الموجز
رئيس التحريرياسر بركات
الأربعاء 15 مايو 2024 03:00 صـ 7 ذو القعدة 1445 هـ
أهم الأخبار

رفاعة الطهطاوي.. الدبلوماسي الذي باع تاريخه واشتري رضا مرسي

 رفاعة الطهطاوي.. الدبلوماسي الذي باع تاريخه واشتري رضا مرسي
رفاعة الطهطاوي.. الدبلوماسي الذي باع تاريخه واشتري رضا مرسي
حالة من الاضمحلال والتخبط أصابت مؤسسة الرئاسة وجعلت أصحاب الكراسي يفكرون مرات ومرات في مصيرهم، وكل علي طريقته خرج مدافعا باستماتة عن سياسة الرئيس الإخواني، مبررا قراراته الأخيرة التي أصدرها طمعا في الاستمرار بالسلطة، وخوفا من أن تتمكن منهم أشباح الاعتقالات والسجون التي يقيم بداخلها مسئولو النظام المباركي السابق، وتلك المواقف جعلت الكثيرين يؤكدون أن شيئا لم يتغير وكأن الذاكرة تعود بالبلاد إلي عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك الذي انشغل رؤوس نظامه عن أحوال الوطن والمواطن بتبرير أخطائه وحكومته السياسية متباعدين كل البعد عما يحدث في الشارع من اضطرابات، وما يثير الدهشة أن أكثر من كانوا معارضين بالأمس للأنظمة السابقة خلعوا رداء المعارضة وارتدوا جلبابا إخوانيا ليصبحوا موالين للنظام الإخواني - علي حد اتهام البعض لهم - فلم يتخيل أحد أن نائب الرئيس بتاريخه المعروف في ساحة القضاء ستتبدل مواقفه يوما ما، ونفس الأحوال مع رئيس ديوان الرئيس الذي انشق عن النظام السابق اعتراضا علي ممارسات القتل وتكميم الأفواه، إلا أنهما اليوم يتصارعان من أجل الدفاع والقتال لإنقاذ النظام الذي يمثلان أحد أهم أركانه.. وعلي الرغم من أنهما دافعا عن سياسة الإخوان من داخل القصر الجمهوري إلا أنهما اختلفا حيث وجه كلاهما الاتهامات للآخر فخرج رئيس الديوان معلنا علي شاشة إحدي الفضائيات أن النائب كان يعلم كل كبيرة وصغيرة عن الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس نهاية الشهر الماضي وأنه استشاره قبل إصداره، ونفي النائب ذلك واستعان بالرئيس للتعبير عن غضبه، والموقف الذي أصبح عليه الاثنان يؤكد كلمات القول المأثور الذي يوضح أن دوام الحال من المحال، ونعرض خلال السطور التالية تفاصيل الصدام بين ذراعي الرئيس الإخواني.والكل يتذكر رئيس ديوان رئيس الجمهورية السابق الدكتور زكريا عزمي، الذي كان يرافق المخلوع مبارك ولا يفارقه كظله بل ولقبه البعض بكاتم أسراره وطبيب القرارات المشبوهة وظل يدافع عن ولي نعمته إلي أن جاوره في ليمان طره، وصاحب الشخصية الحالي الذي يشغل المنصب وجاءت به ثورة يناير يبدو أنه لم يلحق بركب التغيير ولم ينضم بصورة حقيقية للشارع مثلما انتظر منه الجميع الذين فوجئوا - علي حد وصفهم - بأنه ارتدي نفس العباءة المخصصة لسابقه زكريا عزمي حيث التزم بأداء نفس الدور وقد يكون بنفس الأداء طمعا في بقاء الكرسي.
ويبدو أن أحوال السفير رفاعة الطهطاوي لم تختلف كثيرا عن أحوال سابقه زكريا عزمي الذي كان يستخدمه الرئيس السابق حسني مبارك لتوصيل رسالة ما إلي الشعب فلم يتوقع أحد أن تتكرر نفس المآسي فالرجل قبل أن يحتمي بقصر الاتحادية كان لا يتحدث عن شيء سوي الحرية والديمقراطية بل وجد فيه بعض الثوار المثل العليا والقيادة الواجب الوقوف خلفها منذ أن أعلن استقالته من مشيخة الأزهر بل وأيده الكثيرون لمنصب الأمين العام لجامعة الدول العربية إلا أنه عندما اقترب من مؤسسة الرئاسة وأصبح داخل مطبخ القرار السياسي تبدلت الأحوال بما لا يرغبه الثوار ومؤيدوه حيث شاهدوا في وجهه ظل سابقه زكريا عزمي الذي استخدمه النظام السابق لخداع الشعب داخل البرلمان يواجه ويهدد ويندد وينتقد الأداء الحكومي وفي الصباح يشارك في صنع القرارات التي تشعل نيران الغضب في نفوس المصريين، وعلي الرغم من أن أحدا لا يتمني أن يصبح الطهطاوي علي ما هو عليه الآن فكانوا يرون فيه رجل الثورة الذي لن يتبع نظاما وسوف يعبر عن شعب كامل ورغبة حقيقية في الديمقراطية إلا أنه كان العين الحمراء التي استخدمها الرئيس الإخواني الدكتور محمد مرسي لتخويف وإرهاب المصريين.
وعلي الرغم من أن الطهطاوي صاحب شخصية قوية، يراه الكثيرون قادرا علي الاشتباك وخوض المعارك بل وتحقيق الفتوحات فيها، استخدم «العين الحمراء» في رسالته للمصريين الرافضين للإعلان الدستوري، حيث قلل من أهمية المسيرات والاحتجاجات حيث أعلن التحدي، لكافة القوي السياسية التي أعلنت معارضتها لقرارات الرئيس الإخواني.
كما وجه الطهطاوي رسائل أربع مثلت خطورة وأعلن بها اختلاف موقفه بعد توليه المنصب الرفيع أولاها عندما قال :"إن مؤيدي الرئيس أضعاف مضاعفة عمن تواجدوا في ميدان التحرير، وبقية ميادين مصر"، وثانيها عندما شدد علي أن ربط تفاوض القوي السياسية بتراجع الرئيس عن قراراته يمثل محاولة «للي ذراع الرئاسة»، كما أعلن الطهطاوي في ثالث رسائله أنه سيتم التعامل مع الأزمة التي اجتاحت البلاد، وما تبعها من حالة عصيان مدني باستخدام القانون، وفي الرابعة أشار إلي التحدي أصبح بين الرئاسة والمعارضة مؤكدا أن الرئيس لن يتراجع عن قراراته مطلقا، وكم كانت الرسائل الأربع تحمل من التهديد والوعيد لمن ساندوا الطهطاوي في أزمته عندما أعلن استقالته من مشيخة الأزهر بل وجعلت من فرص إنهاء الأزمة معدومة، فلا أحد يصدق ما أدلي به الطهطاوي في رسائله للشعب وكأنهم في كابوس - علي حد وصفهم - مستنكرين ما يحدث منه إلا أنه برسائله صنع جدارا عازلا بينه والشارع علي عكس ما كان ينتظر منه مريدوه.
ودور الطهطاوي بلغ صعوبة كبيرة عندما راح يبرر للرأي العام أن الرئيس مرسي بقوله إن ما أصدره الرئيس مرسي من قرارات وإعلان دستوري أثار غضب الملايين كان الهدف منه تفادي العودة إلي المربع صفر كاشفا عن أن الرئيس مرسي يسعي للعبور بالبلاد إلي بر الأمان، موضحا أن الإعلان الدستوري قطع الطريق علي محاولات الإضرار بالمسيرة الديمقراطية.
كما طالب الحوار مع معارضي مرسي، قائلا: "بعد الانتهاء من الدستور نجتمع ونتشاور ونتباحث في أوجه الاختلاف والاتفاق".. وأضاف الطهطاوي أن القرارات الأخيرة لا تعني الديكتاتورية موضحا أن الرئيس مرسي لا علاقة له بجماعة الإخوان ولا يمكنه السيطرة علي أحد من أعضائها متناسيا ما حدث ولم ينته إلي الآن من قيام بعض قيادات جماعة الإخوان المسلمين بالإدلاء بتصريحات صحفية عن قرارات اتخذتها الرئاسة وخطط لكذا وكذا دون أن تكون هناك علاقة بين المتحدث والمؤسسة الرئاسية.
ولما شعر مؤسسة الرئاسة بمخاطر تحيطها من بعض الشخصيات السياسية فوضت الطهطاوي ليعلن علي الملأ أن هناك شخصيات تتآمر علي البلاد، وتعمل من أجل إشعال النيران والاضطرابات رغبة في عودة حكم العسكر، أو الوصول إلي كرسي الرئاسة الذي ابتعد عنهم كثيرا، مؤكدا أنه مخطط مقصود لتصعيد الأمور، ونفي ما يدور في عقول الكثيرين بأن مؤسسة الرئاسة كانت صاحبة قرار بشأن تنظيم المليونية الإخوانية.
وقال أيضا في رسالة تحذيرية أخري «أحذر أصحاب الصوت العالي في المعارضة من إشعال نيران للعنف لن يستطيعوا إخمادها».
وتلاعب الطهطاوي بالألفاظ التي خرجت عنه وكأنه يحث المصريين علي رفض الدستور قائلا إنه في حالة الموافقة علي الدستور سيفقد الرئيس نصف صلاحياته التنفيذية والتشريعية محاولا بكلماته التعاطف مع موقف الرئيس الذي لا يرغب في الموافقة علي الدستور بالموافقة علي موعد الاستفتاء والكف عن المطالبة بإلغائه.
وفتح رئيس الديوان النيران علي الرجل الذي ينافسه داخل القصر الرئاسي في محبة الرئيس الإخواني حيث أعلن في أحد لقاءاته التليفزيونية ان مرسي قبل أن يصدر قراراته يرجع بها إلي مستشاريه لمناقشتهم فيها لافتا إلي أنه فيما يخص إعلانه الدستوري الذي أثار أزمة سياسية في البلاد استشار نائبه المستشار مكي نافيا أن يكون النائب علي علم بموعد طرح الإعلان.
وسقط رئيس الديوان بكلماته في فخ سياسي عندما برر الاشتباكات التي شهدتها المنطقة المحيطة بالقصر الرئاسي بأن أنصار الرئيس مرسي استشعروا الإهانة بعد محاولات البعض لاقتحام القصر مما جعلهم يتصارعون علي حماية الشرعية والشريعة الإسلامية.
والطهطاوي منذ أن تم الإعلان عن اختياره رئيسا للديوان فتح النيران علي مرسي خاصة أنه ابن خالة كل من زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري والقيادي الجهادي محمد الظواهري، وقيل وقتها إن هناك جهات أجنبية تدخلت وأجبرته علي اختيار الطهطاوي بينما رأي آخرون أن الطهطاوي شخصية توافقية كما رأي البعض أن اختياره جاء بعدما تم استبعاده من منصب أمين جامعة الدول العربية.. وتوقع المتوافقون عليه ألا يسير علي درب سابقه إلا أن صدمتهم فيه كانت كبيرة كما لو كانت صاعقة حيث وقف مدافعا باستماتة عن مرسي وسياساته التي أشعل بها ثورة غضب لا أحد يستطيع أن يدرك نهايتها.
الطهطاوي الذي أغضب محبيه بالكثير من التصريحات التي أدلي بها عقب الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الإعلان الدستوري للرئيس مرسي سبق له أن صرح بالعديد من التصريحات التي توافق عليها محبوه ومنها ما أعقب اختياره رئيسا للديوان حيث طالب الرئيس مرسي بالاستقواء بالشعب الذي انتخبه وجعله رئيسا.. كما نصحه بمصارحة الجماهير بكافة المشكلات مبررا ذلك بأن الشعب يمثل المصدر الحقيقي للسلطة والملاذ الآمن.
كما أنه اتهم بعض دول الخليج بالخوف من قيام دولة ديمقراطية إسلامية علي يد الإخوان المسلمين في مصر أكثر من إسرائيل.
رئيس الديوان الجديد ينتمي إلي السلك الدبلوماسي منذ عشرات السنوات وسبق له أن تم استدعاؤه بمعرفة الدكتور عمرو موسي منذ أن كان وزيرا للخارجية من بروكسيل لرئاسة الوفد الدبلوماسي المصري في إيران.. واستمر عمله داخل إيران في الفترة بين 1998 وحتي عام 2001 وهي الفترة التي احتدمت فيها العلاقة وأواصر الصلة بين الجانبين المصري والإيراني حيث ازدادت حالة التوتر بين الحكومتين إلا أن الطهطاوي نجح بعقليته أن يغير تلك المنظومة عندما قام بحشد الإيرانيين واستطاع بجيناته الوراثية والعقلية الفذة أن يقرب بين وجهات نظر البلدين.
وفي تلك الحقبة كان الرئيس محمد خاتمي حاكما لإيران وانتهت سلسلة العلاقات الطيبة التي نسجها الطهطاوي بإقامة علاقات دبلوماسية قوية مع خاتمي، واستطاع الطهطاوي أن يحسم الموقف لصالح الدولة المصرية ولقبه الطاقم الدبلوماسي المرافق له خلال الرحلة براعي المصالح المصرية في طهران.
وبعدما نجح الطهطاوي في مهمته عاد إلي مصر وظل يمارس عمله الدبلوماسي، وتمتع الطهطاوي بعضويته داخل مجلس الشئون الخارجية إلي أن تم تعيين الدكتور أحمد الطيب شيخا للجامع الأزهر والذي قرر علي الفور الاستعانة بالطهطاوي ليصبح متحدثا رسميا باسم المشيخة وتكون فرصته كبيرة في احتواء أزمة الإعلاميين مع المشيخة والتي نتجت عن سابقيه.
وعندما انطلقت شرارة ثورة الخامس والعشرين من يناير وفي ظل تردد الكثير من المشاهير والمسئولين المتواجدين علي الساحة في اتخاذ موقف مصيري حيال الثورة والنظام السابق لم يتردد الطهطاوي في الانضمام إلي صفوف الثوار الذين قدموه عليهم ليكون أحد قاداتها حيث أعلن استقالته من مشيخة الأزهر اعتراضا منه علي سياسة الدولة في التعامل مع الثوار واستخدام العنف معهم.
وكان للطهطاوي موقف ليس عليه بغريب منذ أن تم اختياره عضوا في الجمعية التأسيسية الأولي التي تم حلها حيث عرض التنازل عن عضويته في التأسيسية لصالح أحد الأقباط في إطار سعيه الدائم لتحقيق التوافق الوطني.. إلا أن هذا الرجل تغيرت أحواله وانتقل بلا سابق إنذار من صفوف المعارضة إلي رجال القصر المقربين من الرئيس والمدافعين عن سياساته مهما كلفتهم المهمة.

جريدة الموجز، جريدة ورقية أسبوعية مستقلة، وموقع شامل يستطيع الجمهور من خلاله الوصول للخبر الصحيح والمعلومات الدقيقة.

ويقدم موقع الموجز للقراء كل ما يهم الشأن المصري الداخلي والخارجي بشكل يومي وعاجل، بالإضافة إلى أخر تحديثات أسعار الذهب ، أسعار العملات، أسعار الدولار، أسعار السلع أولاً بأول.

كما يقدم الموقع لقرائه أحدث وأهم أخبار الفن، وأخبار الرياضة، وأخبار السياسة، وأخبار الحوادث، وأخبار العالم ، وأهم الاحداث الكروية ، دوري أبطال أوروبا، ودوري أبطال آسيا، ودوري أبطال أفريقيا.