الموجز
رئيس التحريرياسر بركات
الإثنين 6 مايو 2024 01:54 مـ 27 شوال 1445 هـ
أهم الأخبار

قلعة الغلابة..المصير الغامض لـ ”شركة الحديد والصلب المصرية”

شركة الحديد والصلب المصرية
شركة الحديد والصلب المصرية
ركود على مستوى المبيعات وخسائر متلاحقة بمليارات الجنيهات ومديونية بملايين الدولارات وأوضاع متردية للعمالة هذا هو الوصف الدقيق للوضع الحالى لأكبر شركة للحديد والصلب فى مصر وأول شركة فى الشرق الأوسط وهى شركة "الحديد والصلب" التى أصبحت تائهة بين تصفية الحكومة لها أو استمرارها فى عمها، والسؤال الآن: ما مصير قلعة الغلابة؟
خسائر شركة "الحديد والصلب" التابعة لوزارة قطاع الأعمال العام وصلت في العام الماضى 2019 إلى مليار و400 مليون جنيه مصرى تقريبًا، وذلك بنسبة أكبر بنحو 20% من الخسائر التي تعرضت لها سواء في عام 2017 أو حتى فى عام 2018، حيث وصلت الخسائر المالية وقتها إلى مليار و200 مليون جنيه تقريبًا.
وعاشت "الحديد والصلب" حالة رهيبة من الركود على مستوى المبيعات في عام 2019، حيث تراجعت نسبة المبيعات بنحو 23% مما جعل حجم خسائر الشركة يزداد بشكل لا مثيل له على الإطلاق.
وخلال الأيام الماضية، ترددت العديد من الأنباء حول اتجاه الحكومة لتصفية الشركة الأعرق فى الشرق الأوسط، وزعم البعض أن بعد مباحثات ودراسات جدوى عديدة على مدار العام الماضى من قبل متخصصين تم إعدادها محليًا ودوليًا جاءت النتيجة النهائية كلها تصب فى اتجاه تصفية الشركة الأعرق فى الشرق الأوسط.
وأشاروا إلى أنه في مارس الماضى دعت الشركة القابضة للصناعات المعدنية، التى تتبعها شركة الحديد والصلب، عددًا من الشركات العالمية المتخصصة لتأهيل وتطوير وإدارة خطوط إنتاجها مع ضخ استثمارات مناسبة، من خلال اتفاقية مشاركة إيراد تمتد لمدة عشرين عامًا، وبعد انتظار دام لأكثر من 45 يوًما من الدعوة لم تتلق الشركة القابضة سوى عرض وحيد من شركة "ميت بروم "الروسية، ولم يلق قبول وزارة قطاع الأعمال وكذلك لجنة البت المنعقدة فى الشركة القابضة للصناعات المعدنية التى انتهت من دراسة العرض الوحيد المقدم من شركة ميت بروم الروسية، لتأهيل وتطوير الحديد والصلب.
وأضافوا: "أعلنت لجنة البت، في بيان لبورصة الأوراق المالية، قرارها بإجماع آراء اللجنة رفض العرض المقدم من الشركة الروسية لأنه غير مناسب وغير مُطابق مع دعوة الشراكة".
ولفتوا إلى أنه بعد فشل الشركة القابضة للصناعات المعدنية ووزارة قطاع الأعمال العام وتأزم موقف الشركة لعدم وجود عروض جادة للشراكة شكّلت الحكومة فى منتصف مايو الماضى لجنة لدراسة وتحديد مصير شركة الحديد والصلب بعد عزوف الشركات العالمية في الصناعة عن الدخول بشراكة لتطويرها، وأكدت اللجنة بالإجماع استحالة استمرار الشركة.
وفيما يتعلق بموعد الإعلان الرسمى، قالوا: "إن مجلس الوزراء يُدبر حاليًا التعويضات التي سيحصل عليها العمال نتيجة إنهاء مسيرتهم ومكافآت نهاية الخدمة التي تُقدر بالمليارات، وسيتم الإعلان رسميًا من خلال مجلس الوزراء المصرى لصعوبة وحساسية القرار أمام الرأى العام وحساسية الشركة ووضعها التاريخى، وتهيئة الرأى العام باعتبارها شركة وطنية كان لها باع طويل مؤثر فى تاريخ مصر إلى جانب ارتفاع عدد العمال بالشركة".
ومن جانبها، نفت شركة "الحديد والصلب" كل الشائعات التي تم تداولها، وذلك بخصوص اتخاذ المسئولين عن الشركة قرار يُفيد بتصفيتها بسبب حجم الخسائر المالية والديون التي أصبحت متراكمة عليها لتراجع المبيعات في الأشهر الماضية.
وقالت شركة الحديد والصلب المصرية فى بيانها الرسمى الذى أصدرته لنفى شائعات تصفية الشركة: "السيدة الأستاذة هبة الله الصيرفي، نائب رئيس قطاع الشركات المقيدة ببورصتي القاهرة والإسكندرية، تحية طيبة وبعد، شركة الحديد والصلب المصرية تنفي ما تردد في بعض وسائل الإعلام بشأن اتخاذ قرار بتصفية شركة الحديد والصلب المصرية"، مؤكدة أن ذلك القرار لا يُمكن اتخاذه إلا من خلال جمعية عامة غير عادية.
وأضافت: "آخر جمعية عامة غير عادية عقدت بتاريخ 11/11/2019 قد اتخذت قرارها باستمرارية الشركة".
وفى نهاية شهر نوفمبر الماضى، قال هشام توفيق، وزير قطاع الأعمال العام، إن وزارته أرسلت توصية للقيادة السياسية لحسم مصير شركة الحديد والصلب، وفى انتظار القرار النهائى.
الدكتور مدحت نافع رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات المعدنية، نفى أيضًا ما يتم تداوله، بشأن اتخاذ قرار بتصفية شركة الحديد والصلب التابعة للكيان، مضيفًا أنه لم يصدر أى قرار بشأن تصفية الشركة، لافتًا إلى أن قرار التصفية لا تتخذه سوى الجمعية العامة غير العادية وتلك الأخيرة قررت استمرارية الشركة فى اجتماعها أكتوبر الماضى.
رئيس القابضة للصناعات المعدنية قال، فى وقت سابق، إنه لا يُمكن الكشف عن توصية اللجنة المشكلة لتحديد مصير تأهيل مصنع الحديد والصلب، ولكن هناك سيناريوهات كثيرة لا تقتصر فقط على الغلق والتصفية.
وأضاف أن مستقبل "الحديد والصلب" يطرح العديد من الاتجاهات تتضمن المفاضلة بين ضخ استثمارات لإحياء المصنع القائم، أو تأسيس شركة جديدة، أو توقف مؤقت لحين حسم مشكلة الديون المتراكمة، متابعًا أن خطة التعامل مع "الحديد والصلب" تشمل 3 محاور وهى: استغلال الخام، والثانى إعادة تأهيل المصنع، والثالث تسوية المديونية.
وأكد "نافع" أن المحورين الأول والثالث يعملان بشكل منتظم، بينما المحور الثالث فى انتظار قرار القيادة السياسية.
وفي السياق ذاته، قررت الجمعية العامة غير العادية استمرار الشركة إعمالًا بأحكام المادة 38 من قانون شركات قطاع الأعمال رقم 203 لسنة 1991 ولائحته التنفيذية وذلك طبقًا للمذكرة المعروضة.
وفى 19 نوفمبر الماضى، تقدم النائب محمد عبد الغنى، عضو لجنة الإسكان بالبرلمان، باستجواب لرئيس الوزراء ووزير قطاع الأعمال العام هشام توفيق، بشأن الحفاظ على المال العام فى شركة الحديد والصلب المصرية.
"عبدالغنى" أضاف أن الأزمة تتلخص في اتجاه الدولة لبيع وخصخصة الشركة من خلال وضع التحديات والعوائق التى تحول دون تطويرها، ووجود مظاهر فساد وإهدار مال عام بها، والعمل على تصفيتها بدلًا من الارتقاء بها.
وتابع: "الاستجواب يتضمن ثلاثة محاور تكشف لنا الأوضاع المتردية في هذه الشركة، والتى كانت إحدى الشركات العملاقة في السابق، والآن أصبحت من الشركات التي تُحقق خسائر، كما تُثير هذه المحاور العديد من التساؤلات حول رؤية وزارة قطاع الأعمال العام حيال دورها فى تطوير وتنمية الصناعات المصرية الهامة، والتى تعتبر من الصناعات الإستراتيجية، وكذلك رؤية الحكومة حول محاربتها للفساد والحفاظ على المال العام".
واستطرد: "الفساد المالى والإدارى بالشركة يتضمن عدة نقاط من بينها التعيينات الجديدة والعقود الجديدة للمستشارين التى تُحمل الشركة المزيد من الأعباء المالية دون القيام بالمهام الموكلة إليهم، وذلك على الرغم من الادعاءات الخاصة بوجود عمالة زائدة، فضلاً عن التعيينات التي توضح تناقض المصالح، وفيما يتعلق بادعاء وزارة قطاع الأعمال بوجود عمالة زائدة في الشركة تزيد عن 5000 عامل، فهذا الأمر خاطئ فالشركة وفقًا لنظام الـDPR تعليمات التشغيل الروسى، تُعانى من عجز في العمالة، والذى تم تصميمه على أساس وجود 18 ألف عامل، إلا أن الشركة لا يوجد بها سوى 8600 عامل".
وأوضح أنه تم إيجاد مديونيات للشركات تتعلق بسداد فواتير الكهرباء والغاز وإلا سيتم قطع الكهرباء والغاز عن الشركة ما سيؤدى بالطبع إلى توقف عمل الشركة، وتُعادل قيمة هذه المديونية 500 مليون جنيه، وعلى الرغم من الاتفاق مع الشركة القابضة للصناعات المعدنية على سداد 25% من قيمة هذه المديونية الخاصة بالكهرباء وجدولة باقى الديون على 36 شهر، وتحمل الشركة القابضة 10% من قيمة مديونية الغاز وجدولة باقى المديونية على خمس سنوات، إلا أنه صدرت تعليمات شفوية بتحمل شركة الحديد والصب سداد قيمة المديونية بالكامل، والتى تُقدر بـ 500 مليون جنيه.
واختتم عضو مجلس النواب: "بناءً على ما سبق تتضح لنا عمليات فساد وإهدار للمال العام دون القيام بالتحقيق فيها بصورة جيدة، وأدت هذه العمليات إلى تكبد الشركة لخسارة كبيرة أثرت على مسيرة تطورها من ناحية وستؤثر على البُعد الخاص بالعمالة".
الأنباء التى ترددت عن تصفية شركة "الحديد والصلب" لم تكن الأولى، ففى 14 سبتمبر 2018، نفي المركز الإعلامى لمجلس الوزراء ما تردد من أنباء حول توجه الحكومة إلى تصفية شركة الحديد والصلب المصرية بسبب ارتفاع خسائرها، وذلك بعد أن تواصل مع وزارة قطاع الأعمال العام، والتى أكدت أنه لا صحة على الإطلاق لتصفية شركة الحديد والصلب التابعة للشركة القابضة للصناعات المعدنية، مشيرةً إلى أن الشركة تعمل بشكل طبيعى وكالمعتاد، ومُوضحةً أن ما يتم حاليًا هو العمل على تطوير الشركة لرفع كفاءتها ومعدل إنتاجيتها وفق دراسات جدوى متخصصة حيث يأتى ذلك فئ إطار حرص الدولة على تطوير وإعادة هيكلة شركات قطاع الأعمال العام.
شركة الحديد والصلب تأسست في يونيو عام 1954، بقرار من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وهى عبارة عن مجمع كامل للحديد والصلب في مدينة التبين بحلوان، وأسهمت في بناء حائط الصواريخ التي شيدته القوات المسلحة المصرية خلال حرب أكتوبر 1973، وكان لها دور كبير في بناء جسم السد العالى الذى تم تشييده منتصف القرن الماضى.
أما عدد عمال شركة الحديد والصلب حاليًا فيبلغ تقريبًا نحو 7500 عامل يتقاضون أجورًا تتخطى حاجز الـ 50 مليون جنيه (2.9 مليون دولار أمريكى) شهريًا، ويتراجع عدد العمال سنويًا نتيجة وقف التعيينات الجديدة بالشركة منذ عام 2014، حيث بلغ عدد العمال في عام 2013 نحو 10 آلاف عامل.
الشركة تمتلك أصولاً ضخمة غير مستغلة، منها أراضٍ تصل إلى 790 فدانًا بحوزة الشركة وضع يد بمنطقة التبين، وكذلك 654 فدانًا وضع يد بالواحات البحرية، إضافة إلى 54 فدانًا مشتراة من الشركة القومية للأسمنت منذ عام 1979، وقطعة أرض بمساحة 45 ألف متر مربع بأسوان من نتيجة تسوية نزاعها مع شركة الصناعات الكيماوية "كيما"، وكذلك كميات ضخمة من الخردة تصل إلى 600 ألف طن، فضلًا عن جبل التراب الذى يحتوى على خردة تُقدر بـ700 ألف طن، قدّرها وزير قطاع الأعمال في سبتمبر من العام الماضى بنحو 5 مليارات جنيه (310 ملايين دولار).

جريدة الموجز، جريدة ورقية أسبوعية مستقلة، وموقع شامل يستطيع الجمهور من خلاله الوصول للخبر الصحيح والمعلومات الدقيقة.

ويقدم موقع الموجز للقراء كل ما يهم الشأن المصري الداخلي والخارجي بشكل يومي وعاجل، بالإضافة إلى أخر تحديثات أسعار الذهب ، أسعار العملات، أسعار الدولار، أسعار السلع أولاً بأول.

كما يقدم الموقع لقرائه أحدث وأهم أخبار الفن، وأخبار الرياضة، وأخبار السياسة، وأخبار الحوادث، وأخبار العالم ، وأهم الاحداث الكروية ، دوري أبطال أوروبا، ودوري أبطال آسيا، ودوري أبطال أفريقيا.