ياسر بركات يكتب عن: باكستان.. الورقة الغامضة فى العاصفة
بين الدول العشر المشاركة فى عاصفة الحزم، تبرز مشاركة باكستان التى ترجع علاقتها مع السعودية إلى بدايات تكوين المملكة، حيث لعب الباكستانيون دوراً فى تأسيس سلاح الجو الملكى السعودى وتدريب طياريه. وتوطدت العلاقات بين البلدين رغم تعاقب الحكومات فى إسلام آباد. فوقعت اتفاقية للشراكة الاستراتيجية فى عهد الجنرال ضياء الحق, ثم جددت فى عهد الجنرال برويز مشرف. وساهم الباكستانيون دوماً فى الدفاع عن المملكة فى أوقات التوتر. فخلال السبعينيات والثمانينيات - تخللتها فترة قيام جمهورية الملالى فى إيران- استقبلت المملكة العربية السعودية نحو خمسة عشر ألف جندى باكستانى. كما وظف السعوديون الآلاف من الجنود الباكستانيين وقت حرب الخليج فى بداية التسعينيات.
السعودية كذلك استثمرت فى السلاح النووى الباكستانى، ولا نكشف سراً حين نقول إنها مولت أبحاث عبدالقدير خان النووية أواخر التسعينات، وقدمت مساعدات مالية ونفطية أعانت إسلام آباد على تجاوز تأثير العقوبات الاقتصادية الغربية عقب اختباراتها النووية. وأى متابع لا يحتاج إلى بذل أى جهد ليدرك أن السعودية تراهن على السلاح النووى الباكستانى فى توفير مظلة نووية ضد أى تهديد إيرانى محتمل، رغم نفى السعوديين والباكستانيين للأمر وتأكيدهما على أن السلاح الباكستانى النووى هو لأغراض دفاعية!
أيضا، لا بد من الإشارة إلى أنه مع بداية سنة 2014، شهدت العاصمة الباكستانية زيارات متتالية لمسئولين سعوديين بينهم ولى العهد الأمير سلمان ـ الملك الحالى وخلال تلك الزيارات، تم تجديد اتفاقية التعاون الاستراتيجى بين البلدين.
وما من شك فى أن باكستان أكثر قرباً للسعودية من تركيا، التى بات واضحاً أقل حماساً فى مكافحة التنظيمات الإرهابية هذا إن لم نتهمها بشكل مباشر بدعم الإرهاب وهو الأمر الذى أصبح مؤكدا والذى أوضحناه فى مقالات سابقة. وتكفى هنا الإشارة إلى أن تركيا كانت إلى وقت قريب وسيطاً بين الإيرانيين والغرب ومعارضاً لفرض عقوبات عليها!
ولا تبقى غير الإشارة إلى أن السعودية لديها قوات مسلحة تعد الأفضل تجهيزا فى منطقة الخليج، طبقاً لآخر تقرير للمعهد الدولى للدراسات الاستراتيجية. إذ يبلغ عدد القوات السعودية المسلحة 227 الف جندى، بينهم 75 ألفاً فى القوات البرية و13500 فى القوات البحرية و20 ألفاً فى سلاح الجو و2500 عنصر فى قوة الصواريخ الاستراتيجية ومئة ألف رجل فى الحرس الوطنى. وتتمتع القوات السعودية بعلاقات جيدة مع الجيوش الأجنبية، لاسيما الجيش الأمريكى والبريطانى والفرنسى. وتسمح هذه العلاقات بإجراء مناورات مشتركة وبالاطلاع على سلاح الشركاء. وتبرم القوات المسلحة باستمرار صفقات تسلح لشراء أسلحة حديثة وهى مهتمة بحسب وسائل إعلام بشراء غواصات.
كما تقتنى السعودية أسلحة أمريكية وبريطانية، إلا أنها أبرمت صفقات لبحريتها مع ألمانيا وفرنسا، كما اشترت مقاتلات يوروفايتر الاوروبية. ويملك سلاح البر 600 دبابة ثقيلة بينها 200 دبابة ابرامز، و780 مدرعة خفيفة و1423 ناقلة جند. أما سلاح الجو فيملك 313 طائرة مقاتلة لاسيما طائرات إف 15 وتورنادو ويورفايتر تايفون، إضافة إلى مروحيات.
وتعطى السعودية الأولوية لسلاح الجو وهى تملك أيضا ضمن سلاح الجو والردع 16 بطارية صواريخ باتريوت المضادة للصواريخ و17 بطارية صواريخ شاهين و16 بطارية صواريخ هوك و73 وحدة من صواريخ كروتال ـ شاهين.
ويعد الحرس الوطنى الذى يضم عدداً كبيراً من أبناء القبائل، قوة مستقلة له وزارته الخاصة التى تلعب دورها فى الأمن الداخلى والدفاع الخارجى على حد سواء. وسلاح الحرس الوطنى هو مدرع بشكل أساسى، إلا أنه أبرم اتفاقيات لاقتناء مروحيات قتالية من طراز اباتشى وبلاك هوك.
الخلاصة، هى أن عاصفة الحزم جاءت لتعيد الأمور إلى نصابها الصحيح فى هذا التوقيت القاتل.. ولتحقق العديد من الفوائد الاستراتيجية لعل أبرزها أو أهمها ضبط التوازن فى المنطقة بعد أن أوشكت (أو توهمت) طهران على استغلال الأوضاع المضطربة فى المنطقة لصالح مشروعها التوسعى.. وحلمها القديم الدائم بإقامة الإمبراطورية الفارسية!