الجنرال توفيق.. قصة أسطورة المخابرات الجزائرية الذى فشل فى خلافة بوتفليقة

 الجنرال محمد مدين
الجنرال محمد مدين الشهير بالجنرال توفيق
لكل نظام رجاله الذين يسعون للحفاظ على استمرارهم بالسلطة، ووراء كل رئيس يوجد دائما شخص يقف في الظل تكون بيده كل الأمور ويظل مترقبا للحظة التي يستطيع فيها أن ينقض على السلطة ،وقد يكون ظهوره خادعا للشعب الذي يظن أنه حقق غايته بالتغيير ، لكن في حقيقة الأمر لم يتغير سوى الاسم ويبقى النظام موجود، هذه الحقيقة عرفتها جيدا الشعوب في دول الربيع العربي وقررت عدم قبول رجال الظل بدلا من الرؤساء الذين تمت الإطاحة مثلما حدث في الجزائر والسودان كما رفضت أن يتم إعادة هذه اللعبة مرة أخرى معهم كما حدث في تونس ، وأيضا رفضت أن يكون رئيس الحكومة ظلا لجماعات ضغط أخرى كما حدث في ليبيا.
الجنرال توفيق
بعد أن اختفى عن الساحة السياسية الجزائرية لسنوات ،ظهر من جديد الجنرال محمد مدين الشهير بالجنرال توفيق، وتحديدا بعد تنحي الرئيس عبد العزيز بو تفليقة، ويبدو أنه لديه طموح كبير في السلطة ،لكن تحركاته بدأت تسبب اضطراب في المشهد السياسي بالبلاد ، الأمر الذي دفع السلطات الحالية لفتح عدد من ملفاته القديمة بين ملفات الفساد الأخرى التي تطال أيضا عدد من رموز النظام السابق في خطوة لتحجيمه وإبعاده قبل أن ينجح في مخططه بنشر الفوضى وإفشال الاحتجاجات السلمية، لاسيما وان لديه خبرة طويلة في هذا الشأن ، حيث كان رئيسا سابقا للاستخبارات الجزائرية.
وكان رجل الأعمال الجزائري أسعد ربراب قد كشف من خلال تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" أنه تم استدعائه من خلال فصيلة الأبحاث لدى درك باب الحديد وهو جهاز يتبع وزارة الدفاع، للتحقيق معه بشأن نشاطات مجمع سيفيتال وهو أكبر مجمع صناعي وغذائي في الجزائر ،لكن مصادر أخرى أكدت أنه تم استدعائه للتحقيق معه ضمن تحقيق شامل يطال عدد كبير من رجال الأعمال ،حيث يتم توجيه عدد من الأسئلة لهم عن قروض بنكية تم منحها لهم في التسعينيات ،ويأتي ذلك ضمن سعي الجهاز للاستعلام عما يسمى في الدوائر المغلقة بالعلاقة السرية بين ربراب والجنرال المتقاعد توفيق خلال فترة التسعينيات وهي العلاقة التي من شأنها أن تكشف عن العديد من ملفات الفساد خلال تلك الفترة.وإلى جانب اتهامه بالفساد هناك اتجاه أيضا إلى توجيه الاتهام للجنرال توفيق بعد أن وضع يده في يد سعيد بوتفليقة شقيق الرئيس المستقيل ،وتحميلهما المسئولية عما يحدث من عنف ضد المتظاهرين والطلبة.
وتشير المصادر إلى أنه يجري استغلال فرقة أمنية أنشأها اللواء عبد الغاني هامل، أثناء توليه المديرية العامة للأمن، وهي وحدة العمليات الخاصة للشرطة، وتتألف من 350 عنصرا،وهي الوحدة التي أسست بطريقة غير رسمية من قبل هامل، للاستقواء بها في الصراع الذي كان بينه وبين رئيس أركان الجيش قايد صالح بدءا من عام 2015 حتى انتهاء مهماته،و تتحرك حاليا خلال المسيرات السلمية التي يتم تنظيمها كل جمعة لإثارة الاضطرابات والعنف، ويبدو أن توفيق وسعيد بوتفليقة استعانا بهذه الوحدة أملا في تحقيق طموحاتهما للعودة إلى السلطة من جديد.
وإلى جانب هذه الوحدة تؤكد المصادر أن الجنرال توفيق لا يزال يسيطر على عدد من الخلايا الاستخباراتية ليس فقط في الجزائر وإنما في أنحاء العالم شكلها منذ أن كان رئيسا للاستخبارات رغم إقالته في عام 2015 بعد أن رفض ترشح عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية رابعة في ذلك الوقت ، وبدأ حاليا يستغل هذه الخلايا لإشاعة الفوضي سواء في الشوارع أو حتى داخل الأجهزة الأمنية، وهو الأمر الذي أشار إليه قايد صالح خلال حديثه عن اجتماعات مشبوهة تعقد في الخفاء من أجل التآمر على مطالب الجزائريين، حيث أوضح أن بعض الأطراف، وفي مقدمتها رئيس دائرة الاستعلام والأمن السابق في إشارة للجنرال توفيق ، خرجت تحاول عبثا نفي تواجدها في هذه الاجتماعات ومغالطة الرأي العام، رغم وجود أدلة قطعية تثبت هذه الوقائع المغرضة، ووجه إليه آخر إنذار، بأنه في حالة استمراره في هذه التصرفات، ستتخذ ضده إجراءات قانونية صارمة.
ولد الجنرال توفيق في الـ14 من مايو عام 1939، في قنزات بولاية سطيف وسط الجزائر، ويعتبر رجلا عسكريا غامضا، حيث لا يعرف عنه إلا القليل، وفق ما يصفه الجزائريون.
وتلقى "مدين" تدريبه في المخابرات السوفييتية "كي جي بي" بستينيات القرن الماضي، ومن الواضح أنه استغل خبرته لإخفاء جميع آثاره، ويكاد لا يعرف شيء عنه إلا من خلال الحلقات الضيقة من صناع القرار في البلاد ، وبالفعل هناك صعوبة في جمع المعلومات عن الرجل الذي أدار جهاز المخابرات الجزائرية طوال 25 عاما.
انضم إلى صفوف جيش التحرير الوطني بعد إضراب الطلبة سنة 1957 ثم بعدها انضم إلى المخابرات والتسليح .
وكلت إليه مهمة تسهيل إدخال السلاح عبر الحدود الشرقية، وبعد الاستقلال سافر إلى موسكو ليحصل على فرصة للتدريب بالمخابرات الروسية، بعدها تم تعيينه مسئولا للأمن الوطني في مديرية وهران مع العقيد الشاذلي بن جديد ، وفي سنة 1980 عين قائدا للمعهد العسكري للهندسة ثم مديرا للمديرية الوطنية للأمن العسكري وبعد ستة سنوات عين قائدا للأمن الرئاسي في عام 1986 .
في عام 1990 تم تعيينا رئيسا للاستخبارات وظل في المنصب حتى تقاعده في عام 2015 ، ووفقا للمصادر ترك المنصب بعد أن حاول أن يناطح الرئيس بوتفليقة واعترض على ترشحه لولاية رئاسية رابعة، وتؤكد مجلة فرنسية أن وجوده لمدة 25 عاما في هذا المنصب مكنته من تأسيس جهاز مخابرات خاص به ويعمل لصالحه داخل الاستخبارات الجزائرية.
تم نسخ الرابط