الموجز
جريدة الموجز

فى ذكرى ميلاد” الجنوبى” .. أمل دنقل الباكى بين يدى زرقاء اليمامة

أمل دنقل
مروة حمدي -

ما أن يُذكر اسمه حتى تتردد على المسامع سطور من شعره المرتبط بوجدان ملايين القراء المصريين والعرب ممن عاشوا أزمات متلاحقة هزت كيانهم.

فبين "لا تصالح" و"أوراق الغرفة 8" خط الشاعر المصري أمل دنقل الذي تحل ذكرى ميلاده اليوم اسمه محفورا في الأدب العربي وتمكن خلال فترة قصيرة أن يترك إرثا أدبيا عظيماً.

سماه والده أمل لما أصابه من خير سنة ولادته ابنه في 23 يونيو عام 1940 في إحدى قرى جنوب مصر وتحديدا في "القلعة" مركز قفط محافظة قنا حيث أثر فيه والده بشكل كبير وأسهم في تشكيل شخصيته وتكوين اللبنة الأولى لمسيرته الأدبية قبل أن يفقد أمل والده في عمر 10 سنوات ليترك فقدانه مسحة من الحزن ظهرت جلية في أعماله.

رغم عمله في وظائف عديدة استولى على أمل دنقل حب الكتابة ليغلبه الشعر وينصرف إليه في كل مرة تقلد بها منصبا في الدوائر الحكومية في القاهرة والتي انتقل إليها أساسا للدراسة في كلية الآداب وتركها لاحقا للعمل.

كانت أعمال دنقل تدوينا تاريخيا لمشاعر الشعوب العربية وما تملكها من غضب وأسى تجاه الأحداث التي رسمت ملامح النصف الثاني من القرن الـ20 فكتب "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة" عام 1969 وهو في الـ29 من عمره والتي عبر فيها عن صدمته بحرب 1967 ليتبعها بـ"تعليق على ما حدث" والتي نشرت في بيروت عام 1971.

جزء من قصيدة "البكاء بين يدى زرقاء اليمامة"

أيتها العرافة المقدَّسةْ ..

جئتُ إليك .. مثخناً بالطعنات والدماءْ

أزحف في معاطف القتلى، وفوق الجثث المكدّسة

منكسر السيف، مغبَّر الجبين والأعضاءْ.

أسأل يا زرقاءْ ..

عن فمكِ الياقوتِ عن، نبوءة العذراء

عن ساعدي المقطوع.. وهو ما يزال ممسكاً بالراية المنكَّسة

عن صور الأطفال في الخوذات.. ملقاةً على الصحراء

عن جاريَ الذي يَهُمُّ بارتشاف الماء..

فيثقب الرصاصُ رأسَه .. في لحظة الملامسة !

ارتبط أمل بالتراث العربي بشكل كبير، وبدا ذلك واضحا في كتاباته التي سيطرت عليها رموز وشخصيات من الموروث الشعبي، لينقل على لسانها حال العربي المعاصر آنذاك مخالفا بذلك الأدباء الذين لجأوا للعالم الغربى فى شعرهم.

توفي أمل دنقل، الذي روت زوجته عبلة الرويني سيرته في كتاب "الجنوبي"، بمرض السرطان الذي رافقه في السنوات الـ4 الأخيرة من حياته ودوّن لحظاته الأخيرة في قصيدة "أوراق الغرفة 8" وهو رقم غرفته في المعهد القومي للأورام حيث توفي يوم السبت الموافق 21 مايو عام 1983 عن عمر 43 عاماً.

جزء من قصدة "أوراق الغرفة 8" آخر ما كتب أمل دنقل

زهور

وسلالٌ منَ الورِد
ألمحُها بينَ إغفاءةٍ وإفاقه
وعلى كلِّ باقةٍ
اسمُ حامِلِها في بِطاقه
*
تَتَحدثُ لي الزَهراتُ الجميلهْ
أن أَعيُنَها اتَّسَعَتْ - دهشةً -
َلحظةَ القَطْف,
َلحظةَ القَصْف,
لحظة إعدامها في الخميلهْ!
تَتَحدثُ لي..
أَنها سَقَطتْ منْ على عرشِها في البسَاتين
ثم أَفَاقَتْ على عَرْضِها في زُجاجِ الدكاكينِ, أو بينَ أيدي المُنادين,
حتى اشترَتْها اليدُ المتَفضِّلةُ العابِرهْ
تَتَحدثُ لي..
كيف جاءتْ إليّ..
(وأحزانُها الملَكيةُ ترفع أعناقَها الخضْرَ)
كي تَتَمني ليَ العُمرَ!
وهي تجودُ بأنفاسِها الآخرهْ!!
*
كلُّ باقهْ..
بينَ إغماءة وإفاقهْ
تتنفسُ مِثلِىَ - بالكادِ - ثانيةً.. ثانيهْ
وعلى صدرِها حمَلتْ - راضيهْ...
اسمَ قاتِلها في بطاقهْ!”

ومن أشهر أعمال أمل نقل التى لا تموت قصدة " لاتصالح" و التى اكتسبت شهرتها قبل توقيع اتفاقية كامب ديفيد وبعدها وعلى وجه التحديد بعد توقيع اتفاقيات فضّ الاشتباك بعد حرب السادس من أكتوبر 1973م المجيدة.

حزء من قصيدة "لا تصالح "
(1 )
لا تصالحْ!
..ولو منحوك الذهب
أترى حين أفقأ عينيك
ثم أثبت جوهرتين مكانهما..

هل ترى..؟
هى أشياء لا تشترى..:
ذكريات الطفولة بين أخيك وبينك،
حسُّكما - فجأةً - بالرجولةِ،
هذا الحياء الذى يكبت الشوق.. حين تعانقُهُ،
الصمتُ - مبتسمين - لتأنيب أمكما..
وكأنكما
ما تزالان طفلين!
تلك الطمأنينة الأبدية بينكما:
أنَّ سيفانِ سيفَكَ..
صوتانِ صوتَكَ
أنك إن متَّ:
للبيت ربٌّ
وللطفل أبْ
هل يصير دمى -بين عينيك- ماءً؟
أتنسى ردائى الملطَّخَ ..
تلبس -فوق دمائي- ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب؟
إنها الحربُ!
قد تثقل القلبَ..
لكن خلفك عار العرب
لا تصالحْ..
ولا تتوخَّ الهرب!

جريدة الموجز، جريدة ورقية أسبوعية مستقلة، وموقع شامل يستطيع الجمهور من خلاله الوصول للخبر الصحيح والمعلومات الدقيقة.

ويقدم موقع الموجز للقراء كل ما يهم الشأن المصري الداخلي والخارجي بشكل يومي وعاجل، بالإضافة إلى أخر تحديثات أسعار الذهب ، أسعار العملات، أسعار الدولار، أسعار السلع أولاً بأول.

كما يقدم الموقع لقرائه أحدث وأهم أخبار الفن، وأخبار الرياضة، وأخبار السياسة، وأخبار الحوادث، وأخبار العالم ، وأهم الاحداث الكروية ، دوري أبطال أوروبا، ودوري أبطال آسيا، ودوري أبطال أفريقيا.