رئيس التحريرياسر بركات
الثلاثاء 19 مارس 2024 05:16 صـ 9 رمضان 1445 هـ
أهم الأخبار

الزعيم والنمر الأسود ..حكايات مثيرة عن الغيرة والكراهية والإحترام

نجمان يشبهان ناطحات السحاب ، لكل منهما رصيد هائل في السينما والدراما، ومدرسة خاصة في فن الأداء، جمع بينهما عمل واحد، وشهدت علاقتهما “غيرة فنية” دفعت كليهما إلى كثير من الشد والجذب والتوتر وقليل من اللين، طيلة مسيرتهما الفنية التي استمرت قرابة الخمسين عاما.

النجم أحمد زكي، والذي يعتبر الـAlpha بين أبناء جيله، قدم للسينما أفلامًا هامة وحفر اسمه بحروف من نور وسط عمالقة الفن، فهذا الشاب الأسمر الذي عانى في بداية مسيرته الفنية من رفض وتسلط وعنصرية بعض المنتجين، كما عانى ايضا من “الشللية” المسيطرة على الوسط الفني هذا الوقت وكل وقت، حتى استطاع أن يصل في نهاية المطاف لقمة النجومية، وأن يضرب به المثل، قبل وبعد رحيله، في عبقرية فن الأداء.

وفي المقابل نجد الزعيم عادل إمام، النجم الذي يحتفظ حتى الآن بكونه رقم واحد بين النجوم، فحقق بذلك المعادلة الصعبة، ليس فقط لأنه نجم ناجح، ولكن لاستمراه في المحافظة على هذا النجاح والبقاء في القمة.

ويصف الناقد طارق الشناوي العلاقة التي جمعت بينهما قائلًا: “هو الموضوع اصلا بدأ غيرة فنية، يعني كل واحد فيهم كان عنده ميزة التاني يتمنى انها تكون فيه هو، فمثلا أحمد زكي كان عاوز ياخد من عادل إمام حتة إنه يكون نجم الإيرادات الأول، وعادل كان عاوز ياخد من زكي إنه يكون نجم الإبداع والأداء الأول”. واستشهد “الشناوي” بحكاية قصها عليه النجم صلاح السعدني، حينما أشار له الزعيم ولمح لموهبة أحمد زكي، وقال للسعدني عنه: “شوف نظرته عاملة إزاي، ده ممثل عبقري”.

بالفعل نجد أن الفنان عادل إمام عادة ما يشير في حواراته التليفزيونية إلى موهبة زكي، على الرغم من أن هذا الإطراء تشوبه أحيانا بعض العبارات مثل حديثه عن إعادة عرض مسرحية “مدرسة المشاغبين” للجمهور، قائلًا: “كله وافق ما عدا أحمد زكي اللي تعالى ساعتها على الدور، وجابوا بداله محمود الجندي”.

واقعة أخرى قصها المخرج الراحل محمد خان في إحدى ندواته، حينما قال إنه عرض فيلم “الحريف” على النجم الأسمر، وطلب منه مواصفات معينة في الشكل، منها أن يكون شعره طويل بعض الشيء، وفي اليوم التالي فوجئ بأحمد زكي وقد قام بحلاقة شعره بطريقة مختلفة تمامًا. وأشار “خان” إلى إنه شعر بالغضب، وقام بعرض الدور على عادل إمام الذي وافق، وتولى “خان” مهمة إبلاغ زكي، قائلًا: “صباح الخير يا حمام، أنا عرضت الدور على عادل إمام ووافق”، وأكد أنه تركه ودخل الحمام، وفيما بعد أخبره أنه دخل لكي يسبه!!.. في الوقت الذي رفض احمد زكي اطراء احد النقاد على نجاح فيلم شادر السمك مقابل اخفاق فيلم الحريف، واعتبر ان عادل امام هو الذي فاز بهذا الدور!

وما لا يعرفه البعض أن فيلم “البيه البواب” الذي يعتبر محطة هامة في مشوار النجم أحمد زكي، قد عرض في بداية الأمر على الزعيم، وبالفعل صور عدد من المشاهد حتى نشب خلاف بينه وبين الجهة المنتجة. بعدها اعتذر عادل إمام عن استكمال الدور، ليذهب لأحمد زكي، وحقق وقتهًا نجاحًا كبيرًا، حتى أن البعض يعتبره من أهم الأفلام في مشوار النجم الأسمر.

ليس هذا فحسب، بل قال الكاتب الكبير وحيد حامد، إنه عرض فيلم “طيور الظلام” على النجم أحمد زكي أولا، ليختار شخصية من الفيلم فاختار شخصية “علي الزناتي” المحامي المتدين، التي قدمها الفنان رياض الخولي، وبعدها عرض الفيلم على الفنان عادل إمام شخصية فتحي نوفل، فوافق على الفور. وحينما علم “زكي” فيما بعد أن عادل إمام وافق على بطولة العمل، فرح كثيرًا، إلا إنه وبعد فترة طلب من وحيد حامد أن يجسد شخصية “فتحي نوفل” المقرر أن يقدمها عادل إمام، ومع رفض وحيد حامد، لان الدور بالفعل راح لعادل امام، رفض “زكي” استكمال الفيلم وانسحب ليحل محله رياض الخولي.

أما فيلم “الإرهابي” الذي تحمس أحمد زكي كثيرًا لبطولته، فقد فوجئ في الجرائد أن عادل إمام قام بتوقيع عقد بطولة الفيلم، دون أن يخبره أي جهة بهذا الأمر، وهو ما اعتبره النجم الأسمر صدمة كبيرة وقتها.

ولكن يحكي لنا الكاتب وحيد حامد حكاية من نوع اخر تدل على مدى الاحترام المتبادل بين النجمين الكبيرين، حينما عرض حامد على عادل إمام سيناريو فيلم “اضحك الصورة تطلع حلوة” عام 1998 فاعجب عادل امام به ولكنه اعتذر بحجة انه لا يجد نفسه في الشخصية!.. فسأله وحيد حامد ان يرشح احد غيره، فأجاب على الفور: “احمد زكي!.. هايعمل الدور دا حلو اوي اوي!” وفعلا، ذهب حامد بالسيناريو لاحمد زكي ووافق على الفور وكان عملا رائعا ناجحا بكل المقاييس.

وهكذا دوما كانت العلاقة بين الإثنين، غيرة فنية محمودة يكللها الإحترام والود المتبادل بين اثنين من اعظم اقطاب السينما المصرية.