القصة الكاملة لـ«إمبراطوار» الدواء الغامض في مصر
بدأ حياته موظفاً صغيراً.. وثروته الآن تقترب من الـ10 مليارات جنيه
حسن عباس حلمي
أزمة حادة تشهدها أروقة شركة فاركو للأدوية بمحافظة الإسكندرية عقب قيامها بطرد مايقرب من 5 آلاف عامل وهو مايهدد صناعة الدواء عامة في مصر في ظل نقص حاد لهذه السلعة خلال الشهور الماضية.. القصة تعود إلي عدة شهور مضت بعد قيام المسئولين عن الشركة بإغلاقها بزعم أعمال الصيانة وهو مافسره البعض علي أنه وسيلة ضغط من قبل الدكتور حسن عباس حلمي صاحب الشركة علي الحكومة المصرية لإلزامها برفع أسعار الأدوية.. هذا من جانب.. لكن من جانب آخر "الموجز" قررت أن تفتح ملف هذا الإمبراطور الغامض الذي يعد أحد أهم المسيطرين علي هذه الصناعة في مصر والشرق الأوسط والذي يتردد أن ثروته تتعدي الـ10 مليارات جنيه.. ينتسب "حلمي" إلي أسرة متوسطة الحال تقطن بإحدي الأحياء القديمة بالإسكندرية بمنطقة الورديان وهي نفس المنطقة التي يسكن بها ابن خالته الفنان محمود عبدالعزيز، والده كان يعمل ناظرا بالتربية والتعليم وتوفي قبل أن يكمل "حلمي" العشرين عاما، تخرج في كلية الطب جامعة الإسكندرية عام 1953، وحصل علي دبلومات عديدة في صيدلة المستشفيات والصيدلة الصناعية.
تدرج "إمبراطور الأدوية" في الوظائف الحكومية كأي شاب مثله في هذه السن، حيث عمل في البداية صيدليا بمستشفيات جامعة الإسكندرية ثم في شركة الإسكندرية للأدوية، وتدرج في المناصب الحكومية حتي شغل منصب مدير عام التخطيط والمتابعة والإحصاء والعلاقات ومدير عام التصدير بالمؤسسة المصرية العامة للأدوية تعلم خلالها كيفية صناعة الأدوية، ترك بعدها الوظيفة الحكومية وتقدم باستقالته وقام بتسوية معاشه، أعقب ذلك افتتاحه صيدلية بمنطقة جليم عام 1957، وقام بنفسه بتصنيع مستحضر أمينوفللين لبوس وهو موسع للشعب الهوائية واستمر الرجل في عمله حتي جاء العام 1978 والذي قام فيه بإنشاء شركة الإسلامية للأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية "فاركو" بالمشاركة مع بنك فيصل الإسلامي وكانت جميع منتجاتها خالية من الكحول ودهون الخنازير -بحسب تصريحات منسوبه له-، حصل بنك فيصل علي نسبة 54% من أسهم الشركة والباقي كان عبارة عن مجموعة من المساهمين وشارك البنك بـ2 مليون دولار أي ما يعادل المليون و660 ألف جنيه مصري في هذه الأثناء.
وفي أوائل التسعينيات تعرض بنك فيصل لتعثر مالي دفعه إلي بيع حصته في الشركة بـ120 مليون جنيه بعد أن حقق أرباحا تزيد علي 118 مليون جنيه، وقام "حلمي" بشراء هذه الحصة، كما استطاع بعد 10 سنوات أن يشتري شركة "رون بلانك" والمعروفة باسم العامرية للصناعات الدوائية "بتراب الفلوس" كما يقال، وذلك بعد أزمة مالية تعرضت لها الشركة وأجبر صاحبها يسري جعفر إلي طرحها للبيع، وهنا تظهر علامات استفهام لاتوجد إجابة شافية لها كيف يتعثر كل شركاء الرجل ويشتري هو؟!.. وعلي الرغم من أن "حلمي" لم يكن يمتلك مبلغ الـ450 مليون جنيه آنذاك لشرائها، إلا أن تدخل أحد محافظي الإسكندرية السابقين وجمال مبارك نجل الرئيس الأسبق كان له أثر السحر، حيث صدرت الأوامر بصورة مباشرة أن تباع الشركة لحسن عباس حلمي بالكامل بقرض من أحد البنوك علي أن يسدد ثمنها من إنتاج الشركة فيما بعد.
واستطاع "حلمي" بعدها ضم عدد من الشركات إلي إمبراطوريته منها الأوروبية المصرية للصناعات الدوائية، سيف فارما، تكنو فارما إيجيبت، فاركو بي العالمية، فاركو امبكس، وفاركو التجارية، حتي أصحبت مجموعة فاركو الرقم الصعب في سوق الدواء علي مستوي مصر والشرق الأوسط، والكثير من دول العالم، ويعمل بمجموعة فاركو أكثر من 5700 موظف، وازدادت مبيعاتها لتصل إلي أكثر من 345 مليون وحدة في المبيعات، واستطاعت الحصول علي الترتيب رقم واحد في سوق الدواء المصري حتي بلغت حصتها 13.2% في عام 2011، بجانب ذلك فهو يمتلك عدة شركات بالخارج خصوصا في دولتي السعودية ورومانيا.
علي التوازي اهتم "حلمي" بجانب شركاته الدوائية "بالروتاري" فأسس أندية روتاري فاروس ومريوط ومارين، حتي تمكن من أن يشغل منصب محافظ المنطقة الروتارية 2450 في العام 2006 وتضم عدة دول هي مصر والسودان ورومانيا وجورجيا وقبرص ولبنان والأردن والإمارات، استطاع من خلالها تكوين شبكة علاقات علي مستوي العالم، وربما كانت "روتاري" همزة الوصل للعديد من الصفقات التي استفاد منها الرجل علي مر السنوات.
في 17 يوليو 2011 قدم "حلمي" تبرعا بمبلغ 250 مليون جنيه، لدعم مشروع مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا شريطة أن يكون مركز الإسكندرية للتدريب والأبحاث في مجال العلوم الصيدلانية، تابعا للمدينة لربط الأبحاث العلمية بالمجال التطبيقي في صناعة دواء المستقبل في مصر، لم يكن لقاء التبرع هو الأول الذي جمع بين عباس والدكتور أحمد زويل كما صرح كلاهما وإنما سبقه لقاء قبل 12عاما، أبدي وقتها كل منهما رغبته في التعاون المشترك لتوظيف البحث العلمي في خدمة الصناعة من خلال كيان تكنولوجي أسوة بما هو موجود في اليابان وأمريكا وأوروبا.. الغريب في هذا الأمر أنه تم إعفاء الرجل من الضرائب علي شركاته مقابل تبرعه بهذا المبلغ وبحسب مصادر أيضا استطاع "حلمي" فرض هيمنته علي مدينة زويل مستغلا الجامعة في الأبحاث العلمية لصالح شركاته، وهو ما اتضح بعد ذلك خلال لقاء نجله "ياشار" مع رئيس دولة رومانيا والذي أطلعه فيها علي آخر تطورات البحث العلمي بمشروع نهضة مصر العلمية بمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا..
بجانب إمبراطوريته في مجال الدواء اتجه الرجل إلي بيزنس المدارس الخاصة حيث أنشأ مدارس حسن عباس حلمي التجريبية لغات بمدينة برج العرب الجديدة ومدارس حسن عباس حلمي الثانوية بنين بالهانوفيل ودور للمسنين بسموحة وكرموز ورشدي ومدرستي الصفوة للغات بالكينج مريوط وعباس حلمي الثانوية بالعجمي، ومعهد إعداد الدعاة وتحفيظ القران بمحرم بك، والمجمع العلمي للبحوث الدوائية بجامعة الإسكندرية.
وبمنطقة كينج مريوط بالإسكندرية وهي المنطقة التي اختارها أثرياء وعلية القوم بالمحافظة للسكن، وخلف سياج الأسوار العالية والحراسات المشددة تقع مجموعة من الفيلل والقصور بالقرب من مطار برج العرب يسكن بها الدكتور حسن عباس حلمي وعائلته وأحفاده الثمانية، ليكونوا جيران أشهر رجال أعمال محافظة الثغر بنفس المنطقة من بينهم عائلة زهران ورجب ورشيد.
تاريخه العائلي يشير إلي أنه متزوج من الدكتورة نيكار أحمد كمال ولديه ولدان هم ياشار متزوج من ميران محمود هيمن، ونجله الثاني الدكتور شرين وهو متزوج من نيهال كمال فريد.
"المعلومات المتوافرة عن ياشار" تؤكد أنه صاحب النفوذ والعلاقات الخاصة مع رجال الإعلام والفن، وهو الرئيس التنفيذي لشركة فاركو أمبكس رومانيا، أطلقت عليه الصحافة الرومانية لقب "الفرعون المصري" وحصل علي عدد من الجوائز تقديرا لمجهوداته في الصحة والعلوم من نفس الدولة، تم تسجيل الشركة عام 1993 وقام الدكتور عاطف عبيد، رئيس وزراء مصر الأسبق، بوضع حجر الأساس لها، أثناء زيارته علي رأس وفد وزاري لرومانيا، بحضور الدكتور حسن عباس حلمي.
أما الدكتور شرين حسن عباس حلمي علي عكس شخصية شقيقه ياشار فهو حاصل علي دكتوراه في تأثير القيم الإسلامية في حل المنازعات الإسلامية، وهو شخص صوفي وله طريقة وهي العشيرة المحمدية مع الدكتور أحمد عمر هاشم ورائد الطريقة هو الشيخ المرحوم محمد زكي إبراهيم، قدم الرجل عدة حلقات لبرنامج ديني علي قناة دريم الفضائية، يعرف عنه حسن السمعة يتردد انه متعاطف مع التيارات الدينية وانه خريج معهد الدعاة كما أنه يتحدث 5 لغات، بالإضافة إلي أنه نائب رئيس مجلس إدارة شركة فاركو للأدوية.
وبالعودة إلي الأب فقد أقام بداية العام الحالي حفل زفاف حفيده سيف ياشار حلمي الذي تكلف أكثر من 5 ملايين جنيه بفندق فورسيزون جاردن سيتي، وحضر الفرح أكثر من ألف مدعو من القاهرة والإسكندرية، ذهبت الخمسة ملايين جنيه ما بين الديكور والبوفيه والفقرات الغنائية الأجنبية والمصرية، حيث تكلف ديكور الفرح فقط 2 مليون جنيه، وأحياه المطرب عمرو دياب الذي تقاضي أجرا قدره نصف مليون جنيه وغنت مطربة فرنسية اسمها لافلي لورا التي قدمت فقرة غنائية بجانب عزفها علي آلة الساكس الموسيقية، وأحيا الفرح أيضاً فرقة لبنانية استعراضية تقاضت أجرها بالدولار.
بوفيه الفرح شمل استاكوزا مشوحة وجمبري جامبو وبطارخ مستوردة وكافيار بولجا الروسي الذي تم إحضاره من دولة روسيا بجانب أيضاً السيمون فيميه ولحوم الطاووس والنعام والغزلان والخرفان التي تكلفت أكثر من مليون جنيه، ومن سويسرا وفرنسا تم إحضار الحلويات والشيكولاتات التي تم وضعها علي موائد المدعوين.
وحضره كل من الدكتور مصطفي السيد والدكتور أحمد زويل ومرشح الرئاسة السابق عمرو موسي وعبدالسلام المحجوب ومجموعة كبيرة من المسئولين الحاليين والسابقين.
وعمال شركاته يصرخون:
أهدر حقوقنا ويهدد أولادنا بالتشرد
وحول الأزمة المثارة بينه وبين عمال شركاته الذي يبلغ عددهم 5 آلاف عامل التقت "الموجز" عددا مع الموظفين لديه خصوصا بعدما تردد حول عقده جلسة مغلقة حضرها كل من الدكتور شرين عباس حلمي واللواء طارق مهدي محافظ الإسكندرية وممثل عن العمال، علي هامش ندوة لجمعية رجال أعمال الإسكندرية بالفورسيزون بسان استيفانو "عن معوقات الصناعة في مصر".
من جانبه نفي محمد عبدالحميد، رئيس النقابة المستقلة بشركة فاركو للأدوية، عقد أي جلسة للصلح مع إدارة الشركة بالفورسيزون، مشيرا إلي أنهم فوجئوا بقرار الإدارة الذي صدر يوم 14/11 بمد إغلاق المصنع حتي نهاية الشهر بدعوي الصيانة، مؤكدا أن قرار إغلاق الشركة لم يحدث من قبل وهو ما أثار مخاوف العمال من قيام الشركة بالاستغناء عنهم أو طردهم.
وأضاف: "قبل قيام ثورة 25 يناير كنا نتحدث عن الأرباح باستحياء وكان تصرفا في شكل منحة من الشركة، لكننا طالبنا بها بعد الثورة بشكل صريح ورسمي بزيادة 17% علي الأساسي وحد أقصي 12 شهرا، وبالفعل أبرم اتفاق بيننا وبين الدكتور شرين ممثل الشركة والقوي العاملة وممثل المجلس العسكري في 25 /9/ 2011 "، مشيرا إلي أن قرار الإدارة القاضي بتخفيض أرباح ومكافآت العمال أدي إلي نشوب الأزمة الحالية.
وأوضح "عبدالحميد" أن باب التفاوض مفتوح والعمال يسلكون الطرق القانونية من خلال مكتب العمل ووزارة القوي العاملة، بالإضافة إلي تدخل أعضاء النقابة العامة للكيماويات بحضور جلسات للتفاوض باسم العمال بشكل ودي، لافتا إلي أنهم ليسوا في خصومة مع أصحاب الشركة".
من جانبه أكد أحد العمال ــ رفض ذكر اسمه ــ أن عددا من الحلول قدمها العمال للدكتور شرين حلمي للخروج من الأزمة الحالية غير انه قابلها بالرفض، لافتا إلي أنهم في طريقهم لتصعيد مطالبهم لأعلي الجهات المسئولة بالدولة لحلها، مشددا علي أنهم لن يتنازلوا عن نسبة أرباح 17% وصرف 50% من سلفة الأرباح.
و شهدت شركة "فاركو للأدوية"، احتجاجات وتظاهرات 5 آلاف عامل، بعد استمرار رفض القائمين علي إلادارة تنفيذ الاتفاق بين الشركة والعمال عقب ثورة 25 يناير، وهدد العاملون بتصعيد احتجاجاتهم، مطالبين بصرف الأرباح السنوية بمعدل 17% وفق البند المتفق عليه مع الشركة في عام 2011، وصرف 50% من سلفة الأرباح، ومجموع العلاوات، وصرف بدلات مخاطر كيميائية وميكانيكية، وتنازل الشركة عن البلاغات الكيدية التي قدمت ضد عدد من العاملين، فضلا عن إقامة نقابة مستقلة لعمال الشركة.
وأكد العاملون بالشركة أنهم انتظروا صرف الأرباح والعلاوات التي تم الاتفاق مع الشركة عليها منذ عامين، إلا أنها تأخرت في الصرف، مما اضطرهم إلي الإضراب الجزئي بمعدل ساعة لكل وردية، لحث الشركة علي الالتزام باتفاقها، إلا أن الشركة فاجأت العاملين بتخفيض العلاوة إلي 10%.
ومع ارتفاع سخونة أزمة عمال فاركو للأدوية ظهرت أزمة أكثر صعوبة لا يدفع ثمنها سوي غلابة الوطن، حيث كشف مسئولون في نقابة الصيادلة عن اختفاء نحو 400 صنف دوائي من الأسواق، فيما أكدوا أن وزارة الصحة بالاتفاق بين شركات قطاع الأعمال ستقوم برفع أسعار جميع الأدوية ذات السعر الأقل من 5 جنيهات.
وفي تصريحات صحفية للدكتور صلاح كريم، رئيس لجنة التصنيع الدوائي بالنقابة العامة للصيادلة، أكد فيها أن السوق الدوائية والصيدليات تعاني من نقص نحو 400 صنف دوائي من المستحضرات الأساسية والحيوية بالنسبة للمستشفيات الحكومية والعمليات الجراحية وخلافه.
وكشف "كريم"، أن هناك اتجاها داخل وزارة الصحة بالاتفاق مع النقابة العامة للصيادلة وشركتي "القابضة للأدوية" و"القومية للأدوية" بزيادة أسعار جميع الأدوية الأقل من 5 جنيهات خلال الفترة المقبلة، ولم يتم الإعلان عن هذه الزيادة حتي الآن.
هذه التصريحات جعلت للرواية أبعادا أخري بعد تأكيد خبراء في مجال الصيدلة والأدوية أن أزمة شركة فاركو قد تتسبب خلال الأسابيع القادمة في نقص أكثر من 300 منتج دوائي بالسوق، واصفين قرار الإغلاق بالكارثي وهو ما يهدد بارتفاع أسعار الدواء بمصر بشكل جنوني، خاصة في ظل مايتردد حول طلب الدكتور شرين حلمي الحكومة أكثر من مرة برفع سعر الدواء مع ارتفاع أسعار المواد الخام وسعر الدولار، حيث تخضع منتجات وأدوية الشركة إلي التسعيرة القديمة إلا أن الحكومة قابلت طلبه بالرفض.
حسن عباس حلمي
أزمة حادة تشهدها أروقة شركة فاركو للأدوية بمحافظة الإسكندرية عقب قيامها بطرد مايقرب من 5 آلاف عامل وهو مايهدد صناعة الدواء عامة في مصر في ظل نقص حاد لهذه السلعة خلال الشهور الماضية.. القصة تعود إلي عدة شهور مضت بعد قيام المسئولين عن الشركة بإغلاقها بزعم أعمال الصيانة وهو مافسره البعض علي أنه وسيلة ضغط من قبل الدكتور حسن عباس حلمي صاحب الشركة علي الحكومة المصرية لإلزامها برفع أسعار الأدوية.. هذا من جانب.. لكن من جانب آخر "الموجز" قررت أن تفتح ملف هذا الإمبراطور الغامض الذي يعد أحد أهم المسيطرين علي هذه الصناعة في مصر والشرق الأوسط والذي يتردد أن ثروته تتعدي الـ10 مليارات جنيه.. ينتسب "حلمي" إلي أسرة متوسطة الحال تقطن بإحدي الأحياء القديمة بالإسكندرية بمنطقة الورديان وهي نفس المنطقة التي يسكن بها ابن خالته الفنان محمود عبدالعزيز، والده كان يعمل ناظرا بالتربية والتعليم وتوفي قبل أن يكمل "حلمي" العشرين عاما، تخرج في كلية الطب جامعة الإسكندرية عام 1953، وحصل علي دبلومات عديدة في صيدلة المستشفيات والصيدلة الصناعية.
تدرج "إمبراطور الأدوية" في الوظائف الحكومية كأي شاب مثله في هذه السن، حيث عمل في البداية صيدليا بمستشفيات جامعة الإسكندرية ثم في شركة الإسكندرية للأدوية، وتدرج في المناصب الحكومية حتي شغل منصب مدير عام التخطيط والمتابعة والإحصاء والعلاقات ومدير عام التصدير بالمؤسسة المصرية العامة للأدوية تعلم خلالها كيفية صناعة الأدوية، ترك بعدها الوظيفة الحكومية وتقدم باستقالته وقام بتسوية معاشه، أعقب ذلك افتتاحه صيدلية بمنطقة جليم عام 1957، وقام بنفسه بتصنيع مستحضر أمينوفللين لبوس وهو موسع للشعب الهوائية واستمر الرجل في عمله حتي جاء العام 1978 والذي قام فيه بإنشاء شركة الإسلامية للأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية "فاركو" بالمشاركة مع بنك فيصل الإسلامي وكانت جميع منتجاتها خالية من الكحول ودهون الخنازير -بحسب تصريحات منسوبه له-، حصل بنك فيصل علي نسبة 54% من أسهم الشركة والباقي كان عبارة عن مجموعة من المساهمين وشارك البنك بـ2 مليون دولار أي ما يعادل المليون و660 ألف جنيه مصري في هذه الأثناء.
وفي أوائل التسعينيات تعرض بنك فيصل لتعثر مالي دفعه إلي بيع حصته في الشركة بـ120 مليون جنيه بعد أن حقق أرباحا تزيد علي 118 مليون جنيه، وقام "حلمي" بشراء هذه الحصة، كما استطاع بعد 10 سنوات أن يشتري شركة "رون بلانك" والمعروفة باسم العامرية للصناعات الدوائية "بتراب الفلوس" كما يقال، وذلك بعد أزمة مالية تعرضت لها الشركة وأجبر صاحبها يسري جعفر إلي طرحها للبيع، وهنا تظهر علامات استفهام لاتوجد إجابة شافية لها كيف يتعثر كل شركاء الرجل ويشتري هو؟!.. وعلي الرغم من أن "حلمي" لم يكن يمتلك مبلغ الـ450 مليون جنيه آنذاك لشرائها، إلا أن تدخل أحد محافظي الإسكندرية السابقين وجمال مبارك نجل الرئيس الأسبق كان له أثر السحر، حيث صدرت الأوامر بصورة مباشرة أن تباع الشركة لحسن عباس حلمي بالكامل بقرض من أحد البنوك علي أن يسدد ثمنها من إنتاج الشركة فيما بعد.
واستطاع "حلمي" بعدها ضم عدد من الشركات إلي إمبراطوريته منها الأوروبية المصرية للصناعات الدوائية، سيف فارما، تكنو فارما إيجيبت، فاركو بي العالمية، فاركو امبكس، وفاركو التجارية، حتي أصحبت مجموعة فاركو الرقم الصعب في سوق الدواء علي مستوي مصر والشرق الأوسط، والكثير من دول العالم، ويعمل بمجموعة فاركو أكثر من 5700 موظف، وازدادت مبيعاتها لتصل إلي أكثر من 345 مليون وحدة في المبيعات، واستطاعت الحصول علي الترتيب رقم واحد في سوق الدواء المصري حتي بلغت حصتها 13.2% في عام 2011، بجانب ذلك فهو يمتلك عدة شركات بالخارج خصوصا في دولتي السعودية ورومانيا.
علي التوازي اهتم "حلمي" بجانب شركاته الدوائية "بالروتاري" فأسس أندية روتاري فاروس ومريوط ومارين، حتي تمكن من أن يشغل منصب محافظ المنطقة الروتارية 2450 في العام 2006 وتضم عدة دول هي مصر والسودان ورومانيا وجورجيا وقبرص ولبنان والأردن والإمارات، استطاع من خلالها تكوين شبكة علاقات علي مستوي العالم، وربما كانت "روتاري" همزة الوصل للعديد من الصفقات التي استفاد منها الرجل علي مر السنوات.
في 17 يوليو 2011 قدم "حلمي" تبرعا بمبلغ 250 مليون جنيه، لدعم مشروع مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا شريطة أن يكون مركز الإسكندرية للتدريب والأبحاث في مجال العلوم الصيدلانية، تابعا للمدينة لربط الأبحاث العلمية بالمجال التطبيقي في صناعة دواء المستقبل في مصر، لم يكن لقاء التبرع هو الأول الذي جمع بين عباس والدكتور أحمد زويل كما صرح كلاهما وإنما سبقه لقاء قبل 12عاما، أبدي وقتها كل منهما رغبته في التعاون المشترك لتوظيف البحث العلمي في خدمة الصناعة من خلال كيان تكنولوجي أسوة بما هو موجود في اليابان وأمريكا وأوروبا.. الغريب في هذا الأمر أنه تم إعفاء الرجل من الضرائب علي شركاته مقابل تبرعه بهذا المبلغ وبحسب مصادر أيضا استطاع "حلمي" فرض هيمنته علي مدينة زويل مستغلا الجامعة في الأبحاث العلمية لصالح شركاته، وهو ما اتضح بعد ذلك خلال لقاء نجله "ياشار" مع رئيس دولة رومانيا والذي أطلعه فيها علي آخر تطورات البحث العلمي بمشروع نهضة مصر العلمية بمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا..
بجانب إمبراطوريته في مجال الدواء اتجه الرجل إلي بيزنس المدارس الخاصة حيث أنشأ مدارس حسن عباس حلمي التجريبية لغات بمدينة برج العرب الجديدة ومدارس حسن عباس حلمي الثانوية بنين بالهانوفيل ودور للمسنين بسموحة وكرموز ورشدي ومدرستي الصفوة للغات بالكينج مريوط وعباس حلمي الثانوية بالعجمي، ومعهد إعداد الدعاة وتحفيظ القران بمحرم بك، والمجمع العلمي للبحوث الدوائية بجامعة الإسكندرية.
وبمنطقة كينج مريوط بالإسكندرية وهي المنطقة التي اختارها أثرياء وعلية القوم بالمحافظة للسكن، وخلف سياج الأسوار العالية والحراسات المشددة تقع مجموعة من الفيلل والقصور بالقرب من مطار برج العرب يسكن بها الدكتور حسن عباس حلمي وعائلته وأحفاده الثمانية، ليكونوا جيران أشهر رجال أعمال محافظة الثغر بنفس المنطقة من بينهم عائلة زهران ورجب ورشيد.
تاريخه العائلي يشير إلي أنه متزوج من الدكتورة نيكار أحمد كمال ولديه ولدان هم ياشار متزوج من ميران محمود هيمن، ونجله الثاني الدكتور شرين وهو متزوج من نيهال كمال فريد.
"المعلومات المتوافرة عن ياشار" تؤكد أنه صاحب النفوذ والعلاقات الخاصة مع رجال الإعلام والفن، وهو الرئيس التنفيذي لشركة فاركو أمبكس رومانيا، أطلقت عليه الصحافة الرومانية لقب "الفرعون المصري" وحصل علي عدد من الجوائز تقديرا لمجهوداته في الصحة والعلوم من نفس الدولة، تم تسجيل الشركة عام 1993 وقام الدكتور عاطف عبيد، رئيس وزراء مصر الأسبق، بوضع حجر الأساس لها، أثناء زيارته علي رأس وفد وزاري لرومانيا، بحضور الدكتور حسن عباس حلمي.
أما الدكتور شرين حسن عباس حلمي علي عكس شخصية شقيقه ياشار فهو حاصل علي دكتوراه في تأثير القيم الإسلامية في حل المنازعات الإسلامية، وهو شخص صوفي وله طريقة وهي العشيرة المحمدية مع الدكتور أحمد عمر هاشم ورائد الطريقة هو الشيخ المرحوم محمد زكي إبراهيم، قدم الرجل عدة حلقات لبرنامج ديني علي قناة دريم الفضائية، يعرف عنه حسن السمعة يتردد انه متعاطف مع التيارات الدينية وانه خريج معهد الدعاة كما أنه يتحدث 5 لغات، بالإضافة إلي أنه نائب رئيس مجلس إدارة شركة فاركو للأدوية.
وبالعودة إلي الأب فقد أقام بداية العام الحالي حفل زفاف حفيده سيف ياشار حلمي الذي تكلف أكثر من 5 ملايين جنيه بفندق فورسيزون جاردن سيتي، وحضر الفرح أكثر من ألف مدعو من القاهرة والإسكندرية، ذهبت الخمسة ملايين جنيه ما بين الديكور والبوفيه والفقرات الغنائية الأجنبية والمصرية، حيث تكلف ديكور الفرح فقط 2 مليون جنيه، وأحياه المطرب عمرو دياب الذي تقاضي أجرا قدره نصف مليون جنيه وغنت مطربة فرنسية اسمها لافلي لورا التي قدمت فقرة غنائية بجانب عزفها علي آلة الساكس الموسيقية، وأحيا الفرح أيضاً فرقة لبنانية استعراضية تقاضت أجرها بالدولار.
بوفيه الفرح شمل استاكوزا مشوحة وجمبري جامبو وبطارخ مستوردة وكافيار بولجا الروسي الذي تم إحضاره من دولة روسيا بجانب أيضاً السيمون فيميه ولحوم الطاووس والنعام والغزلان والخرفان التي تكلفت أكثر من مليون جنيه، ومن سويسرا وفرنسا تم إحضار الحلويات والشيكولاتات التي تم وضعها علي موائد المدعوين.
وحضره كل من الدكتور مصطفي السيد والدكتور أحمد زويل ومرشح الرئاسة السابق عمرو موسي وعبدالسلام المحجوب ومجموعة كبيرة من المسئولين الحاليين والسابقين.
وعمال شركاته يصرخون:
أهدر حقوقنا ويهدد أولادنا بالتشرد
وحول الأزمة المثارة بينه وبين عمال شركاته الذي يبلغ عددهم 5 آلاف عامل التقت "الموجز" عددا مع الموظفين لديه خصوصا بعدما تردد حول عقده جلسة مغلقة حضرها كل من الدكتور شرين عباس حلمي واللواء طارق مهدي محافظ الإسكندرية وممثل عن العمال، علي هامش ندوة لجمعية رجال أعمال الإسكندرية بالفورسيزون بسان استيفانو "عن معوقات الصناعة في مصر".
من جانبه نفي محمد عبدالحميد، رئيس النقابة المستقلة بشركة فاركو للأدوية، عقد أي جلسة للصلح مع إدارة الشركة بالفورسيزون، مشيرا إلي أنهم فوجئوا بقرار الإدارة الذي صدر يوم 14/11 بمد إغلاق المصنع حتي نهاية الشهر بدعوي الصيانة، مؤكدا أن قرار إغلاق الشركة لم يحدث من قبل وهو ما أثار مخاوف العمال من قيام الشركة بالاستغناء عنهم أو طردهم.
وأضاف: "قبل قيام ثورة 25 يناير كنا نتحدث عن الأرباح باستحياء وكان تصرفا في شكل منحة من الشركة، لكننا طالبنا بها بعد الثورة بشكل صريح ورسمي بزيادة 17% علي الأساسي وحد أقصي 12 شهرا، وبالفعل أبرم اتفاق بيننا وبين الدكتور شرين ممثل الشركة والقوي العاملة وممثل المجلس العسكري في 25 /9/ 2011 "، مشيرا إلي أن قرار الإدارة القاضي بتخفيض أرباح ومكافآت العمال أدي إلي نشوب الأزمة الحالية.
وأوضح "عبدالحميد" أن باب التفاوض مفتوح والعمال يسلكون الطرق القانونية من خلال مكتب العمل ووزارة القوي العاملة، بالإضافة إلي تدخل أعضاء النقابة العامة للكيماويات بحضور جلسات للتفاوض باسم العمال بشكل ودي، لافتا إلي أنهم ليسوا في خصومة مع أصحاب الشركة".
من جانبه أكد أحد العمال ــ رفض ذكر اسمه ــ أن عددا من الحلول قدمها العمال للدكتور شرين حلمي للخروج من الأزمة الحالية غير انه قابلها بالرفض، لافتا إلي أنهم في طريقهم لتصعيد مطالبهم لأعلي الجهات المسئولة بالدولة لحلها، مشددا علي أنهم لن يتنازلوا عن نسبة أرباح 17% وصرف 50% من سلفة الأرباح.
و شهدت شركة "فاركو للأدوية"، احتجاجات وتظاهرات 5 آلاف عامل، بعد استمرار رفض القائمين علي إلادارة تنفيذ الاتفاق بين الشركة والعمال عقب ثورة 25 يناير، وهدد العاملون بتصعيد احتجاجاتهم، مطالبين بصرف الأرباح السنوية بمعدل 17% وفق البند المتفق عليه مع الشركة في عام 2011، وصرف 50% من سلفة الأرباح، ومجموع العلاوات، وصرف بدلات مخاطر كيميائية وميكانيكية، وتنازل الشركة عن البلاغات الكيدية التي قدمت ضد عدد من العاملين، فضلا عن إقامة نقابة مستقلة لعمال الشركة.
وأكد العاملون بالشركة أنهم انتظروا صرف الأرباح والعلاوات التي تم الاتفاق مع الشركة عليها منذ عامين، إلا أنها تأخرت في الصرف، مما اضطرهم إلي الإضراب الجزئي بمعدل ساعة لكل وردية، لحث الشركة علي الالتزام باتفاقها، إلا أن الشركة فاجأت العاملين بتخفيض العلاوة إلي 10%.
ومع ارتفاع سخونة أزمة عمال فاركو للأدوية ظهرت أزمة أكثر صعوبة لا يدفع ثمنها سوي غلابة الوطن، حيث كشف مسئولون في نقابة الصيادلة عن اختفاء نحو 400 صنف دوائي من الأسواق، فيما أكدوا أن وزارة الصحة بالاتفاق بين شركات قطاع الأعمال ستقوم برفع أسعار جميع الأدوية ذات السعر الأقل من 5 جنيهات.
وفي تصريحات صحفية للدكتور صلاح كريم، رئيس لجنة التصنيع الدوائي بالنقابة العامة للصيادلة، أكد فيها أن السوق الدوائية والصيدليات تعاني من نقص نحو 400 صنف دوائي من المستحضرات الأساسية والحيوية بالنسبة للمستشفيات الحكومية والعمليات الجراحية وخلافه.
وكشف "كريم"، أن هناك اتجاها داخل وزارة الصحة بالاتفاق مع النقابة العامة للصيادلة وشركتي "القابضة للأدوية" و"القومية للأدوية" بزيادة أسعار جميع الأدوية الأقل من 5 جنيهات خلال الفترة المقبلة، ولم يتم الإعلان عن هذه الزيادة حتي الآن.
هذه التصريحات جعلت للرواية أبعادا أخري بعد تأكيد خبراء في مجال الصيدلة والأدوية أن أزمة شركة فاركو قد تتسبب خلال الأسابيع القادمة في نقص أكثر من 300 منتج دوائي بالسوق، واصفين قرار الإغلاق بالكارثي وهو ما يهدد بارتفاع أسعار الدواء بمصر بشكل جنوني، خاصة في ظل مايتردد حول طلب الدكتور شرين حلمي الحكومة أكثر من مرة برفع سعر الدواء مع ارتفاع أسعار المواد الخام وسعر الدولار، حيث تخضع منتجات وأدوية الشركة إلي التسعيرة القديمة إلا أن الحكومة قابلت طلبه بالرفض.