الموجز
رئيس التحريرياسر بركات
الإثنين 20 مايو 2024 07:39 مـ 12 ذو القعدة 1445 هـ
أهم الأخبار

شيخ الأزهر: إنكار البعث نوع من الإلحاد

شيخ الأزهر
شيخ الأزهر
قال فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن البعث هو إحياء الموتى وإعادة أرواحهم إلى أجسادهم كما كانت في الدنيا؛ لمحاسبتهم وجزائهم، وهو يعني: إعادة التئام ذرات الجسم واجتماعها بعد أن تفرقت واختلطت بالتراب، ثم رجوع الروح إلى الجسم مرة ثانية، وقد ورد ذكره في مواضع متعددة في القرآن الكريم، منها قوله تعالى: {يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم}.
وأوضح "الطيب"، خلال برنامج "الإمام الطيب"، أن طائفة من الماديين والدهريين قديما وحديثا أنكروا البعث واستبعدوا -على اختلاف أزمنتهم وأمكنتهم - إحياء الموتى، وبعثهم من قبورهم، ومحاسبتهم على ما قدمت أيديهم في الحياة الدنيا، وإنكار البعث نوع من الإلحاد، أو فرع من إنكار وجود الله وإنكار قدرته الشاملة، وهو أيضا نوع من قصر النظر واضطراب التفكير في معالجة الحقائق الكبرى، وليس في أيدي الماديين المنكرين للبعث أي دليل يطرحونه بين يدي إنكارهم هذا، اللهم إلا مجرد استبعاد أن تكون هناك «قدرة» تستطيع إعادة الحياة إلى أجساد تحللت ذراتها واختلطت بالتراب.
وأشار إلى أن الذي ينكر البعث هو الملحد الذي لا يؤمن بوجود الله ولا بعدله ولا بثوابه ولا بعقابه في الدار الآخرة، لأن البعث فرع الإيمان بالأنبياء، ووجود النبي فرع الإيمان بالله، فهو إذا أنكر الأصل فما ترتب على هذا الأصل وما ترتب على الفرع الذي ترتب على الأصل كله يتهاوى.
ولفت إلى أن المنكرين للبعث لهم شبهات كثيرة يمكن أن نوجزها في شبهتين أساسيتين، الأولى: استبعاد أن تتحول ذرات الجسد -بعد أن صارت ترابا- إلى إنسان سوي يسمع ويبصر ويعي ويعقل كما كان في الحياة الدنيا، وبعبارة موجزة: استبعاد أن تتحول المادة الترابية إلى كائن حي، والثانية: استبعاد إيجاد الشيء بعد عدمه؛ فالشيء إذا عدمت ذاته وفنيت فمن المستحيل -في نظرهم- أن يوجد مرة ثانية.
وتابع: "ويعتقد الماديون أن النفس الإنسانية تفنى بالموت، مثلها في ذلك مثل الجسد، فلا فرق -فيما يرون- بين النفس وبين الجسد في أن كلا منهما يفنى وينعدم بالموت، وهذه الشبهة مترتبة على أصل مغلوط في فلسفة الماديين؛ مؤداه أن الإنسان عبارة عن البدن المركب من الأعضاء المادية وليس أمرا آخر وراء ذلك، فإذا انعدمت الأعضاء انعدم الإنسان بكل أبعاده، ولم يبق هناك شيء يبعث أو يخلق خلقا جديدا بعد الموت: فذكر القرآن عنهم: {أئذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد}، وذكر عنهم القرآن كذلك قولهم: {إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين}، فالماديون يحاولون تحكيم المحسوس في اللامحسوس وهذا ليس منطقا ولا منطقيا، يحاولون إقحام العلم في تفسير الغيبيات، وهذه هي مشكلة الملحد أنه يحكم ميزان المحسوسات في الغيبيات".
وأكد أن الإيمان بالله إذا غاب يضطرب العقل وتضطرب الدنيا، وهذا نجده في واقعنا المعاصر نراه فيما يحدث من كوارث للإنسان وللشعوب وللأرض وللفقراء ومن السطو المسلح والمقنن، وهذا إنما جاء لطغيان الإيمان بالمادة على الإيمان بالله.
وبين فضيلة الإمام الأكبر أن أول ما نلاحظه من استقراء آيات القرآن الكريم في تقرير حقيقة البعث أنه، وهو يصور شبهات الماديين المنكرين، ينعى عليهم نظرتهم الضيقة وأحكامهم المتسرعة في التفكير، وأنهم لم ينكروا البعث إلا لأنهم حصروا عقولهم ومداركهم في ظواهر المحسوسات وظواهر الأسباب والمسببات، وأنهم لو تخطوا بعقولهم هذا المجال الحسي الضيق لما وسعهم إلا الإيمان بالله والاعتراف بقدرته الشاملة، فكل ما يقوله الماديون ويحتجون به في تكذيب البعث ليس في نظر القرآن إلا ظنا وتخييلا، وليس من العلم لا في قليل ولا في كثير، وإنما هو خلط نشأ من قياس فاسد قاسوا فيه الحياة الأخرى على الحياة الدنيا برغم اختلاف الحياتين اختلافا جذريا في كل مظاهرهما، فذكر القرآن: {وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون}.
وقال فضيلته إن القرآن الكريم يعد حقيقة البعث من أوضح الحقائق التي تثبت بالوحي وبالعقل معا، وقد وصفه القرآن الكريم أكثر من مرة بأنه: {لا ريب فيه}، وإن المنكرين لا يستطيعون أن يقدموا حجة واحدة على إنكاره. وقد أثبت القرآن حقيقة البعث من جانبين: الأول سلبي: تولى فيه القرآن بيان إفلاس المكذبين للبعث وعجزهم عن إقامة الدليل على إنكاره، والثاني إيجابي: تولى فيه القرآن إيراد الأدلة الواضحة التي ترد على المنكرين، وتثبت البعث في ذات الوقت، وقد كان يواجه بذلك طائفتين من منكري البعث: طائفة آمنت بالله، لكنها تنكر قدرته على إحياء الموتى وبعثهم من قبورهم، وطائفة لم تؤمن بالله أصلا، وترتب عليه إنكارها للبعث.
وتعجب ممن ينكرون حقيقة البعث وينسون أو يتناسون أنهم جاءوا من العدم، والقرآن هنا يلفت نظرهم إلى أن البعث ما هو إلا صورة أخرى من النشأة الأولى للإنسان، إذا اعترفوا بأن الإنسان في نشأته الأولى كان ترابا، ثم صار كائنا حيا، لزمهم الاعتراف بنفس الصورة بعد الموت، والتصديق بعودة الذرات الترابية إلى كائن حي: {يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم}.
ومن ناحية أخرى، يواجه القرآن شبهة استبعاد عودة ما فني وانعدم وتلاشى إلى الحياة مرة ثانية، ووجه الاستدلال هنا هو أن النشأة الأولى للإنسان هي -في صورتها البسيطة- نشأة من عدم، وهذه حقيقة يعترف بها الناس جميعا: {هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا}، وإذا كان الأمر كذلك: فلماذا يقبل المنكرون وجود الإنسان من عدم، ويرفضون وجوده مرة ثانية من عدم؟ وأي فرق بين الوجودين بعد العدمين؟
وأضاف فضيلة الإمام الأكبر أن القرآن الكريم نبه إلى أن الأحرى بالعقل الصحيح أن يصدق من أمر البعث أكثر مما يصدق من أمر النشأة الأولى؛ ذلك لأن النشأة الأولى يوجد فيها الإنسان من عدم تام لم يكن للإنسان فيه أدنى شائبة من ثبوت أو وجود، أما البعث فهو لا يزيد عن إعادة إنسان كان موجودا من قبل، ولا شك أن الذي يقدر على إخراج شيء من العدم المحض يقدر -من باب أولى- على إعادة هذا الشيء بعد عدمه؛ إذ إعادة الشيء بعد وجوده أيسر بكثير من إبداعه من العدم: {ويقول الإنسان أئذا ما مت لسوف أخرج حيا، أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا}، {وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم * قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم}، {وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم}.
وأوضح أن الإعادة أهون من الابتداء؛ لأن من يفعل فعلا أولا يصعب عليه، ثم إذا فعل بعد ذلك مثله يكون أهون عليه، ولأن في البدء خلق الأجزاء وتأليفها، والإعادة تأليف، ولا شك أن الأمر الواحد أهون من أمرين، يقول الله تعالى: {أولم يروا أن الله الذي خلق السموات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى بلى إنه على كل شيء قدير، ويقول: {أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد}، وهذه الآيات تعني أن القادر على الخلق الأول لا شك قادر على الخلق الثاني الذي هو «الخلق الجديد»، فهما مثلان، وإذا قدر على أحدهما قدر على الثاني من غير فرق، وإنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له: كن؛ فيكون.

جريدة الموجز، جريدة ورقية أسبوعية مستقلة، وموقع شامل يستطيع الجمهور من خلاله الوصول للخبر الصحيح والمعلومات الدقيقة.

ويقدم موقع الموجز للقراء كل ما يهم الشأن المصري الداخلي والخارجي بشكل يومي وعاجل، بالإضافة إلى أخر تحديثات أسعار الذهب ، أسعار العملات، أسعار الدولار، أسعار السلع أولاً بأول.

كما يقدم الموقع لقرائه أحدث وأهم أخبار الفن، وأخبار الرياضة، وأخبار السياسة، وأخبار الحوادث، وأخبار العالم ، وأهم الاحداث الكروية ، دوري أبطال أوروبا، ودوري أبطال آسيا، ودوري أبطال أفريقيا.