إبراهيم البنا.. من يحمى الملياردير الذى نهب 37 ألف فدان من أراضى الدولة؟

إبراهيم البنا
إبراهيم البنا

مازالت قصة استيلاء إمبراطور الدواجن إبراهيم البنا، صاحب شركتى لينة العقارية ووادى الوشيكة، على مساحات شاسعة فى منطقة وادي النطرون هى الأكثر غموضًا وتأكيدًا على قوة مؤسسة الفساد فى مصر، فرغم صدور قرارات من عدة جهات باسترداد الأرضي المستولى عليها، وكذلك صدور قرار من لجنة التحقيق فى قضايا فساد وزارة الزراعة بإمهال الشركتين أسبوعًا لسداد غرامة تُقدر بـ 5.4 مليار جنيه نتيجة استيلائهما على 37 ألف فدان فى منطقة وادى النطرون بوضع اليد، إلا أن القرار لم يُنفذ رغم مرور قرابة أسبوعين على صدوره وبات الوضع الحالى يحمل العديد من علامات الاستفهام وعلى رأسها من يحمى الملياردير الذى نهب 37 ألف فدان من أراضى الدولة؟
تفاصيل القضية تعود إلى عام 1997، حينما استولى إبراهيم البنا على مساحة 37 ألف فدان كاملة فى منطقة وادى النطرون، دون وجود أى عقود بيع أو إيجار أو أي إجراءات تخصيص من الهيئة العامة لمشروعات التعمير، وساعده على ذلك تواصله مع عدد كبير من صغار الموظفين فى الهيئة من أجل عدم مطالبته بتقنين وضعه، فضلًا عن تواصله مع قيادات أكبر فى الهيئة فى عصر الرئيس الأسبق حسني مبارك بحيث يتناسى الجميع أن هناك 37 ألف فدان خارج سيطرة الدولة تمامًا.
وظل الوضع على ما هو عليه لسنوات طويلة ولم تكن هناك أى بادرة جادة لتقنين وضع الأرض حتى نشب خلاف بين أمين أباظة، وزير الزراعة واستصلاح الأراضى الأسبق وبين البنا - وكلاهما من محافظة الشرقية- طالبت على إثرها الوزارة الشركات بالتقدم لشراء هذه الأرض بنظامى حق الانتفاع و المزاد العلنى بعد إزالة التعديات الواقعة عليها.
دافع "البنا" حينئذ عن نفسه وأكد أنه لم يتعد على أراض الدولة فى وادى النطرون بالبحيرة، وإنما حصل عليها بالطرق المشروعة من أجل استصلاحها، وأوضح أنه استصلح 15 ألف فدان من إجمالي المساحة الكلية، وفى طريقه لاستصلاح باقى المساحة، وكشف عن أنه حصل على حكم قضائى يُفيد بأحقيته فى ملكية الأرض، وجديته فى الاستصلاح.
وأرجع "البنا" قرار الوزير، إلى ما اعتبره خلافات شخصية بينهما، ما دفع أباظة إلى إصدار 6 قرارات لإزالة المساحات المزروعة واصفًا إياها بالتعديات، وأشار إلى أن الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، قدمت بلاغاً إلى النائب العام تشكو فيه تقاعس الشركتين عن اتخاذ إجراءات جدية لاستصلاح 37 ألف فدان فى منطقة وادى الفارغ بوادى النطرون، والتى قدمت الشركتان طلبًا للحصول عليها عام 2001.
أما تحقيقات النائب العام فأثبتت أنه تم استصلاح 11 ألف فدان باستخدام وسائل رى متطورة، وأجهزة توليد طاقة كهربائية على نفقة الشركة، وأقامت شبكات طرق على كامل أرض المشروع، إضافة إلى وجود أنشطة أخرى خلاف الزراعة، منها مشروع تربية أغنام، ومزارع دواجن تحت الإنشاء، موضحًا أن إجمالى تكاليف المشروع بلغ أكثر من 280 مليون جنيه.
واستطاع "البنا" استصدار قرارات عن طريق طرق غامضة تُلغى قرارات الوزارة والوزير، وبعدها بدأ التوسع الكبير كقوة تربطها علاقات ومصالح بنظام مبارك، وعلى الفور بدأ البنا فى التوسع أكثر حيث استولى من جديد على 1800 فدان ليؤسس عليها "دواجن البنا" لتنضم لمجموعة شركاته "لينا" و "الوشيكة" و"البنا لمنتجات الألبان".
وبعد ثورة 25 يناير لم تُفتح ملفات إبراهيم البنا لأنه لم يكن فى شهرة كبار الفاسدين، ولم يحدث هذا إلا فى فبراير 2014 حينما وضعت الحكومة ملف استعادة مليارات أراضى الدولة المنهوبة على رأس أولويات الدولة لاسترداد حقوقها، وبالفعل صدر قرارًا فى إبريل 2014 من المستشار أحمد إدريس، قاضي التحقيق، المنتدب من وزير العدل في قضايا فساد وزارة الزراعة بالتحفظ على أموال إبراهيم البنا، وذلك بشأن استيلاء شركتي ''لينا" و"الوشيكة'' على 37 ألف فدان بناحية وادي النطرون بمحافظة البحيرة، من أراضي ولاية الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، لكن "البنا" تمكن من استصدار قرارات من دائرة الاستثمار ولم يقترب منه أحد.
وخلال العام الماضى كشفت التحقيقات التى كانت تُباشرها نيابة الأموال العامة العليا عن أن اللواء محمود عبد البر سالم، رئيس الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية السابق، سهل التربح لرجل الأعمال إبراهيم البنا، على مساحة 37 ألف فدان فى منطقة وادى النطرون تصل قيمتها لـ3 مليار جنيه.
أما تقارير خبراء وزارة العدل التى تسلمتها نيابة الأموال العامة فقد كشفت أيضًا عن أن الشركة تضع يدها على مساحة 37 ألف فدان بناحية وادى النطرون محافظة البحيرة وذلك منذ عام 1997 حتى الآن بدون سند قانونى وكذلك بدون صدور أى عقود بيع أو إيجار أو إجراءات تخصيص وأن الشركة تضع يدها على الأرض لهذه المساحة بعد تسلمها من الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية.
أما لجنة استرداد أراضى الدولة فقد أصدرت قرارها باسترداد الـ 37 ألف فدان، وإزالة التعدى الواقع عليها وطرحها للبيع بالمزايدة العلنية، فما كان من الشركتين إلا الطعن على هذا القرار أمام محكمة القضاء الإدارى، فتصدت هيئة قضايا الدولة لهذا الطعن حتى تمكنت من الحصول على حكم بأحقية الدولة فى استرداد هذه المساحة، وقضت محكمة القضاء الإدارى فى الدعوى رقم 83710 لسنة 70 ق، بأحقية الدولة فى استرداد الأرضي المستولى عليها.
دافع قسم القضاء الإدارى الأول بهيئة قضايا الدولة فى الدعوى للحصول على الحكم، وأخطرت قضايا الدولة المهندس إبراهيم محلب ورئيس لجنة استرداد أراضى الدولة آنذاك، لاتخاذ اللازم قانونيًا نحو هذه المساحة من الأرض، والتى كانت تُقدر قيمتها السوقية فى ذلك الوقت حال طرحها للبيع بالمزايدة العلنية إلى أكثر من ثلاثة مليارات جنيه، واستمرت الحرب بين الدولة و"البنا" ولم يحسمها أى من الطرفين لصالحه.
ومع استعراض اللجنة العليا لاسترداد أراضي الدولة ومستحقاتها برئاسة المهندس شريف إسماعيل مساعد الرئيس للمشروعات القومية، نتائج الموجة العاشرة لإزالة التعديات على أراضى الدولة تنفيذًا لتكليفات رئيس الجمهورية للجنة لاسترداد حق الشعب وردع المتعدين وتطبيق القانون على الجميع، عاد الأمل من جديد من أن الدولة ستنجح لا محالة فى استرداد أراضى الدولة التى استولى عليها "البنا"، إلا أن ذلك لم يتحقق ما يثير تساؤلات حول سلطة هذا الرجل وقدرته على إخضاع أجهزة الدولة تحت سيطرته حتى تغض البصر عن مخالفاته.
تم نسخ الرابط