بعد نجاته من حرب غزة.. استشهاد المصور الفلسطيني صالح الجعفراوي يثير الحزن

من التوثيق إلى البطولة: قصة صالح الجعفراوي شاب حمل الكاميرا بدل السلاح
لم يكن اسم صالح الجعفراوي معروفًا قبل الحرب التي استمرت لعامين في قطاع غزة، لكن شابًا في السادسة والعشرين من عمره استطاع أن يجعل من عدسته سلاحًا في وجه الدمار، لينقل للعالم مشاهد القصف اليومي، وحياة المدنيين المحاصرين بين الركام والدموع.
الجعفراوي، الذي بدأ رحلته كمصور هاوٍ، تحوّل إلى أحد أبرز الوجوه الإعلامية في القطاع، بعدما استخدم هاتفه وكاميرته لتوثيق معاناة الفلسطينيين ونشرها على منصات التواصل الاجتماعي، ليصبح صوته صدى للألم الإنساني في غزة.
نهاية مأساوية بعد النجاة من الحرب
شاءت الأقدار أن ينجو صالح الجعفراوي من القصف الإسرائيلي خلال الحرب الطويلة، لكنه قُتل الأحد في اشتباكات مسلحة بين حركة حماس ومجموعات مسلحة في غزة، وفق ما أفادت مصادر محلية.
خبر مقتله شكّل صدمة لدى متابعيه الذين تجاوز عددهم ثلاثة ملايين على إنستغرام، بعدما اعتادوا على مشاهدة مقاطعه التي تنقل تفاصيل الحياة تحت القصف، وصموده في مواجهة التهديدات التي تعرّض لها مرارًا.
بين الاتهامات الإسرائيلية ودفاعه عن الحقيقة
طوال مسيرته، لم يسلم صالح الجعفراوي من الهجمات الإعلامية الإسرائيلية التي اتهمته بتزوير المقاطع أو نشر معلومات مضللة، بل وصلت الاتهامات إلى حدّ القول بتعاونه مع إسرائيل، وهو ما نفاه بشكل قاطع.
وفي أحد تصريحاته الأخيرة، كتب الجعفراوي على منصة إكس (تويتر سابقًا): "أنا صحفي حر، يجب أن أحظى بحماية دولية، وسأستمر في توثيق الجرائم ضد شعبي".
هذا الموقف جعله رمزًا للشجاعة والإصرار على نقل الحقيقة رغم المخاطر، بعدما وضعت إسرائيل اسمه على قائمة أهدافها الإعلامية، ما اضطره في وقت سابق إلى نشر صورة للنشرة الحمراء التي تتضمن اسمه، مع تعليق ساخر حول "الثمن الذي يدفعه من يوثق الحقيقة".
صوته باقٍ رغم الرحيل
ورغم حظر بعض حساباته، واتهامه بتضليل الرأي العام، ظل الجعفراوي مصرًا على النشر عبر منصات أخرى مثل يوتيوب وتيك توك، حيث لاقت مقاطعه تفاعلًا واسعًا، وحظيت بملايين المشاهدات، لما حملته من مشاهد مؤلمة للحرب اليومية على غزة.
وبعد إعلان مقتله، عمّ الحزن مواقع التواصل الاجتماعي، ونعاه آلاف النشطاء والصحفيين العرب والأجانب، معتبرين أن رحيله "خسارة لصوت الحقيقة في غزة"، بينما دعا آخرون إلى تحقيق دولي في ملابسات مقتله.
إرث إنساني لا يُنسى
رحل صالح الجعفراوي تاركًا خلفه إرثًا من الصور والفيديوهات التي أصبحت توثيقًا بصريًا نادرًا لحرب أنهكت البشر والحجر.
قصته تختصر معاناة جيلٍ من الشباب الفلسطيني الذي اختار الكاميرا ليواجه الاحتلال، لكنه وجد نفسه في نهاية المطاف ضحية لصراعات الداخل بعد أن نجا من الموت تحت القصف.