بالصور والأسماء ... ننشر الشخصيات الحقيقية لجواسيس مسلسل ”السقوط فى بئر سبع”

كيف لجدران أربع أن تحتمل اثنين حياتهما كلها الخيانة؟، هل يحتمل السقف المصنع من الخشب تحركات خائنين، ويحيمهما من البرد القارص وحرارة الشمس الحارقة؟ .. وغيرها من الاستفهامات التى تتنكر لارتباط الجاسوس بإحدى الفتيات التى صنع منها جاسوسة بدرجة امتياز، وأصبحت حياتهما لا تخلو من خيانة الوطن، بل خيانة النفس للهواء الطيب الذى يمنح الحياة لمن يخون الوطن من أجل حفنة من الجنيهات، متخيلا أنه يتعاون مع أقوى أجهزة الاستخبارات، واهما أن يد أبطال المخابرات المصرية لن تصل إليه، لكن الأقدار أسقطته فى قبضة رجال المخابرات ليواجه مصير الخيانة، وتم تجسيد القصة كاملة فى عمل درامي رائع قام ببطولته الفنانة المتميزة إسعاد يونس، والمبدع سعيد صالح، والسطور التالية تكشف عن الابطال الحقيقيون  لمسلسل "السقوط فى بئر سبع " .

بطلة المأساة هى تللك الفتاة التى تحولت إلى عنصر الخيانة لمصر الكنانة، إنشراح علي موسى، والتى ولدت فى عام 1937، وهى ابنة أسرة متوسطة الحال، ونالت حظها من التعليم حيث حصلت على الشهادة الإعدادية خلال عام 1951، وحاول والدها أن يكافئها على النجاح الكبير لها فى الشهادة الإعدادية، فاصطحبها معه إلى القاهرة لحضور حفل زفاف أحد أقاربه، وهناك التقت بإبراهيم سعيد شاهين، ابن مدينة العريش، والذى يكبرها بنحو 12 عاما، وبعد عدة أيام من حفل الزفاف قام بزيارة الفتاة فى منزل إسرتها بمدينة المنيا.

كان إبراهيم شاهين، يعمل كاتبا بمديرية العمل بالعريش، وبدأ حياته الوظيفية صغيرا، ومغمورًا وكان دائما ينظر لغيره ويتمنى اللحظة الحاسمة التى يتمكن خلالها من الوصول السريع إلى منصب قيادى ويعيش حياة الثراء، حتى ورط نفسه فى رشوة، وكان مصيره الحبس ثلاثة أشهر.

وفي عام 1967 عندما احتل اليهود مدينة العريش، ألقوا القبض عليه، لكنه كان بارعا فى التودد للضباط الإسرائيليين، لتحقيق أكبر قدر من المكاسب، ومن هنا بدأت القصة، حيث شغلته فكرة العمل جاسوسا لحساب إسرائيل، في قلب القاهرة، وتمت إعادته إلى القاهرة، بعد تدريبه في الموساد على كيفية التعامل فيما يخص إرسال الرسائل الاستخباراتية السرية من قلب القاهرة لتل أبيب، وشيئا فشيئا استطاع شاهين، التمييز بين الأسلحة والمعدات العسكرية المختلفة، وكان ينقلها أولا بأول إلى الموساد، وبسبب براعته فى نقل الأخبار أولا بأول تعاظم دوره، وتوسع في النشاط، حيث بدأ يستعين بزوجته «انشراح» التي لم تعارضه فى خيانة الوطن، حيث كانت تنظم حفلات بصورة دورية للمجندين في الجيش من أصدقاء أبنائها الثلاثة الأطفال في المدرسة، وتعاملت أسرة الخيانة مع أطفالها الثلاثة الصغار، على أنهم رادارات بشرية لها دورها البارز والكبير فى التجسس على الوطن، ونجحت أسرة الخيانة فى نقل أدق التفاصيل العسكرية والاستعدادات الموجودة على الجبهة.

وقيل إن عملية استشهاد الفريق عبد المنعم رياض، رئيس أركان حرب القوات المصرية، وراءها عائلة الخيانة، حيث نجح أفراد الأسرة الخائنة فى الحصول على مواعيد حضور الجنرال المصرى إلى الجبهة، وتم إمداد إسرائيل بها فاستعدت بتوجيه الصواريخ إلى موقع تواجده .
وظن أفراد الأسرة الخائنة أنهم فى مأمن إلا أن رجال المخابرات المصرية اكتشفوا هذه الخيانة بسرعة.

حيث لاحظوا ترددهم كثيرا على إيطاليا واليونان واختفائهم هناك، حيث كانت هذه الدول بمثابة الرابط الذي يتوجهون منه إلى إسرائيل، إلى أن وقع الزوجان في الفخ، فقررت المخابرات المصرية استمرار الخيانة ومتابعتهما، وتمت السيطرة على شاهين، ومع بداية عام 1974، سافر شاهين إلى تركيا ومنها إلى اليونان ثم إلى إسرائيل، حيث حضر اجتماعا سريًا مع أحد أبرز قادة الموساد الجدد ممن تم تعيينهم بعد حرب أكتوبر، وتم الاتفاق خلال الاجتماع على منح أسرة الخيانة، جهاز إرسال جديد، بعدما كشف لهم شاهين، أنه يشعر بأمور مريبة تتم في مصر، وأنه لا يمتلك الإمكانيات المادية أو التقنية اللازمة من أجل إرسال الرسائل السريعة إليهم، وبالفعل عاد شاهين إلى مصر ومعه جهاز الإرسال الجديد، وحدث عطل بالجهاز، وإصلاحه كان يتطلب التوجه به إلى إسرائيل، وفى هذه المرة تم الاعتماد على إنشراح، وفور عودتها إلى القاهرة، فوجئت بقيام رجال المخابرات المصرية بإلقاء القبض عليها وعلى زوجها وأولادها بتهمة التجسس والتخابر، وعلى الفور أمر الزعيم الراحل أنور السادات، بسرعة تنفيذ الحكم الصادر بإعدام شاهين بعدما طالبت إسرائيل مرار بتسليمه إليها، فيما تم الإفراج عن إنشراح بعد الحبس لمدة 3سنوات وأولادها، وهرب الأبناء إلى إسرائيل عبر صحراء سيناء، بينما تم تسليم إنشراح رسميا إلى إسرائيل مقابل الحصول على الجنود الأسرى، وبمجرد وصولها إلى إسرائيل اعتنقت الديانة اليهودية، وأبناؤها الثلاثة، فيما سافر أحد الأبناء إلى البرازيل مع زوجته الإسرائيلية، بينما أقام اثنان مع إنشراح في إسرائيل بأسماء يهودية، وافتتحوا مطعما للأسماك فى إسرائيل.