الموجز
رئيس التحريرياسر بركات
الإثنين 20 مايو 2024 09:59 مـ 12 ذو القعدة 1445 هـ
أهم الأخبار

حرب الفساد والمليارات الضائعة في وزارة الأوقاف

مختار جمعة
مختار جمعة

حرب ضروس تدور رحاها في أروقة وزارة الأوقاف بين الوزير الدكتور محمد مختار جمعة، ورئيس هيئتها، الدكتور أحمد عبدالحافظ، بعد توجيه الأول اتهامات مباشرة للثاني بإهدار مال الوقف بعد بيع أسهم الهيئة في بنك التعمير والإسكان.
"جمعة" أتبع اتهاماته لرئيس الهيئة ببلاغ قدمه للنائب العام، طالب فيه بالتحقيق في مخالفة صريحة في الشق الإجرائي، وشبهة "تربح" في التعامل مع شركة الأوراق المالية التي توسطت لبيع الأسهم، وتزامن ذلك مع التزام "عبد الحافظ" بالصمت التام تجاه ما يحدث، مع غيابه عن اجتماع مجلس النواب الذي ناقش الأمر، لاسيما اجتماع مختار جمعة في مقر الهيئة..
وعلى الرغم من صمت "عبد الحافظ" إلا أن المقربين منه قالوا إنَّ مختار جمعة، يسعى للإطاحة به، لأنَّه اتخذ إجراءات من أجل استثمار مال الوقف، ما أثار تحفظ الوزير.
وحصل "الموجز" على بلاغ مُقدَّم للنيابة الإدارية تضمن تفاصيل الصفقة، التي أدت إلى خسائر ضخمة وإهدار مال الوقف، حيث باع رئيس هيئة الأوقاف، الدكتور أحمد عبدالحافظ، 8 مليون و98 ألف سهم من حصتها ببنك التعمير والإسكان، بسعر 50 جنيهًا للسهم، ما خفَّض حصة الهيئة من 11.43% إلى 5.03 %، وكبدها خسائر ضخمة علاوة على فقد عضويتها في مجلس إدارة البنك.
ويبلغ رأس المال الحالي لبنك التعمير والإسكان 1.26 مليار جنيه، موزعًا على 126.5 مليون سهم، بقيمة 10 جنيهات للسهم الواحد.
وجاء في البلاغ أنَّ بنك التعمير والإسكان، يُعتبر البنك الوحيد في الشرق الأوسط، الذي يؤدي خدمات مزدوجة "مصرفية وعقارية"، وأنَّه في نمو وتطور مستمر عامًا بعد عام، والدليل على ذلك، إعلانه خلال 5 يناير 2018، الموازنة التقديرية له عن العام ذاته، التي استهدفت تحقيق صافي أرباح في 31 ديسمبر المقبل، بمبلغ 1.5 مليار جنيهًا؛ في حين وجود مشروعات خاسرة في الهيئة لم توضع لها حلول لزيادة ربحيتها وإيراداتها وعلى رأسها مصنع سجاد دمنهور ومزرعة أنشاص البالغ مساحتها 3000 فدان، بالإضافة إلى المساحات المؤجرة بمبالغ زهيدة بشرق العوينات لمساحة عشرين ألف فدان مستصلحة، حيث متوسط إيجار الفدان 650 جنيهًا سنويًّا، علاوة على مشروع زهرة المعمورة السكني المتعثر بالإسكندرية.
وذكر البلاغ أنَّ الهيئة لم تُجر دراسات الجدوى اللازمة قبل عملية بيع أسهم البنك التي ترتب عليها حرمانها من نصيب الأسهم المُباعة من توزيع أرباح البنك عن العام المالي المنتهي 31 ديسمبر 2017، التي ستتعدى المليار جنيهًا والتي يتم توزيعها في شهر أبريل من كل عام بعد اجتماع الجمعية العامة العادية للبنك، حيث توزع الأرباح لحامل الأسهم، إضافة إلى حرمانها من نصيب الأسهم المباعة من توزيعات الأسهم المجانية بواقع سهم مجاني لكل 5 أسهم أصلية، ما يحرم الهيئة من حصولها على أسهم مجانية بمقدار عدد 1.62 مليون سهم مجاني بقيمة لا تقل عن ١٠٠ مليون جنيهًا، لاسيما حرمانها من نصيب الأسهم المباعة من المبالغ الموجودة في حسابي الاحتياطي القانوني والاحتياطي العام بميزانية البنك وحرمانها من تمثيلها في عضوية مجلس إدارة البنك، ما يُعد خسارة ضخمة، هذا بخلاف تحمل الهيئة عمولة شركة بلتون التي نفذت عملية بيع الأسهم.
وأضاف أن عملية بيع أسهم البنك تُعد تبديد لمال الوقف، حيث إنَّ هيئة الأوقاف تكبدت خسائر ضخمة، حيث خفض حصتها من 11,43% إلى 5,03%، بعد بيعها ٨,٩٨ مليون من أسهم البنك، وذلك على الرغم من تحقيق البنك أرباح مجمعة بلغت ١.٠٢ مليار جنيهًا خلال الفترة من يناير حتى سبتمبر ٢٠١٧ مقابل أرباح بلغت ٦١٢.٠٨ مليون جنيه بالمقارنة بالفترة ذاتها خلال ٢٠١٦؛ وعلى الرغم من أنَّ المؤشرات المالية المستقلة للبنك التي أظهرت خلال الـ9 أشهر الأولى من ٢٠١٧ ارتفاع أرباحه بنسبة 60%، على أساس سنوي لتبلغ بذلك ٨٨٨ مليون جنيهًا، نتيجة ارتفاع إيرادات الفوائد، ومن المتوقع أن تتعدى صافي أرباح البنك المليار جنيهًا.
وتابع أنه رغم عقد البنك في ٢٠ ديسمبر ٢٠١٧ لجمعية عامَّة غير عادية، حضرها الدكتور أحمد عبدالحافظ، رئيس الهيئة، والتي أقرَّت واعتمدت زيادة رأس المال من ١.٢ مليار جنيهًا إلى ١.٥١ مليار جنيهًا عبر توزيع أسهم مجانية بواقع سهم مجاني لكل 5 أسهم أصلية، إلَّا أنَّه لم ينتظر توزيع أرباح البنك على الأقل عن عام ٢٠١٧ والتي يتم عادة توزيعها خلال شهر أبريل من كل عام على المساهمين, كما أنَّه لم ينتظر توزيع الأسهم المجانية التي اعتمدتها الجمعية العمومية غير العادية للبنك خلال 20 ديسمبر 2017، حيث باع ٨,٠٩٨ مليون سهم في 16 يناير 2018، وتم كل هذا البيع والتبديد في مال الوقف دون إعداد أي دراسات جدوى اقتصادية وعرضها على وزارة الأوقاف، الجهة المالكة لإصدار القرار المناسب، حيث اتخذ "عبدالحافظ" القرار منفردًا، رغم أنَّه ليس من سلطاته أو سلطات مجلس إدارة الهيئة اتخاذ قرار البيع للأسهم دون الرجوع لمجلس الوكلاء بالوزارة.
كما أوضح البلاغ أنَّ أبرز المخالفات التي شابت عملية بيع الأسهم تمثلت في أنَّ هيئة الأوقاف لا تملك سلطة اتخاذ قرار بيع هذه الأسهم التي تعتبر أصل من أصول الوقف الخيري، إذ إنَّ الذي له سلطة اتخاذ مثل هذا القرار هو مجلس وكلاء وزارة الأوقاف، وذلك وفقًا لنص المادة الثالثة من قانون إنشاء هيئة الأوقاف رقم "80" لعام 1972 المتضمنة في الفقرة الأولى بأن تنتقل إلى مجلس إدارة الهيئة الاختصاصات المحوَّلة للجنة شئون الأوقاف بالقانون رقم "272" لعام 1959، والفقرة الثانية من المادة تضمنت بأن تؤول الاختصاصات الأخرى المحولة للجنة شئون الأوقاف إلى مجلس وكلاء وزارة الأوقاف.
وأشار إلى أنَّ أسلوب بيع الأسهم تم دفعة واحدة "كأنها صفقة"، ما ترتب عليه سعر بيع السهم أصبح موحد لجميع الأسهم المباعة وهو 50 جنيهًا لـ8.098 مليون سهم؛ بينما كان الأمر يتطلب الاحترافية في أسلوب البيع بأن يتم البيع لهذا العدد الضخم من الأسهم على مدار أكثر من شهرين، وفقًا لقانون العرض والطلب، ما كان سيترتب عليه بأن سعر بيع الأسهم سيختلف من سهم إلى سهم حيث يبدأ بـ50 جنيهًا وقد يصل إلى أكثر من ٨٠ جنيهًا نظرًا لقوة سهم بنك التعمير والإسكان بالبورصة، لافتًا إلى أنَّ هناك مخالفة أخرى تتمثل في عدم تكليف الهيئة أكثر من جهة معتمدة من هيئة سوق المال ومن البنك المركزي لتحديد القيمة السوقية العادلة الاسترشادية لسهم البنك من خلال آخر خمس ميزانيات للبنك وتحديد حجم الطلب المتوقع لشراء السهم من خلال البورصة خاصة وأن سهم البنك تحت نظر وتتبع المستثمرين العرب، علاوة على عدم تحديد الأسلوب العلمي لطرح هذا العدد الضخم للبيع من خلال البورصة للوصول تدريجيًّا إلى أعلى سعر للسهم.
وأضاف أن كل ذلك أدى إلى إهدار تاريخ الهيئة التي دخلت ضمن مؤسسي بنك التعمير والإسكان عام ١٩٧٦؛ حيث تعود فكرة إنشاء هذا البنك إلى القيادة السياسية عقب حرب ١٩٧٣ لتعمير مدن القناة الثلاثة "بورسعيد والإسماعيلية والسويس" بعد أن تم تدميرهم، متسائلًا "هل القيمة لسهم البنك البالغة ١٠ جنيهات التي تم الاكتتاب بها خلال عام ١٩٧٦ وقت تأسيس البنك تعادل القوى الشرائية لمبلغ ٥٠ جنيه في عام ٢٠١٨؟
وأشار إلى أنَّ قطاع الاستثمار بهيئة الأوقاف، وقف موقفًا سلبيًّا تجاه ذلك الأمر ولم يحمي استثمارات الهيئة الآمنة التي تُحقق ربحًا عاليًّا متناميًّا، مبديًّا تخوفًا من استخدام المخطط ذاته في أسهم بنك فيصل الإسلامي وشركة التمويل العقاري التابعة لبنك التعمير والإسكان.
صديق رئيس الهيئة
من جانيه قال مصدر في الهيئة لـ"الموجز" إن الدكتور أحمد عبدالحافظ، شريكًا في شركة "بلتون" لتداول الأوراق المالية، التي تمت العملية بواسطتها، علاوة على علاقته بأيمن محسب، الذي جاء به "عبدالحافظ" إلى الهيئة على أنَّه خبير تسويق كبير دون أن يكون له خبرات قوية في هذا المجال، إلَّا أنه اعتمد على أنه صديقًا له، وبذلك فرضه على العاملين والموظفين وأعطى له منصبًا هامًا الشركة الوطنية لاستثمارات الأوقاف (المحمودية سابقاً) التابعة للهيئة.
وتساءل المصدر: هل لـ"محسب" الصديق الوفي لرئيس الهيئة دور في ترتيب صفقة بيع أسهم الهيئة في حصتها لدى بنك التعمير والإسكان على اعتبار رد الجميل لمن عينه؟، وما هي علاقة شجرة الأصدقاء الخاصة بـ"عبدالحافظ" الموزعين بالتعيين في وظائف هامة مالية واستثمارية وتسويقية بالهيئة وشركة المحمودية بهذه الصفقة، وهل عينهم لدعم قرارته وتحصين نفسه بهم؟.
مخالفة صريحة
وكان الشيخ جابر طايع، رئيس القطاع الديني بالأوقاف، قد أوضح أنه خاطب وزيره، الدكتور محمد مختار جمعة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات والنيابة الإدارية للتحقيق في واقعة بيع أسهم الهيئة في بنك التعمير والإسكان، دون العرض على مجلس إدارة الهيئة أو مجلس وكلاء الأوقاف أو لجنة الاستثمار بالهيئة، خلال اجتماع اللجنة الفرعية المشكلة من لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، لمناقشة حساب ختامي الموازنة العامة للدولة والهيئات العامة الاقتصادية والهيئة القومية للإنتاج الحربي للسنة المالية 2017/2016 برئاسة النائب مصطفى سالم.
وذكر أنَّه تم طلب حضور رئيس هيئة الأوقاف في 14 مارس الماضي لاجتماع مجلس وكلاء الأوقاف، وتمت مطالبته برد كتابي في هذا الشأن إلَّا أنه لم يرد، وتم إرسال خطاب ثانٍ له ثم رفع مذكرة للوزير الذي اتخذ الإجراءات اللازمة بمخاطبة الجهاز المركزي للمحاسبات والنيابة الإدارية.
وقال: هناك مخالفة صريحة في الشق الإجرائي، وشبهة "تربح" في التعامل مع شركة الأوراق المالية؛ والوزير وجه بتشكيل لجنة برئاستي لبحث الموضوع بالهيئة واتخاذ قرار مناسب.
وفي السياق ذاته طالبت اللجنة الفرعية لـ"الخطة والموازنة" إفادتها بنتائج أعمال الجهاز المركزي للمحاسبات بناء على مخاطبة الوزير لرئيس الجهاز بتاريخ 12 أبريل 2018، وموافاتها بما طلبته من بيانات ومستندات من الهيئة، وأوصت بمخاطبة رئيس مجلس النواب لتشكيل لجنة تقصي حقائق لمراجعة أعمال هيئة الأوقاف المصرية، فضلًا عن إبلاغها بما تنتهي إليه أعمال اللجنة المشكلة بقرار وزير الأوقاف رقم 79 لعام 2018 بتاريخ 14 أبريل الماضي, بشأن بيع أسهم مملوكة للهيئة ببنك التعمير والإسكان دون الرجوع لمجلس وكلاء الأوقاف, وكذلك ما تنتهى إليه تحقيقات النيابة الإدارية بناء على قرار وزير الأوقاف بإحالة الأمر للنيابة الإدارية.
مال خاص
العجيب في الأمر، أنَّ "عبدالحافظ" قد أكد في حوارٍ تليفزيوني، أن الهيئة تُدير الأوقاف فقط، وتأخذ 15% من الإيرادات، و10% توضع تحت بند تنمية الموارد، و75% تذهب لوزارة الأوقاف لاستخدامها في الدعوة، موضحًا أنَّ الأوقاف عبارة عن مال خاص يدار بهيئة عامة، وفي القدم كان كل منطقة تدار بما يسمى "ناظر وقف"، وعندما جاءت ثورة يوليو 1952، وأخذت جزءً كبيرًا من الأوقاف ودخولها بالإصلاح الزراعي، حدثت مشاكل هائلة بين الأوقاف والإصلاح الزراعي، لتحديد توصيف هذه الأصول من كونها وقف أم إصلاح زراعي للفصل بينهما.
وقال إنَّ حجم الأصول المحصورة يصل إلى 800 مليار جنيه، ومن الممكن وصوله إلى أكثر من تريليون جنيه، عند الانتهاء من خطة الحصر الكاملة، عن طريق اللجنة المشكلة من هيئة المساحة، ووزارة الأوقاف، والهيئة العامة للأوقاف، ووزارة الاتصالات.
يذكر أن غياب "عبدالحافظ"، الذي عينه مختار جمعة، بالقرار الوزاري رقم 139 لعام 2017، عن اجتماع اللجنة الفرعية المشكلة من لجنة الخطة والموازنة في البرلمان، لمناقشة مسببات الخسائر المتتالية من واقع الحسابات الختامية للهيئة، قد أثار استياء النائب مصطفى سالم، قائلًا "اعتذار رئيس هيئة الأوقاف غير مقبول للجنة لوجود طلبات هامة سبق أن ناقشتها اللجنة معه في 5 مارس الماضي وكان من المفترض استكمال المناقشات".
وأوضح أنَّ غياب "عبدالحافظ" عن الاجتماع يُثير الريبة والشك ويُعتبر متعمد ونوع من أنواع تعطيل العمل في المجلس، وأوصت اللجنة بمخاطبة وزير الأوقاف باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة تجاه رئيس الهيئة بشأن تعمده عدم حضور أعمال اللجنة اليوم وتعطيل أعمال مجلس النواب دون وجود مانع قانوني أو سابق إخطار كتابي للمجلس مع إخطار رئيس مجلس الوزراء بذلك.
ومن ناحيته قال المهندس ياسر عمر شيبة وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب: "نحن ننتظر ردود منه شخصيًّا في أمور يجب أن تُباشرها جهات التحقيق، الهيئة فيها بلاوي وجايين النهاردة عشان نتعرف عليها وغياب رئيس الهيئة عن الاجتماع تغطية على البلاوي".

جريدة الموجز، جريدة ورقية أسبوعية مستقلة، وموقع شامل يستطيع الجمهور من خلاله الوصول للخبر الصحيح والمعلومات الدقيقة.

ويقدم موقع الموجز للقراء كل ما يهم الشأن المصري الداخلي والخارجي بشكل يومي وعاجل، بالإضافة إلى أخر تحديثات أسعار الذهب ، أسعار العملات، أسعار الدولار، أسعار السلع أولاً بأول.

كما يقدم الموقع لقرائه أحدث وأهم أخبار الفن، وأخبار الرياضة، وأخبار السياسة، وأخبار الحوادث، وأخبار العالم ، وأهم الاحداث الكروية ، دوري أبطال أوروبا، ودوري أبطال آسيا، ودوري أبطال أفريقيا.