الموجز
رئيس التحريرياسر بركات
الإثنين 20 مايو 2024 02:48 مـ 12 ذو القعدة 1445 هـ
أهم الأخبار

عصام الحداد يشعل ثورة الغضب في وزارة الخارجية

عصام الحديد يشعل ثورة الغضب في وزارة الخارجية
عصام الحديد يشعل ثورة الغضب في وزارة الخارجية
حالة من الثورة الكامنة تتملك عددا كبيرا من الدبلوماسيين في وزارة الخارجية بسبب التهميش المتعمد لدورهم في إدارة ملفات مصر الخارجية لحساب الدكتور عصام الحداد- مستشار رئيس الجمهورية للشئون الخارجية- الذي بات ممسكا بمقاليد الأمور التي تتعلق بالشئون الدولية منذ قدوم الرئيس مرسي علي رأس السلطة في مصر، بينما أصبح وزير الخارجية محمد عمرو كامل مثل الساعة السويسري لا يقدم ولا يؤخر الأمر الذي ترتب عليه تأكيد مصدر رفيع أن عددا من شباب الدبلوماسيين ربما يهددون خلال الفترة المقبلة بالاعتصام أمام قصر الاتحادية للمطالبة بإقالة الوزير وتحديد اختصاصات الحداد.
وربما وصلت هذه الثورة الكامنة داخل الدبلوماسيين بوزارة الخارجية إلي درجتها القصوي بعد إصدار عصام الحداد بيانا باللغة الإنجليزية وجهه إلي الصحف الأجنبية أساء فيه إلي المحكمة الدستورية ووصفها بالقوة المناوئة للثورة، وهو ما أثار غضبا مزدوجا من قبل الدبلوماسيين الذين رأوا أن إصدار هذا البيان بهذا الشكل يمثل تكريسا لتهميشهم وكذلك من قبل القضاة لاسيما قضاة المحكمة الدستورية الذين اعترضوا علي هذا البيان ورأوا فيه إساءة لهم علي الصعيد الخارجي.
الحداد حاول أن يبرئ ساحته وان يُهدئ من غضب القضاة وثورتهم عليه بنفيه وصف المحكمة الدستورية بأنها من القوي المناوئة للثورة مؤكدا أنه أصدر هذا البيان للتعريف بمجريات التحول الديمقراطي في مصر.. وأضاف.. أنه لم يسئ إلي المحكمة الدستورية ولكنه أشار إلي القرار الغامض بحل مجلس الشعب بالإضافة إلي ورود إشارات تقول إن المحكمة ستقوم بحل الجمعية التأسيسية لوضع مشروع الدستور وكذلك مجلس الشوري.
وبرر عدم توضيحه هذا الأمر للمحكمة الدستورية مباشرة بعدم اتصال أحد من المحكمة الدستورية به لاستيضاح الأمر، مشيرا إلي أن المحكمة أصدرت بيانا ردا علي بيانه وكأن هناك جريمة كبري انتهكت بحقها وأنه - أي الحداد - يجب أن يشنق بها في ميدان عام.. وأوضح أنه اتصل بالمستشار حاتم بجاتو- نائب رئيس المحكمة الدستورية- بعدما طلب منه الاعتذار عما صدر منه لافتا إلي أنه لا يوجد شيء يستحق أن يعتذر عنه.
محاسبة الحداد
والواضح أن بيان الحداد لم يثر غضب الدبلوماسيين في أروقة وزارة الخارجية أو قضاة المحكمة الدستورية فقط وإنما أثار أيضا غضب القوي السياسية المختلفة لدرجة أن بعضها طالب بمحاسبة مستشار الرئيس علي إصداره هذا البيان.. فقد أصدر النائب السابق محمد أنور السادات- رئيس حزب الإصلاح والتنمية- بيانا طالب فيه بضرورة محاسبة الدكتور عصام الحداد حسابا عسيراً علي البيان الذي صدر عن مكتبه باللغة الإنجليزية، وأشار فيه إلي أن الدواعي التي دفعت رئيس الجمهورية لإصدار الإعلان الدستوري هي القوي المناوئة للثورة والتي سعت لإجهاض مكاسب ثورة 25 يناير وأن من هذه القوي المناوئة للثورة المحكمة الدستورية العليا التي قامت بحل مجلس الشعب، وحلت الجمعية التأسيسية، ومنعت الاستقرار، حسب بيان الرئاسة.
وأضاف السادات أن مساعد رئيس الجمهورية للشئون الخارجية يفتقد الخبرة والقدرة علي إدارة الأزمات والصراعات السياسية علي المستويين الإقليمي والدولي.. كما وصف أداءه بـ"الفاشل" وأنه شخص لا يؤتمن علي ملف العلاقات والشئون الخارجية المصرية بعد أن نال من سمعة وتاريخ المحكمة الدستورية والقضاء خلال البيان الذي أصدره من أجل تحسين صورة وقرارات الرئيس.. وقال السادات: ربما غدا يأتي الدور لينال من الجيش المصري وبعد غد الأراضي المصرية من أجل تبرير وتمرير قرارات وتصرفات الرئيس وجماعته.
وأشار السادات إلي أنه مهما كان حجم تجاوزات القضاء فإنه لا يجوز أن يكون الرد ببيانات باللغة الإنجليزية من خلال مسئول بالرئاسة المصرية لتملأ صحف الخارج ويتحدث فيها عن نظرية المؤامرة ويفضح مصر كذباً.. متسائلاً: ألم يحن الوقت للرئيس أن ينتبه؟ أم أن المحيطين به من مساعدين ومستشارين مفروضون عليه؟!.
تكريس الغضب
وربما جاءت تصريحات الحداد الأخيرة لتكرس الغضب الشديد داخل أروقة وزارة الخارجية بعدما طغي علي دورها وهمش قياداتها.. فقد تقمص الرجل دور وزير الخارجية وأصبح يطلق تصريحاته حول سياسة مصر الخارجية كيفما يشاء بشكل لا يتناسب مع منصبه كمستشار لرئيس الجمهورية للشئون الخارجية.. فقد أكد الحداد في مقابلة مع قناة الجزيرة أن أمريكا ترسل رسائل كثيرة مفادها أنها تريد التعاون مع مصر علي جميع المستويات وأن الرئيس محمد مرسي تمت دعوته للذهاب إلي أمريكا في يوم 17 ديسمبر ولكن بسبب الظروف التي يمر بها الوطن تم الاعتذار عن هذا التوقيت وتم الاتفاق علي أن الرئيس سيزور أمريكا في شهر فبراير القادم.. ولفت إلي أن من أهم الملفات التي سيتم طرحها خلال زيارة الرئيس لأمريكا الملف الاقتصادي.
وبشأن القضية الفلسطينية قال الحداد إن هناك خطوات تمت بشأن المصالحة الوطنية وفي المستقبل القريب سيعلن عن خطوات تتم من أجل تحقيق المصالحة بين حماس وفتح لتوحيد الصوت الفلسطيني.. وحول العلاقة المصرية بدول الخليج أوضح أن الرئيس محمد مرسي شدد في عدد من المحافل الدولية علي أن أمن الخليج خط أحمر بالنسبة لمصر حيث إن أمن الخليج من أمن مصر.
وربما حاول الرجل أن يبرئ نفسه من الاستئثار بإدارة ملفات مصر الخارجية دون بقية المؤسسات المختصة بذلك فأوضح أن السياسة الخارجية لمصر لم تعتمد مطلقا علي فرد أو جهاز واحد فقط لافتا إلي أن السياسة الخارجية منظومة متكاملة حيث إن مؤسسة الرئاسة لها دور ووزارة الخارجية لها دور والأمن القومي له دور.
لم يتوقف عصام الحداد في تهميشه لدور وزارة الخارجية عند حد إطلاق التصريحات الخاصة بملفات مصر الخارجية أو إصدار البيانات التي تسيء إلي المؤسسات القضائية بمصر في الأوساط الدولية وإنما أيضا استكمل مسلسل التهميش بتحركاته الدولية والتي كان آخرها سفره الخميس الماضي إلي لندن للقاء عدد من المسئولين البريطانيين وبحث ملف الأموال المصرية المهربة في بريطانيا والتعجيل بإعادتها لمصر لدعم موازنة الدولة إضافة إلي بحث سبل دعم علاقات التعاون بين مصر وبريطانيا وبحث التطورات الأخيرة في المنطقة وخطوات التحول الديمقراطي في مصر علي ضوء الاستفتاء الخاص بالدستور.
مهمة محددة
"الموجز" استطلعت آراء عدد من السفراء والدبلوماسيين بشأن إشكالية التداخل والتضارب بين أداء الدكتور عصام الحداد كمستشار للرئيس مرسي للشئون الخارجية وبين أداء وزارة الخارجية في إدارة ملفات العلاقات والشئون الخارجية.
يري السفير أحمد فتحي أبوالخير مساعد وزير الخارجية الأسبق أن مساعد رئيس الجمهورية للشئون الخارجية مهمته الرئيسية إبداء رأيه ونصائحه للرئيس وليس التحدث باسم الدولة عن سياستها الخارجية أو التصريح للصحافة الأجنبية، مشيرا إلي أن المسئول الوحيد عن ذلك هو محمد كامل عمرو وزير الخارجية وليس الدكتور عصام الحداد.
وذكر أبو الخير أن ما يقوم به الدكتور عصام الحداد يضر بسياسة الخارجية لأن ذلك سيعطي تصورا للعالم الخارجي مفاده أن بمصر وزيرين للخارجية يتضاربان في تصريحاتهما ولا يعرفان إدارة سياسة بلدهما.
ويقول السفير فتحي الشاذلي سفير مصر الأسبق في تركيا: مساعد الرئيس للشئون الخارجية له اختصاصاته التي تختلف تماما عن اختصاصات وزير الخارجية وبالتالي لا يوجد تقاطع بين اختصاصات المنصبين.. موضحا أن وزير الخارجية يدير شئون مصر الخارجية من خلال وزارته وبالتالي فهو المساعد الرئيسي لرئيس الجمهورية فيما يتعلق بالنطاق الدولي وليس مساعد الرئيس للشئون الخارجية.
ومن جانبه أكد مصدر رفيع المستوي بوزارة الخارجية رفض ذكر اسمه أن الدكتور عصام الحداد بمنصبه كمساعد لرئيس الجمهورية للشئون الخارجية طغي وتعدي علي فكرة وجود وزير للخارجية مشيرا إلي أنه لا يعرف الأسباب الحقيقية التي أدت إلي حدوث ذلك.. فالوقائع والدلائل تؤكد أن الحداد هو المسيطر الوحيد علي الشئون الخارجية لمصر بعيدا عن وزارة الخارجية فهو يقوم بمتابعة وترتيبات الزيارات الخارجية للرئيس وكذلك وضع الخطوط العريضة للسياسة الخارجية ورئاسة الوفود إلي بعض الدول.
وأكد المصدر أن عصام الحداد هو رجل الإخوان الأول والأخطر في قائمة مستشاري الرئيس باعتباره يشغل منصبا حساسا في الدولة ويتحكم في أهم ملفاتها وهو الملف الخارجي.. ويتساءل ساخرا.. لماذا لا يعين "مرسي" الدكتور عصام الحداد وزيرا للخارجية بدلا من الدكتور محمد عمرو منعا لتداخل الاختصاصات بينهما والإضرار بسياسة مصر الدولية؟!.
ويؤكد المصدر وجود حالة من الغضب الشديد داخل أروقة وزارة الخارجية بسبب تدخلات عصام الحداد في اختصاصاتها وأدوارها وهو ما يصب في النهاية في سياق تهميش الوزارة، موضحا أن هذا لم يكن ليحدث لولا الثقة المفرطة والزائدة علي الحد التي يضعها الرئيس مرسي في مستشاره للشئون الخارجية.
ويؤكد السفير محمد شاكر- رئيس المجلس المصري للشئون الخارجية- ضرورة وجود تنسيق بين عصام الحداد ومحمد عمرو كامل وزير الخارجية في أي شيء يتعلق بسياسة مصر الخارجية وذلك قبل أن يقوم الأول بإصدار أي تقرير أو بيان وإلا تداخلت الاختصاصات فيما بينهما وهذا لا يليق بسياسة مصر الخارجية.
وأضاف شاكر: الغريب أن وزارة الخارجية لم تصدر بيانا يعقب علي البيان الذي أصدره مساعد الرئيس بشأن المحكمة الدستورية، مؤكدا انه من الضروري سؤال الخارجية عن أسباب ذلك.
ويؤكد السفير أمين شلبي المدير التنفيذي للمجلس المصري للشئون الخارجية أن اختصاصات مساعد الرئيس للشئون الخارجية تختلف تماما عن اختصاصات وزير الخارجية، مشيرا إلي انه لا يمكن أن يحدث تداخل بين دوري الرجلين لأن كل شيء يجري من خلال التنسيق بينهما فنحن في دولة منظمة وليست فوضوية تتداخل فيها الاختصاصات.
وأكد أن بيان الدكتور عصام الحداد الصادر مؤخرا لوسائل الإعلام الأجنبية باللغة الإنجليزية يعبر عن رأي شخصي لمساعد الرئيس ولا يعبر عن مؤسسة الرئاسة وهذا لا يثبت أن هناك تناقضا وتداخلا في الاختصاصات والدليل علي ذلك أن وزارة الخارجية لم ترد حتي الآن علي هذا البيان.
وأكد السفير سيد أبو زيد- مساعد وزير الخارجية الأسبق لشئون الشرق الأوسط- أن التعريض للمحكمة الدستورية العليا بمصر في بيان موجه للخارج مسألة غير مستحبة لأنها مؤسسة قضائية ولها سمعتها الطيبة علي الصعيد الدولي.
وأضاف أنه لا يوجد مانع من أن يقوم الدكتور عصام الحداد بإصدار البيانات شريطة وجود تنسيق بينه وبين وزير الخارجية حتي لا يحدث تناقض أو تداخل بين اختصاصات الرجلين وهو ما يؤثر سلبا علي سياسة مصر الخارجية خاصة في ظل التطورات الراهنة.

جريدة الموجز، جريدة ورقية أسبوعية مستقلة، وموقع شامل يستطيع الجمهور من خلاله الوصول للخبر الصحيح والمعلومات الدقيقة.

ويقدم موقع الموجز للقراء كل ما يهم الشأن المصري الداخلي والخارجي بشكل يومي وعاجل، بالإضافة إلى أخر تحديثات أسعار الذهب ، أسعار العملات، أسعار الدولار، أسعار السلع أولاً بأول.

كما يقدم الموقع لقرائه أحدث وأهم أخبار الفن، وأخبار الرياضة، وأخبار السياسة، وأخبار الحوادث، وأخبار العالم ، وأهم الاحداث الكروية ، دوري أبطال أوروبا، ودوري أبطال آسيا، ودوري أبطال أفريقيا.