زواج المحارم يفجر الخلافات العقائدية بين الأرثوذكس والكاثوليك

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
حركت اتهامات الأنبا بولا مطران طنطا للكنيسة الكاثوليكية بإباحة زواج الرجل من عماته وخالاته المياه الراكدة داخل ملف الخلافات العقائدية بين الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية والتي كانت سبباً في اندلاع حروب وصراعات بينهما علي مر التاريخ وهي حروب تتجدد من وقت لآخر لتصبح حديث الساعة وفقاً لمتغيرات الأحداث.
كان الأنبا بولا، مطران طنطا وتوابعها للأقباط الأرثوذكس، قد أدلي بتصريحات خلال لقاء محاضرة له علي طلاب كلية البابا شنودة الإكليريكية في النمسا، في مقطع فيديو بثته الصفحة الرسمية لمطرانية طنطا، قال فيها: إن موانع الزواج بالنسبة للأقباط الأرثوذكس، تتمثل في القرابة في حالة المحارم، لافتًا إلى أن القانون شرح تلك الحالة علي شكل صليب، حيث يبدأ بالأصل إن علىَ والفرع وإن نزل".
وأوضح أن الأصل هو أم أو أب وأعمام والعمات والخالات والجد، والفروع هم أخوات وأبناء وأحفاد.
وأشار مطران طنطا، خلال محاضرته التي أدلى بها في الثامن من نوفمبر الجاري، إلى أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تمنع زواج القاتل أو شريكه من امراة القتيل مهما كانت الأسباب، في حين أن الكنيسة الكاثوليكية تسمح بذلك.
وأضاف " بولا"، أن الكنيسة الكاثوليكية تسمح بزواج الرجل من عمته أو خالته، رغم أن الكاثوليك المتواجدين في أوروبا وأمريكا والبلدان الراقية لا يسمحون بذلك، مشيرًا إلي أن الكاثوليك قاموا بسماح الزواج للرجل من عمته أو خالته بسب تقاليد تلك القبائل الأفريقية التي ينتشرون بينها، فتنازلت الكنيسة الكاثوليكية عن عقائدها بهدف انضمامهم إلى الكنيسة لحين تغيير أفكارهم، لكن المجمع الثاني بالفاتيكان أقر تلك القوانين في هذا الشأن.
من جانبه رفض الأنبا باخوم، نائب البطريرك لشؤون البطريركية للأقباط الكاثوليك، والمتحدث الرسمي للكنيسة القبطية الكاثوليكية، التعليق علي تصريحات نيافة الأنبا بولا، مطران طنطا للأقباط الأرثوذكس، بشأن اتهامها بإباحة زواج الرجل من عماته وخالاته.
خلافات عقائدية
ولا تعد مسألة زواج المحارم هي القضية الخلافية الوحيدة بين الكنيسة الأرثوذكسية والكاثوليكية فعلي الرغم أنهما يمثلان أوائل الطوائف المسيحية والأقرب بينهما إلا أنهما تحملان العديد من الخلافات العقائدية.
وعلى الرغم من تبعية الكاثوليك في مصر لبابا الفاتيكان إلا أن بعضهم اتبع بعض التقاليد القبطية الأرثوذكسية في بعض الأمور فحين دخلت الكاثوليكية مصر، اقتبست نفس الطقوس والألحان وباقي الممارسات الطقسية عن كنيسة البلد الأصلية، لدرجة أن البعض يظن أن الكاثوليك والأرثوذكس يتبعون كنيسة واحدة.
ومع ذلك تثار بين الحين والأخر بين الكنيستين بعض الخلافات الدينية مثل طقوس العبادة، والأحوال الشخصية، وغيرها من الأمور العقائدية، وعلى رأسها الخلاف حول طبيعة السيد المسيح، حيث أن الرومان الكاثوليك يقولون إن للمسيح طبيعتين ومشيئتين، طبيعة إلهية وطبيعة إنسانية، ومشيئة إلهية ومشيئة إنسانية، أما الأرثوذكس فيقولون إن المسيح له طبيعة واحدة ومشيئة واحدة، "فالمسيح هو الله والله هو المسيح".
إضافة إلي الخلاف حول انبثاق الروح القدس من الأب والابن ، حيث يري الكاثوليك أن الروح القدس منبثق من الأب والابن، أما الأرثوذكس فيرون أن الروح القدس منبثق من الأب فقط.
الأحوال الشخصية
وتمتد الخلافات إلى الأحوال الشخصية، حيث تسمح الكنيسة الكاثوليكية بالزواج بين الكاثوليك وغير المسيحي وأحيانا يسمحون لرجل الدين غير المسيحي بالاشتراك في شعائر هذا الزواج ويجوز أيضا زواج الكاثوليكي وبين غيرة من المسيحيين.
ولا يعتقد الكاثوليك بإمكانية الطلاق حتى لعلة الزنا، الأمر الذي ينتج عنه انتشار الزواج المدني في الغرب، وما من زيجات يصعب الإفلات منها في حالة الخيانة الزوجية وهو ما يتعارض مع شريعة الكنيسة الأرثوذكسية.
أيضاً، لا يسمح الكاثوليك بزواج الكهنة علي عكس الكنيسة الأرثوذكسية التي تسمح بزواج الكهنة قبل رسامتهم فقط، وإذا توفيت امرأته بعد رسامته فلا يجوز له أن يتزوج بامرأة ثانية، أما الكهنة الرهبان فلا يسمح لهم بالزواج لا قبل ولا بعد رسامتهم.
الخلافات الطقسية
ونالت الطقوس التعبدية جزءً من هذا الاختلاف، فبينما يؤمن الأرثوذكس بالتقليد والترتيب الذي تسلموه من الآباء الرسل، يؤمن الكاثوليك بالتقليد ولكنهم يضيفوا إليه قوانين ينسبونها إلى الرسل وآباء الكنيسة الغربية والمجامع المحلية الغربية.
كما تؤجل الكاثوليكية مسح الأطفال بالميرون إلى سن 8 سنوات أما الأرثوذكس فيتم دهن الأطفال المعمدين بزيت سر الميرون في الحال بعد عمادهم مباشرة ويدهن المعمد سواء كان طفلًا أو كبيرًا ذكراً كان أم أنثى 36 رشمة لينال المؤمن به موهبة الروح القدس وحماية له من الشيطان.
وفي طقس المناولة تري الكاثوليكية عدم مناولة الأطفال وعلي أن يتم إجراء طقس المناولة الأولى من سن 8 سنوات بينما تقوم الأرثوذكسية بالمناولة بمجرد أن يتم العماد سواء للطفل أو الشخص المعمد.
وبالنسبة للمعمودية ترفض الكاثوليكية التغطيس في المعمودية وتكتفي بسكب طبق صغير على رأس الطفل أما الأرثوذكسية فلا تستخدم الرش على الإطلاق في المعمودية بل بالتغطيس باسم الأب والابن والروح القدس.. كما يقبل الكاثوليك بقيام أي شخص بالعماد حتى لو كان هذا الشخص غير مسيحي.. ويقدم الكاثوليك القربان المقدس من الفطير وليس من الخمير- الخبز الخمير- مثل الأرثوذكس.
وفي حين تسمح الكاثوليكية بإقامة أكثر من قداس على نفس المذبح في يوم واحد ترفض الأرثوذكسية ذلك وتمنع الكاهن من أن يصلي ويتناول في أكثر من قداس في اليوم الواحد.
أما بالنسبة للخلاف في المذبح فقد لا يتخذ اتجاه الشرق عند بعض الكاثوليك بينما يلتزم الأرثوذكس بأن يكون المذبح تجاه الشرق.
الصوم
وفيما يتعلق بالصوم، يختلف نظام وطقس الكاثوليك في الصوم تماماً عن الأرثوذكس حيث يفطر أتباع الأولي إفطارًا كاملًا في يومين السبت والأحد ويصومون يوميّ الأربعاء والجمعة صوماً كاملاً، أما أيام الاثنين والثلاثاء والخميس تُسَمَّى عندهم أيام بياضي أي يأكلون فيها البيض واللبن ومستخرجاتها.
كما تحرص الأرثوذكسية في فترة الصوم الأفخارستي "القرباني"- يرتبط بالاحتفال بالذبيحة وبتناول القربان- أن يكون هناك تسع ساعات قبل التناول والاكتفاء بساعتين بالنسبة للأكل ونصف ساعة بالنسبة للشرب ولا تهتم الكاثوليك بهذا الأمر.
رئاسة الكنيسة
وفي سياق الخلافات العقائدية، يري الكاثوليك أن بطرس الرسول وحده خليفة المسيح وأنه مؤسس كنيسة وهو الرئيس المنظور للكنيسة الجامعة الرسولية، ويؤمنون بعصمة البابا من الخطأ أثناء إلقاءه بيانًا وهو على كرسي الكاتدرائية لأنه يكون مقودًا بالروح القدس حسب تعبيرهم وهذا علي النقيض من الأرثوذكس الذين لا يؤمنون بعصمة البابا من الخطأ.
وفي السياق ذاته، يعتقد الكاثوليك أن الإنسان بعد موته يقضى فترة من العذاب في "المطهر" ثم بعد ذلك ينتقل إلى النعيم الأبدي بينما لا يؤمن الأرثوذكس بالمطهر ويرون أن هذه العقيدة ضد الإيمان المسيحي وضد عمل المسيح في الفداء؛ لأنه لا توجد مغفرة إلا بدم المسيح- حسب معتقدهم-.
والكاثوليك يؤمنون بالغفرانات أي من حق الباباوات والأساقفة أن يعطوا غفرانًا لمدة معينة نتيجة لعمل معين خاص أو منح هذه الغفرانات القانون بناء على قرارات سابقة لبعض الباباوات ولكن عقلاء الكاثوليك ينكرونها حاليًا على اعتبار أنها فساد في التاريخ انتهى زمنه.
جدير بالذكر أن الكاثوليك يبرئون اليهود من سفك دم المسيح (1965م) أما الأرثوذكس فيحملونهم المسئولية لأنهم طالبوا بصلب بيلاطس البنطي.

تم نسخ الرابط