معلومات لا تعرفها عن مشروع ”الحفاء” الذى أنقذ الفلاحين من الأمراض

حاف القدمين، عارى الرأس، فارغ المعدة، مهموم بالأزمات .. كانت هذه العبارات وراء اتجاه الدولة فى حقبة الأربعينيات للتفكير فى الرعاية الاجتماعية الأمثل للمواطن المصرى البسيط، بعدما هاجمته الأمراض المزمنة والأخلاى المستوطنة فى الدم، فكان توجيه الملك فاروق الأول لرئيس الحكومة حسين سري باشا، لإصدار قرار بتشكيل لجنة مركزية لدراسة «مشروع الحفاء»، فى عام 1941، وتابع فاروق الأمر بعناية شديدة، بعدما أدرك الملك حجم المعاناة التى يواجهها الفلاح البسيط من خلال ظهوره فى الحياة حافى القدمين بلا أحذية أو نعال، وهو ما تسبب فى إصابته بالأمراض الوبائية والمستوطنة نتيجةً التصاق الطفيليات بقدمه وتسربها إلى جسده.
ومنذ إطلاق مشروع «الحفاء»، دعت الحكومة المصريين للتبرع والمشاركة فى التأسيس، وأسهم نحو 22 فردًا بأموالهم فى التأسيس فوصل المبلغ إلى 38 ألف جنيه، وتبرعت 14 هيئة وشركة ومديرية بمبالغ وصلت إلى عشرة آلاف و114 جنيهًا، وتشير المستندات التاريخية إلى أن أكبر هذه المبالغ التى تم التبرع بها من مديرية أسيوط بـ6 آلاف و500 جنيه.
وكان لوزير الشؤون الاجتماعية وقتها، عبدالجليل باشا، اقتراحا بأن يشمل المشروع كل البسطاء والغلابة وألا يقتصر فقط على الحفاة، وهو ما كان له أثره البالغ حيث تم تحديد زي شعبي يتناسب مع المواطن المصري، بالإضافة إلى غطاء للرأس لحمايته من آشعة الشمس، وتم الاتفاق مع شركة مصر للنسيج لإنتاج زي كامل عبارة عن جاكيت طويل وبنطلون، وكان يتم بيعه للمواطن بنحو 20 قرشًا، وتتحمل لجنة مكافحة الحفاء 5 قروش من ثمنه، وأوردت مجلة «المصور» وقتها عائد الإعلانات لمكافحة الحفاء.
ويشار إلى أن الملك فاروق الأول، قام بافتتاح «مؤسسة الحفاء» في 6 يناير 1950، بتكلفة قدرها 130 ألف جنيه، وقيل إنه تم شراء أحذية للمحتاجين منها بمبلغ 50 ألف جنيه.
وأوضح وقتها وزير الأشغال العمومية المهندس مراد فهمي، أن المؤسسة تنتج 1500 حذاء يوميًّا، ويتم بيعه للعامة بتكلفة 30 قرشًا، مقابل 10 قروشا، للطلاب.
ولفت وقتها «فهمي» إلى أن إعانة الحكومة بالنسبة لسعر الأحذية لطلاب المدارس يتم توجيهها من المبلغ المقدر بـ50 ألف جنيه، واستثنى من ذلك أموال التبرعات وإيراد اليانصيب، وأشار إلى أن المؤسسة يعمل بها 150 عاملًا بينهم 50 من الملاجئ، وكان العمل يتم بشكل يدوي إلى أن تصل الأجهزة الميكانيكية التي وعد بها «فهمي»، والذي رأى عدم ضرورة تعطيل العمل بالمصنع .
وأعلن حينها عبدالخالق حسونة، كبير الياوران، أنه تم إنفاق 60 ألف جنيه على إنشاء المؤسسة، على أن يكون إنتاجها اليومي يتراوح بين 400 : 500 حذاء.