الموجز
رئيس التحريرياسر بركات
الإثنين 20 مايو 2024 10:58 صـ 12 ذو القعدة 1445 هـ
أهم الأخبار

ديفيد جوفرين.. التاريخ السرى لسفير العلاقات الدافئة بين القاهرة وتل أبيب

ديفيد جوفرين
ديفيد جوفرين

الدكتور ديفيد جوفرين سفير إسرائيل الجديد لدى مصر، الذى تعدى الخمسين عامًا بأعوام قليلة، مهدت له دراسته المتعمقة في الشئون السياسية الخارجية، وبالأخص الشرق الأوسط، في أن يتدرج في مناصبه حتى استقر به الحال في أن يجلس على مقعد سفير إسرائيل لدى مصر، ليُصبح "ديفيد جوفرين" رسميًا سفير "العلاقات الدافئة"، كما وصفته صحيفة جيروزاليم بوست.
وتحت عنوان "النشيد الوطني الإسرائيلي يُعزف بقصر الرئاسة المصري.. سفير إسرائيلي جديد في القاهرة"، قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، إن دافيد جوفرين، السفير الإسرائيلي الجديد، بدأ مباشرة مهام منصبه، مقدمًا أوراق اعتماده للرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال طقس حار في القاهرة رافقته موسيقى عسكرية.
وأضافت الصحيفة أن "النشيد الوطني الإسرائيلي المعروف باسم (نشيد الأمل) أو بالعبرية (تكفا)، تم عزفه من قبل فرقة مصرية"، وفق ادعائها.
ولد ديفيد جوفرين، عام 1963، بالقدس المحتلة، وبعد خدمته العسكرية فى سلاح الجو، التحق بقسم الدراسات الشرقية فى الجامعة العبرية، وقام بأول زيارة له لمصر، خلال دراسته الجامعية، وحصل على دكتوراة في فلسفة الشرق الأوسط من الجامعة العبرية الإسرائيلية، كما حصل في نوفمبر 2008 على وسام زمالة الأبحاث من معهد أديلسون للدراسات الاستراتيجية، وجائزة دكتوراة التميز في 2008 من مركز حاييم هرتسوج لدراسات الشرق الأوسط والدبلوماسية.
بدأ "جوفرين" عمله الدبلوماسى، عام 1989، عندما التحق بالبعثة الإسرائيلية فى الأمم المتحدة، وتدرج فى المناصب داخل وزارة الخارجية حتى شغل منصب رئيس قسم الأردن وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية الإسرائيلية وذلك عام 2009، كما كان سفيرًا فى الأردن، إضافة إلى عمله كباحث زميل بمعهد هاري ترومان لأبحاث السلام في القدس، وخلال مسيرته المهنية عمل فى السفارة الإسرائيلية بالقاهرة، وفي 17 يوليو 2016 تولى رسميًا منصب سفير إسرائيل بمصر، خلفًا لـ "حاييم كورين".
وقال جوفرين، فى تصريحات سابقة لصحيفة "معاريف":"وصلت هناك (مصر) بعد عام من اتفاقيات أوسلو..كان هناك ازدهار كبير فى العلاقات بين البلدين فى هذا التوقيت.. زيارات لرئيس الوزراء إسحق رابين، وللرئيس عيزرا فايتسمان، بجانب وفود صحفية كثيرة".
ولعل عمل "جوفرين" السابق فى القاهرة مهد له الطريق، حيث جعله ينفتح أكثر على جزء من النخبة المصرية، وجعله أيضًا على دراية بالواقع المصرى جيدًا، وهو ما رجح كفته أثناء عملية اختيار سفير جديد بالقاهرة، والذى كان واحدًا ضمن ثلاثة مرشحين فيها، أحدهم أكاديمى سابق فى جامعة تل أبيب، والثانى مستشرق سبق أن عمل فى المركز الأكاديمى الإسرائيلى فى القاهرة، إلا أن ما رجح كفة "جوفرين" هو احتفاظه بعلاقات وطيدة بجزء من النخبة المصرية، ودرايته بالأوضاع فى مصر.
ومن خلال تصريحات سابقة لـ"جوفرين" تستطيع أن تعرف ولو قليلًا عن علاقاته بجزء من النخبة، وتستطيع أن تفهم أيضًا رؤيته للتعامل مع المصريين، حيث يقول: "دعيت للقاء (أثناء خدمته فى القاهرة) مع باحثة فى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، وبطريقة أو بأخرى، كانت قد حددت لنفسها لقاءً لمدة ساعة مع شخص آخر، وكلانا وصل فى نفس التوقيت، وكما هو مفهوم بدأنا الحديث".
وأضاف جوفرين: "سألنى من أكون، قلت: دبلوماسى أجنبى، قال: نعم، من أين؟ أجبت: من دولة جارة، أصر وسألنى: من أين؟، فأجبته: من إسرائيل".
وتابع السفير الجديد سرده للواقعة قائلًا: "كان هذا كما لو أنك ألقيت قنبلة تزن طنًا على الغرفة، الرجل اختنق، وصار لونه شاحبًا، عندما هدأ، سألته ببراءة ماذا حدث، قال لى: هذه هى المرة الأولى التى ألتقى فيها إسرائيليًا".
وكان الطرف الآخر فى المحادثة أستاذ فى جامعة القاهرة، ولم يذكر "جوفرين" إذا كانت ثمة علاقة جمعته به بعد هذا اللقاء، إلا أنه استدل بالواقعة على ضرورة إزالة الحاجز النفسى بين المصريين، والإسرائيليين، يقول جوفرين: "الرجل كان أستاذًا بجامعة القاهرة، ولم يكن رجلًا من الشارع، كان مصدومًا عندما رأى أن الإسرائيلى هو إنسان مثله، وليس شيئا خاصا، هذا أعادنى لأشياء تحدث عنها السادات، أن 70% من الصراع عبارة عن حاجز نفسى".
يقص السفير الجديد واقعة أخرى عما يسميه "الحاجز النفسى"، والواقعة تعود إلى إحدى جلسات محاكمة الجاسوس الإسرائيلى عزام عزام، والتى كان يحضرها جوفرين ممثلًا للسفارة، يقول: "فى نهاية الجلسة الأولى حاولوا ضرب محامى السفارة، وحدث شغب فى القاعة، وتهديد لنا، لكن قوات الأمن المصرية هربتنا، ولا أعرف إن كنا سنبقى على قيد الحياة بعد نصف دقيقة من ذلك".
ويرى "جوفرين" أن مهمة إزالة الحاجز النفسى، الذى سيحاول ترجمته على أرض الواقع خلال الفترة المقبلة، تستلزم إجراء لقاءات مباشرة مع المصريين، ويقول: "يجب علينا العمل من أجل لقاءات تكون وجهًا لوجه، وفى رأيى أن لقاءات كهذه مؤثرة جدًا، ويجب ألا نتخلى عنها".
اللقاء وجهًا لوجه، قد يسبقه لقاء آخر من خلف الشاشات عبر وسائل التواصل الاجتماعى، التى يدرك "جوفرين" أهميتها جيدًا للتواصل مع المواطنين، لذلك قرر بدء خدمته بمقطع فيديو مدته 3 دقائق، أو يزيد قليلًا ، توجه به مباشرة للمواطنين المصريين، وبدأ الفيديو بالخلفية الموسيقية ، يرافقها صور سابقة له فى القدس المحتلة، والقاهرة، وصور للرئيس السادات، وأخرى له إلى جانب قبر السادات، ويتحدث الرجل عن زيارة السادات للقدس، ثم يُلخص مهمته فى جملة واحدة: "الحاجز النفسى هو أول عقبة فى طريق السلام المنشود".
ونُشر المقطع على صفحة السفارة الإسرائيلية عبر "فيس بوك"، متضمنًا رسالة للشعب المصري، حيث حاول السفير من خلال الفيديو التقرب للمصريين، بمدح الفنان عادل إمام، والإشادة بخفة دم المصريين، وقال في رسالته للمصريين إنه معجب جدًا بمصر، وخاصة خفة الدم التي يتمتع بها الشعب المصري بالإضافة إلى حسن الضيافة، مضيفًا أن الفنان المصري، عادل إمام، أفضل كوميدي في العالم.
وتتضح ملامح الدبلوماسية الإسرائيلية التى سينتهجها "جوفرين" من خلال حديثه الذى أكد فيه أن من بين المهام الأكثر أهمية له كسفير فى مصر هى توسيع مستوى التعاون مع المصريين، لتشمل مجالات مثل الزراعة، والاقتصاد، والتجارة، والمياه، والطاقة، إلا أن الرجل قال: "إن العلاقات المصرية - الإسرائيلية قائمة على ألا نضغط على المصريين، ومن الممكن أن نطلب، وهم من الممكن أن يستجيبوا، المصلحة المشتركة الآن هى الحرب على الإرهاب، وكل طرف منا يُدير المعركة بشكل مختلف".
ويُحاول "جوفرين" جاهدًا إزالة الحاجز النفسى بينه وبين المصريين، حيث نجده دائم التحدث باللهجة المصرية، فضلًا عن استخدامه أمثالًا مصرية، ويسقطها على نفسه، مثل:"اللى بيشرب من النيل بيرجع له تانى"، ويتحدث دائمًا عن أهمية مصر، ومكانتها المحورية فى الشرق الأوسط، ثم يوضح ما يُمكن أن تُقدمه إسرائيل لمصر، أو لنقل ما يُمكن أن تُفيد به تل أبيب المواطن المصرى، (كما أراد أن يقول من رسالته) جراء تطبيع العلاقات بين البلدين، فيتحدث عن خبرات إسرائيل فى "الزراعة والمياه"، قائلًا: "جارك القريب أحسن من أخوك البعيد".
يُشار إلى أن السفير الإسرائيلى لدى مصر وصل وحيدًا، بينما بقت أسرته فى إسرائيل، تخوفًا من أى مخاطر أمنية قد تتعرض لها، ومن المتوقع أن يباشر عمله من داخل مبنى صغير فى ساحة منزل السفير الإسرائيلى بالمعادى، يتم استخدامه كمقر للسفارة، منذ اقتحام المقر الرسمى فى سبتمبر 2011.
وللسفير الجديد العديد من المؤلفات منها على سبيل المثال كتاب رحلة إلى الربيع العربي: الجذور الأيديولوجية لاضطرابات الشرق الأوسط في الفكر الليبرالي العربي، في 2014، بالإضافة إلى عدة مقالات في سياسة الشرق الأوسط، والمجتمعات العربية، منها مقال "تحطم حلم الشرق الأوسط"، ومقال "بين طهران والقدس" الذي نشر عام 2007، و"الإسرائيليون والعرب سابقة السادات"، و" السادات وليس إسرائيل من صنع التاريخ"، وفي 14 مارس 2012 كانت له مقالة في صحيفة "إسرائيل هايوم" بعنوان تحطم حلم الشرق الأوسط.
قام "جوفرين" بإعداد أبحاث منها: ورقة بحثية عن السعي نحو الإصلاحات الديمقراطية السياسية في الشرق الأوسط والثقافة السياسية السائدة في الدول العربية، بالإضافة إلى ورقة بحثية أخرى وهي الحوار الديمقراطي العربي تقرير عن العمليلة، ومن ضمن أبحاثه بحث بعنوان هالة مصطفى ومأزق الليبرالية العربية "الإصلاحية المصرية تواجه المؤسسة" وقام بكتابته في مايو 2010.
لم يكن "جوفرين" بعيدًا عن السياسة المصرية، وعن ما يحدث داخل البلاد، حتى قبل أن يتولى منصب سفير إسرائيل الجديد لدى مصر، فأثناء ثورة 25 يناير وتنحي الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، شبه التنحي بسقوط جدار برلين، حيث قال: "إن التنحي كان أشبه بسقوط جدار برلين العربي."
في ظل الحراك الثوري الذي ضرب البلاد العربية، قال إن الثورات ليست بالضرورة تقود إلى الديمقراطية، وكان التصريح هو "تآكل ثقة الشعوب في الأنظمة العربية إلى جانب عدم قدرة الأخيرة على علاج البطالة والفساد وارتفاع الأسعار، هذه التغييرات الدرامية لن تقود بالضرورة إلى الديمقراطية."
لم يغفل "جوفرين" جماعة الإخوان، فقد كان لهم أيضًا نصيبًا في تصريحاته فقال إن"اندماج عناصر المعارضة المصرية ومن بينها الإسلاميين وعملها بالسياسة يستلزم قبل كل شيء الاعتراف بقواعد اللعبة الديمقراطية، و"الإخوان"على سبيل المثال لم يعترفوا مطلقًا بالبرلمان كمصدر للسلطة التشريعية، أو بالقيم الليبرالية وفقًا للمعيار الغربي، ولهذا فإن الطريق من أجل نظام حكم ديمقراطي في القاهرة بعيد".
منذ أن وطأت قدمه أرض مصر، حرص "جوفرين" على اصطحاب رئيس الطائفة اليهودية في مصر، ماجدة هارون، برفقة نائبه، وطاقم السفارة، على التجول في القاهرة، لزيارة معبد بن عزرا، ومعبد عدلي شعاري شمايم، والمعبد اليهودي بالمعادي "بيتون".
وبحسب الصفحة الرسمية للسفارة الإسرائيلية في مصر فقد تحدثت هارون عن أحوال المعابد في مصر، خاصة معبد بن عزرا الأقدم، الذي يعود تاريخه إلى القرن التاسع الميلادي، وبه العديد من كتب التراث اليهودي التي عُثر عليها في القرن الـ 19 ، ويعتبر موقع التراث الرسمي.
بمجرد تقديم السفير الإسرائيلي الجديد لدى القاهرة أوراق اعتماده إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي، نشرت السفارة الإسرائيلية، عبر صفحتها بموقع "فيس بوك"، "إسرائيل في مصر" كلمة لـ"جوفرين" قال خلالها: "أشعر بمزيد من الفخر، والاعتزاز أن أتولى هذا المنصب في مصر أم الدنيا بلد الحضارات والتاريخ العريق، ولا يساورني الشك بأن العلاقات الثنائية بين مصر وإسرائيل حيوية ومحورية من أجل تحقيق السلام والاستقرار المنشودين للمنطقة بأسرها لا بل الرفاهية لشعوبها، وأتطلع إلى تحقيق المزيد من التعاون المثمر بين مصر وإسرائيل لتحقيق المصالح المشتركة، مع الأمل أن يسود السلام والأمن والأمان في منطقة الشرق الأوسط وهو مبتغانا جميعا".

جريدة الموجز، جريدة ورقية أسبوعية مستقلة، وموقع شامل يستطيع الجمهور من خلاله الوصول للخبر الصحيح والمعلومات الدقيقة.

ويقدم موقع الموجز للقراء كل ما يهم الشأن المصري الداخلي والخارجي بشكل يومي وعاجل، بالإضافة إلى أخر تحديثات أسعار الذهب ، أسعار العملات، أسعار الدولار، أسعار السلع أولاً بأول.

كما يقدم الموقع لقرائه أحدث وأهم أخبار الفن، وأخبار الرياضة، وأخبار السياسة، وأخبار الحوادث، وأخبار العالم ، وأهم الاحداث الكروية ، دوري أبطال أوروبا، ودوري أبطال آسيا، ودوري أبطال أفريقيا.