الدعاة ”الشتامون” يستندون إلي صحابة النبي في إباحة السب واللعان

يقول الرسول عليه الصلاة والسلام"إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"ويقول"أدبني ربي فأحسن تأديبي"ويصف رب العزة نبيه محمد في القرآن الكريم "وإنك لعلي خلق عظيم" وفي آية آخري" فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَي اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ" ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل يا رسول الله ادع علي المشركين، قال: "إني لم أُبعث لعانًا، وإنما بعثت رحمة " ـ وعن عطاء بن يسار قال: لقيت عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه فقلت: أخبرني عن صفة رسول الله صلي الله عليه وسلم في التوراة، فقال: (أجل، والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن:"يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا" وحرزًا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخاب في الأسواق، ولا يدفع السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح، ولن يقبضه الله حتي يُقيم به الملة والعوجاء، بأن يقولوا: لا إله إلا الله، ويفتح به أعينًا عُميًا، وآذانًا صُمًّا، وقلوبًا غُلفًا).. هذه صفات نبينا ورسولنا محمد صلي الله عليه وسلم ذكرها رب العزة وقالها الصحابه عنه، فلماذا يتقولون علي الرسول ما لم يقله ويبررون لأنفسهم تجاوزهم بالقول والفعل؟
اتخذ الصراع الدائر الآن علي الساحة السياسية بين التيارات الإسلامية المؤيدة والتيارات المدنية المعارضة لسياسة الرئيس وحزب الحرية والعدالة، أشكالاً وصوراً مختلفة استخدم فيها مؤيدو الرئيس كل الطرق لمهاجمة معارضي قرارات محمد مرسي، وخاصة فيما تفجر بعد أزمة الإعلان الدستوري المكمل والدستور الذي جري الاستفتاء عليه ـ وصلت الأمور إلي حد التراشق بالألفاظ وهاجم الدعاة والمشايخ من الجماعات السلفية وجماعة الإخوان المسلمين المؤيدين للرئيس، المعارضة واتهموها بالعلمانية والإلحاد والكفر والسعي لافشال المشروع الإسلامي والوقوف عقبه أمام تطبيق شرع الله تنفيذاً لمخططات صهيونية وغربية لا تريد أن تتحول مصر إلي دولة اسلامية تقيم شرع وحدود الله ـ وخرج المشايخ علي منابر المساجد والدعاة علي القنوات الإسلامية يتبارون في سب وقذف المعارضين من سياسيين وكتاب ورؤساء أحزاب وغيرهم من الشخصيات العامة، ووصفهم بالعلمانيين والملحدين الذين لا إيمان ولا عهد لهم ـ وتحولت الخلافات السياسية حول الدستور إلي حرب دينية اقحم فيها المشايخ الدين لمناصرة "نعم" في تأييد الدستور وقرارات الرئيس ضد "لا" التي وصفوها بالتخريبية التي لا تريد استقراراً لمصر ولا ترضي علي حكم الإسلاميين.
الدعاة والمشايخ المنتشرون علي القنوات الاسلامية مثل (الرحمة والناس والحافظ)، فتحوا النار علي رموز المعارضة وعلي شباب الثورة وعلي كل من يخالف جماعة الاخوان المسلمين والتيارات السلفية في مواقفها المؤيدة للرئيس محمد مرسي وسياساته وقراراته ـ واستخدموا كل الأساليب في صد المعارضة ابتداء من الألفاظ البذيئة والعبارات الخارجة مرورا بالتحريض علي استخدام العنف والإعتداء بالضرب والسحل لكل من يعارض أو يهاجم جماعة الإخوان ومؤيدي الرئيس مرسي ـ مثل هؤلاء ممن يطلق عليهم دعاة أو مشايخ يبررون استخدامهم للسباب والشتائم وتحريضهم علي قتل وضرب المعارضين من السياسيين والأحزاب غير الإسلامية بقولهم إن ذلك أباحه الدين رداً علي المشركين والملحدين، مستشهدين ـ حسب كلامهم ـ بموقف للرسول سب فيه أحد المشركين وموقف لسيدنا أبوبكر الصديق سب فيه أحد المشركين في حضرة النبي.
الشيخ عبدالله بدر الذي أطل برأسه كداعية إسلامي علي قناة الحافظ مدعياً أنه أستاذ فقه ودعوة بجامعة الأزهر، واحد مما يطلق عليه دعاة، صاحب أكبر رصيد من السباب والشتائم في خطبه وبرنامجه ـ عبدالله بدر قال علي المعارضين في ميدان التحرير وأمام قصر الاتحادية "دول شوية جرابيع قاعدين في الميدان يغتصبوا البنات، 30 بنتا جردوهم من ملابسهم، دول بنات أوساخ واطيين رايحين الميدان علشان كده، ملهمش أهل يربوهم" واستمر أيضا في ألفاظه الخارجة التي لا تليق بداعية اسلامي قائلاً في وصف الشباب المتظاهر والمعتصم في ميدان التحرير وأمام قصر الاتحادية "شوية سفلة أوساخ لا ملة ولادين ولا أي حاجة، هزلت خلاص، القوالب نامت والوساخات قامت، اسمع ياد يا روح أمك :اللي هيرمش لنا هنخرم عينه" وتمادي عبدالله بدر في خطبه وأحاديثه علي قناة الحافظ قائلاً"لما شافوا العين الحمرا وخدوا علي دماغ أبوهم بطلوا كلام شوية السفلة الجربانين".وتابع عبدالله بدر هجومه علي الفنانات اللاتي نزلن إلي ميدان التحرير للتظاهر في المليونات الرافضة للإعلان الدستوري، وكما هاجم الفنانة إلهام شاهين، هاجم الفنانة ليلي علوي قائلاً"فنانة عاملة فيها بطلة.. نزلت الميدان مرمطوها كان فاضلها تكة وتطلع حامل.
ليس الداعية عبدالله بدر وحده هو من اطلق العنان للسانه ليسب ويلعن بل انضم له الداعية الدكتور شعبان محمود والذي يقال إنه استاذ بلاغة ونقد بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الازهر والمعروف إعلامياً بشيخ"هاتوله راجل"، محمود شعبان انضم إلي عبدالله بدر في قضية هجومه علي الفنانة إلهام شاهين وتبادل معه السباب علي القنوات الدينية وفي البرامج قائلاً "هل إلهام شاهين فوق النبي والإسلام حينما نذكر فعلها الذي فعلته ونقول كم واحداً اعتلاها فنتهم بالسب والقذف؟".. واستمر الداعية محمود شعبان في هجومه علي المعارضين المؤيدين لـ"لا" في الاستفتاء حول الدستور بعد اتهام المشايخ باستغلال المساجد في حث الناس علي التصويت بنعم للدستور، وقال شعبان: المسلمون مأمورون بالتحريض علي قول نعم فوق المنابر وفي كل مكان، ومن يقول إن المسلمين غير مأمورين بذلك كذاب، وأنا قلتها قبل أن أصعد علي المنبر "قلت من سيعترض علي قولي وأنا أدعو الناس للتصويت بنعم من فوق المنبر سأسحله بلساني وسيري مني ما لا يسره".
ويضيف شعبان "قلتها والله قبل ما أصعد علي المنبر ما نطق كلب"، لانهم يعلمون أنه لا منطق لهم، وقضية أن المسجد لا يقال فيه نعم كذب وافتراء ونحن قلنا ما فيه دين الله، واستمر الشيخ محمود شعبان في سبه وقال في برنامج ميزان القرآن الذي يقدمه الشيخ عاطف عبدالرشيد "رئيس الكنيسة الكذاب والله كذاب ولدي الدليل فالإخوة رصدوا اتصالات من مسيحيين بتحريض بعضهم البعض بالنزول والتصويت بلا في الاستفتاء".
نفس الأمر ينطبق علي الداعية خالد عبدالله مقدم برنامج مصر الجديدة علي قناة الناس، والشيخ محمود عبدالمقصود ـ هؤلاء الدعاة يستندون في لجوئهم إلي سب وشتم ومهاجمة المعارضين لهم إلي ما قاله الداعية عبدالله بدر إنه ورد عن الرسول صلي الله عليه وسلم انه سب مشركاً في واقعة ولعنه، وإن سيدنا أبوبكر سب مشركاً من قريش قائلاً له "امصص بظر اللات"، وقالوا إن ابن حجر علق علي هذه الواقعة قائلاً إنه يجوز القول الشنيع لمن يستحقه من المشركين، لكن هؤلاء الدعاة الذين استندوا لهذه المواقف في تجاوزهم بالقول مع معارضيهم في الرأي والاختلاف حول الدستور وقضايا نظام الحكم، فسروا واقعة ما ورد عن سب الرسول عليه الصلاة والسلام كما يحلو لهم ـ نقلاً عن حديث رواه البخاري وأحمد في مسنده عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم قالا: أتي عروة بن مسعود ـ فجعل يكلم النبي صلي الله عليه وسلم فقال النبي نحوا من قوله لبديل، فقال عروة عند ذلك: يا محمد أرأيت إن استأصلت أمر قومك هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أهله قبلك، وإن تكن الأخري فإني والله لأري وجوها من الناس خليقاً أن يفروا ويدعوك، فقال له أبو بكر: امصص ببظر اللات، أنحن نفر عنه وندعه.وقال الحافظ في الفتح: وكانت عادة العرب الشتم بذلك لكن بلفظ الأم، فأراد أبو بكر المبالغة في سب عروة بإقامة من كان يعبدمقام أمه، وحمله علي ذلك ما أغضبه به من نسبة المسلمين إلي الفرار وفيه جواز النطق بما يستبشع من الألفاظ لإرادة زجر من بدا منه ما يستحق به ذلك. وقال ابن النمير في قول أبي بكر: تخسيس للعدو، وتكذيبهم، وتعريض بإلزامهم من قولهم إن اللات بنت الله ـ تعالي الله عن ذلك علواً كبيراً ـ بأنها لو كانت بنتا لكان لها ما يكون للإناث.
بعض مشايخ السلفية خاصة السلفية الجهادية تستند إلي مثل هذه الأحاديث في تبريرات سب ولعن المعارضين والمخالفين في الرأي مع أن الواقعة حسب سندهم كانت الوحيدة التي سب فيها سيدنا أبوبكر وكانت رداً علي مشرك وليس مخالفاً في الرأي وأمور السياسة ـ أيضا تستند بعض السلفية وخاصة السلفية الجهادية والتي كانت مواقعها منتشرة علي الانترنت والتي تطالب بالجهاد وقتال واغتيال المخالفين للمشروع الإسلامي وتطبيق شرع الله ـ حسب وصفهم ـ إلا أن الرسول صلي الله عليه وسلم وضع قائمة اغتيالات لليهود والمشركين ويتقولون هذا علي النبي ـ ويرون انه مباح لهم أن يغتالوا من يخرج عن شرع الله ويقف في وجه تطبيقه حسب رؤيتهم ـ ويقول مثل هؤلاء المشايخ والدعاة علي صفحاتهم ومواقعهم الجهادية في تبرير اللجوء إلي القتل والاغتيال لأي شخصيات سواء كانت سياسية معارضة من أي فصيل، لقد جرت أوامر النبي صلي الله عليه وسلم علي قتل من سبه وشتمه وآذي دين الله وتآمر علي المسلمين من اليهود خاصة، وندب النبي صلي الله عليه وسلم إلي اغتيال كل من آذي الله ورسوله، وقد كان الصحابة رضي الله عنهم السهم الذي يرمي به النبي صلي الله عليه وسلم أولئك الذين يشتمون دين الله، ويسخرون من رسول الله.ويضيف هؤلاء الدعاة أن الصحابة وضعوا قائمة اغتيالات للكفار والمرتدين ومن آذي رسول الله ومن سبه وشاتمه، واغتيال أئمة الكفر الذين يحاربون الله ويؤذون رسوله من المسائل التي لم يختلف عليها أحد من سلف هذه الأمة، ويستشهد أصحاب هذه النظرية بأن الصحابة وضعوا هذه القائمة بالاغتيالات ونفذوها، منها واقعة اغتيال كعب بن الأشرف ـ عن جابر بن عبدالله قال(صلي الله عليه وسلم): من لكعب بن الأشرف فإنه آذي الله ورسوله؟ فقام الصحابي محمد بن مسلمة بإعداد خطة تمكن بها من التقرب إلي كعب بن الأشرف حتي قتله. وفي واقعة اغتيال أبي رافع بن أبي الحقيق وكان تاجراً يهودياً يؤلب الكفار علي المسلمين، فبعث الرسول إليه رجالا من الأنصار عليهم عبدالله بن عتيك فاقتحم عليه حصنه وطعنه بالسيف في بطنه حتي أنفذه من ظهره ـ واغتيال خالد بن سفيان الهذلي وكان قد جمع الجموع لغزو النبي في المدينة، فدعا النبي الصحابي عبدالله بن أنيس وأمره بقتله، فذهب عبدالله إليه وتقرب منه حتي قتله وأخذ رأسه ـ وواقعة اغتيال يهودية شتمت النبي، روي الشعبي عن علي أن يهودية كانت تشتم النبي (صلي الله عليه وسلم) وتقع فيه فخنقها رجل حتي ماتت فأهدر النبي دمهاـ واغتيال جاسوس للمشركين، عن سلمة بن الأكوع قال: أتي النبي عين من المشركين فجلس عند أصحابه يتحدث ثم انتقل فقال النبي اطلبوه فاقتلوه فلحقه سلمة وقتله وأخذ ناقته ـ واغتيال العصماء بنت مروان، وقد كانت تؤذي النبي وتعيب الإسلام وتحرض علي النبي فلما بلغ الصحابي عمير بن عدي قولها أخذ علي نفسه عهداً أن يقتلها فدخل عليها بيتها في جوف الليل وحولها أولادها نيام وعلي صدرها طفل ترضعه فنحاه عنها ثم وضع سيفه علي صدرها حتي أنفذه من ظهرها، ثم خرج حتي صلي الصبح مع النبي وخشي أن يكون افتأت علي النبي بقتلها فقال هل علي في ذلك بشئ يا رسول الله؟ قال: لا ينتطح فيها عنزان والتفت النبي إلي أصحابه وقال: إذا أحببتم أن تنظروا إلي رجل نصر الله ورسوله بالغيب فانظروا إلي عمير بن عدي. وواقعة اغتيال أبي عفك اليهودي وكان شيخاً كبيراً جاوز مائة وعشرين سنة حتي حين قدم النبي المدينة وكان يحرض علي عداوة النبي ( صلي الله عليه وسلم ) فلما خرج النبي إلي بدر وأظفره الله حسده أبي عفك وهجا النبي بقصيدة وذم أصحابه، فأقبل عليه سالم بن عمير فوضع السيف علي كبده حتي قتله ـ هذه نماذج ساقها الدعاة السلفيون علي مواقعهم الجهادية في إباحة القتل والاغتيال بتهمة الزندقة وسب الله ورسوله ـ ولكن هذه الجماعات تخلط بين هذه المواقف التي تعرض لها الرسول وبين ما يحدث الآن وتستند إلي هذه المواقف في تبريرات دعوتها بالقتل واغتيال من يعارض الإسلام ـ حسب وصفهم.
تم نسخ الرابط