنك التجارى الدولى؟!
هل يمكن أن يكون ذلك هو سبب صدور قرار مخالف للقانون؟! ونشير هنا، بالمرة، إلى أنه فى يوم 28 فبراير الماضى، أرسل البنك التجارى الدولى إلى البنك المركزى، قرارا بتعيين هشام رامز، نائباً لرئيس مجلس الإدارة وعضواً منتدباً للبنك التجارى الدولى، للتصديق عليه. وبعد مرور شهر كامل لم تتم الموافقة على هذا القرار حتى الآن!
رغم أن هشام رامز، بشهادة الجميع، كفاءة مصرفية يصعب تكرارها، ويكفى أنه شغل لمدة 7 سنوات موقعى محافظ ونائب محافظ البنك المركزى فى فترة من أصعب الظروف الاقتصادية فى تاريخ البلاد.
ربما تتضح الصورة أكثر لو وضعنا اعتزاز طارق عامر بعائلته وتعمده إقحام سيرتها فى أى مناسبة، دون أى مناسبة، وكأنه يريد التأكيد على أنه سليل عائلة قدمت لمصر ما لم يقدمه غيرها، وبالتالى فإن المنتمين إليها يستحقون -بمعيار ما سبق أن قدموه- أكثر مما يستحقه غيرهم، تأكيداً وإثبات التمايز.
باختصار هل خلط طارق عامر بين منصب رئيس البنك المركزى ومنصب عمدة أسطال؟!
هذا ما لا نتمناه، غير أن صدور قرار مخالف للقانون بلا تبرير أو تفسير يلقى بظلال من الشك على ذلك!

جريدة الموجز، جريدة ورقية أسبوعية مستقلة، وموقع شامل يستطيع الجمهور من خلاله الوصول للخبر الصحيح والمعلومات الدقيقة.

ويقدم موقع الموجز للقراء كل ما يهم الشأن المصري الداخلي والخارجي بشكل يومي وعاجل، بالإضافة إلى أخر تحديثات أسعار الذهب ، أسعار العملات، أسعار الدولار، أسعار السلع أولاً بأول.

كما يقدم الموقع لقرائه أحدث وأهم أخبار الفن، وأخبار الرياضة، وأخبار السياسة، وأخبار الحوادث، وأخبار العالم ، وأهم الاحداث الكروية ، دوري أبطال أوروبا، ودوري أبطال آسيا، ودوري أبطال أفريقيا.