الموجز
رئيس التحريرياسر بركات
الجمعة 26 أبريل 2024 10:23 صـ 17 شوال 1445 هـ
أهم الأخبار

سرى للغاية .. الملف الأسود لـ”حقوق الانسان ”فى أمريكا 

75 حرباً وتدخلاً عسكرياً أو دعماً لانقلاب عسكري نفذتها الولايات المتحدة

منذ نهاية الحرب العالمية

قصة السفاح مانويل نوريجا احد كبار بارونات تجارة المخدرات في أمريكا اللاتينية بزعم أنه الممثل الشرعي الوحيد للمصلحة الأمريكية في بنما

لا يجوز أن يترأس الولايات المتحدة سوى أمريكي أبيض بروتستانتي

"كيندى" شذ عن القاعدة فتم اغتياله و"أوباما "استسلم للابتزاز وينتظر المجهول

يستحق ملف حقوق الانسان ان نطلق عليه "باكورة انتاج السينما الأمريكية الحديثة " فمثلما نجحت الولايات المتحدة فى اختراق وغزو العالم بسلاح السينما الهوليودية ثم الغزو المسلح فقد قررت ان تدق مسمار فى نعش كل دول العالم خاصة فى الشرق الاوسط بملف حقوق الانسان ونصبت من نفسها رقيبا وجلادا على هذا الملف الطويل والشائك ليكون بوابة عبور لها للتدخل فى الشئون الداخلية للدول ثم الضغط ويتبع ذلك الغزو .

ولم يكلف احد نفسه بالبحث والتنقيب فى ملف حقوق الانسان داخل أمريكا نفسها ولم يقترب احد ممن اكتووا بنيران العدوان الامريكى من هذا الملف الذى يشبه حقل الالغام ..فمن يجرؤ ان يفتش فى الداخل الأمريكى ومن يقدر على مواجهة ومحاسبة الدولة العظمى التى تحاسب وتعاقب العالم ؟!!.

ويبدو أن العالم قد تناسى ان هذه الامبراطورية الامريكية الظالمة قامت فى الاساس على جثث بنى البشر فرغم أن الولايات المتحدة هي أكثر دول العالم صخباً وضجيجاً بالحديث عن حقوق الإنسان وشعاراته ، كما أنها الدولة الأكثر استخداما لورقة حقوق الإنسان في سياستها الخارجية ، إلا أنها على صعيد الممارسة الفعلية تعد الدولة الأخطر على مر التاريخ التي انتهكت وتنتهك حقوق الإنسان ، أما كل هذا الضجيج والصخب -الأمريكي -حول حقوق الإنسان لم يكن سوى ستارا ، أخفى خلفه نزعة التوسع والسيطرة التي طبعت الامبرطورية الأمريكية منذ نشأتها وقيامها فوق تلال من جماجم عشرات الملايين من الهنود الحمر ، وهكذا فان حقوق الإنسان كانت هي اللافتة التي اتخذتها الولايات المتحدة ستارا لارتكاب أبشع ممارسات انتهاكات الإنسان في تاريخ البشرية .

وقد دفعت هذه المفارقة الصارخة احد المحللين الى القول بان الولايات المتحدة أكثر الامبرطوريات دموية في التاريخ.. كانت هي الأكثر وقاحة بين نظيرتها في استخدام حقوق الإنسان كمبرر لتلك الدموية غير المسبوقة . وقريبا من هذا المعني ، ذهب المفكر الأمريكي ناعوم شومسكي الى انه ” من وجهة النظر القانونية أن هناك ما يكفي من الأدلة لاتهام كل الرؤساء الأمريكيين منذ نهاية الحرب العالمية بأنهم مجرمو حرب ، أو على الأقل متورطون بدرجة كبيرة في جرائم حرب ” .

التاريخ الطويل للانتهاكات والجرائم الامريكية يحتاج الى ملفات كثيرة ويستحق منا التدقيق ولان لغة الأرقام هي الفيصل للتدليل على هذا الأمر، فمنذ نهاية الحرب العالمية وإلى اليوم يكفى أن نقول أن هناك 75حرباً وتدخلاً عسكرياً أو دعماً لانقلاب عسكري نفذتها الولايات المتحدة الأمريكية في مناطق شتى من العالم ، وكلها لا علاقة لها بالدفاع عن حقوق الإنسان أو إضاءة مشاعل الديمقراطية للشعوب المغلوبة ، رغم أن هذا ما تم الترويج له .

وكانت أمريكا اللاتينية أو ما تسميه واشنطن بفنائها الخلفي ، هي المسرح الرئيسي لحروب أمريكا ” الديمقراطية ” ، فبعد 12 عاما من الانقلاب الدموي في جواتيمالا ، هيأت إدارة كنيدي في عام 1964 م لانقلاب عسكري في البرازيل ، أدى لوأد التجربة الديمقراطية البرازيلية الواعدة في مهدها ، كل لذلك من أجل عيون الشركات الأمريكية العملاقة المسيطرة على مقدرات البلاد ، وليعيش البرازيليون تحت خط الفقر رغم أن بلادهم تتمتع بثروة تمكنها من أن تكون من أغنى بلاد العالم .

ومن يدقق فى تاريخ الإدارات الأمريكية المتعاقبة يدرك – بكل وضوح – زيف الشعارات التي بشرت بها العالم عقب الحرب العالمية الثانية ، إذ لم تجد هذه الإدارات أي غضاضة في أن تدوس على كل القيم التي نادت بها إذا ما تبين أنها تحول دون تحقيق مصالحها الذاتية .. ففي عام 1944م قامت ثورة في جواتيمالا، وأسست حكومة ديمقراطية وبدت بشائر التنمية الاقتصادية المستقلة ، فأثار ذلك زوبعة هستيرية في واشنطن ، ووصف الموقف في (جواتيمالا) عام 1952م بأنه معاد للمصالح الأمريكية ، مما استدعى انقلاباً عسكرياً دعمته إدارة كارتر ، فسفكت الدماء ، وسار الفساد في جواتيمالا لا لشيء إلا لأن المصلحة الأمريكية تقتضي ذلك .

وفي أواخر السبعينيات من هذا القرن سعت الولايات المتحدة الأمريكية جاهد للإبقاء على الطاغية المفسد المستبد “اناستاسيو سوموزا ” حاكم نيكاراجوا.. لأن في إبقائه ضرورة تقتضيها المصلحة الأمريكية. وفي مارس 1980م قامت الحكومة الأمريكية بدعم الحكومة العسكرية في السلفادور ضد الشعب في سبيل تثبيت دعائم تلك الحكومة الديكتاتورية التي مارست أبشع أنواع القتل والتعذيب ضد شعبها تحت سمع وبصر الولايات المتحدة لأنها تؤدي دورها بكفاءة في خدمة المصالح الأمريكية في المنطقة .
ما سبق جزء يسير من الجرائم الأمريكية ففي ديسمبر من عام 1969 غزا الأمريكيون بنما ، وقتلوا الآلاف في سبيل إعادة السلطة الى السفاح مانويل نوريجا ، والذي يعد احد كبار بارونات تجارة المخدرات في أمريكا اللاتينية ، وذلك بزعم أنه الممثل الشرعي الوحيد للمصلحة الأمريكية في بنما ، وعندما خرج نوريجا العميل المطيع للمخابرات الأمريكية عن الخط المرسوم له ، عادت واشنطن لاستخدام قبضتها الحديدية ، وقامت باختطافه بزعم تورطه في تهريب المخدرات الى داخل أمريكا ، ودون أي اعتبار للحصانة التي يمنحها القانون الدولي لرؤساء الدول .
أما قلب القارة السمراء وقرنها الإفريقى فلم يغب عن نظر الوحش الامريكى المفترس ففي العام 1992م عندما أرادت الولايات المتحدة أن تؤمن لنفسها موطئ قدم في القرن الإفريقي البالغ الأهمية استراتيجياً لها ولدولة اليهود ، تعللت بالفوضى التي حلت في الصومال برحيل العميل الهزيل سياد بري ، وحشدت قوات التدخل السريع التي راحت تمارس القتل على الطريقة الأمريكية ، فقتلت من الصوماليين باسم تهدئة الأوضاع وإطعام الجوعى في عملية (إعادة الأمل) ما لا يقل عن ألف صومالي .. وهو ثمن لا بد من دفعه وأكثر منه لأن الأمر يتعلق بالمصلحة الاستراتيجية الأمريكية الصهيونية .
وعلى الصعيد الداخلي تعتبر الولايات المتحدة من أكثر دول العالم انتهاكا لحقوق الإنسان حيث يعيش المجتمع الأمريكي بعنصرية فجة وفقر مدقع في مناطق السود والملونيين هذا بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الجريمة والانحلال الخلقي بين جنبات المجتمع الأمريكي .
وهذا الملف الذى ستنشره الموجز على حلقات متتابعة سوف نرصد من خلاله جرائم وانتهاكات أمريكا لحقوق الإنسان داخلياً وخارجياً ويدعم ذلك بالبراهين والأدلة الدولية الموثقة .

ونقطة الانطلاق نبدأها من وضع تعريف اطارى لحقوق الانسان فمصطلح حقوق الإنسان من المصطلحات التي من كثرة استخدامها والتوسيع فيها تاهت حقيقتها ، ولكننا سوف نعرض لمفهوم حقوق الإنسان في شكله العام والبسيط المرتكز على الانتصار للمظلوم وتثبيت مبادئ العدالة وترسيخها، ورفض الظلم أياً كان مصدره.

وقد عززت الأديان السماوية بشكل خاص من هذه المبادئ والمفاهيم من خلال النصوص والممارسة.

وقد كانت حقوق الإنسان منذ نشأة التاريخ الأوروبي المعاصر عبارة عن كفالة الحريات للطبقة البرجوازية ضد الإقطاع والبابوية إلا أن هذا المفهوم تجاهل المستحقين الحقيقيين لتلك الحقوق من الفقراء والمعدومين والعبيد . ورغم أن المذاهب الاشتراكية ركزت أساساً على معالجة تلك النظرة الجزئية لحقوق الإنسان ، فإنها فرضت نمطا من الحقوق الاجتماعية تجاهل الحقوق الفردية للإنسان ، وتحت لافتة الحقوق الاجتماعية ، شهد الاتحاد السوفيتي ، قمة الهرم الشيوعي ، أبشع عمليات القمع والتهجير القسري وكبت الحريات .

وفي المقابل ، فان التصور الإسلامي لحقوق الإنسان تميز بالوضوح و الحزم ، منطلقا من مسلمة أساسية فحواها: أن الله خالق هذا الكون ومالكه وهو أعلم بمخلوقاته فهو المشرّع وحده والآمر ـ وان الإنسان خصّ من دون الكائنات بالاستخلاف بما ستحفظ عليه من أمانات العقل والإرادة والحرية والمسؤولية والمنهج الإلهي المنظم لحياته ، ولذا فان الشرعية الإسلامية عنيت اشد العناية بالتأكيد على حق كل إنسان في الحصول الحريات اللازمة كي يؤدي مهمته في الاستخلاف واعمار الأرض .

أما المفهوم الحديث لمصطلح حقوق الإنسان فقد ظهر المصطلح بمسماه المتعارف عليه الآن في الحضارة الغربية وقد شهد هذا المصطلح صفحات دامية ومؤلمة ولكن من الثابت تاريخياً أن الفرنسيين هم أول من أطلق هذا الاسم على مواثيق الحقوق ، ونص إعلانهم الذي صدر في سنة 1789م، على اعتبار أن تلك الحقوق لا تخص إنساناً دون الآخر، بل تخص كل إنسان، أينما وجد. إلاّ أن جوهر الفكرة، وأساسها الفلسفي، ولد في أثينا على يد فلاسفة القانون الطبيعي، ممثلة في مدرسة السوفسطائيين ، غير أن الفكرة ظلت فلسفية، لا تحظى بتطبيق عملي، قبل قيام الدولة الحديثة.
وحاولت المسيحية أول عهدها، أن تثبت للفرد قيمته كإنسان، مؤكدة على حق، كان يهمها في المقام الأول، وهو حرية اعتناق العقيدة. إلاّ إن القائمين على شئون الديانة المسيحية تراجعوا عن تلك الخطوة، خلال القرن الرابع الميلادي، عندما اشتد عود المسيحية، واعترف بها الإمبراطور قسطنطين ديناً رسمياً للإمبراطورية الرومانية، واعتبرت العقيدة الوحيدة المسموح بها داخل الإمبراطورية.
وتاهت فكرة حقوق الإنسان في أوروبا بعد ذلك، في خضم ظلام القرون الوسطى، إلاّ من ومضات خاطفة، مثل العهد الكبير في إنجلترا، الذي صدر عام 1215م، والذي حَدّ من سلطان الملك، والأشراف، ورجال الدين لصالح الشعب. وبحلول القرن السابع عشر، بدأ ظهور الفرديين أو فلاسفة المذهب الفردي كأمثال: جون لوك جان جاك روسو، آدم سميث ، وقد كان رأيهم، أن الهدف الأقصى للقانون هو حماية الفرد وحرية ، وقد أسسوا فلسفتهم، على أساس نظرية الحقوق والحريات الطبيعية، التي كانت نتاجاً لأفكار مدرسة القانون الطبيعي.

مواثيق حقوق الإنسان الدولية
اتفق العالم بعد أن مُني بحربين أوروبيتين في خلال أقل من نصف قرن على إنشاء هيئة الأمم المتحدة ، لعدم تكرار مثل هذه الحروب وحماية للجنس البشرى وحقوقه المشروعة. وبدأ ميثاقها بديباجة نصها: “نحن شعوب الأمم المتحدة، وقد آلينا على أنفسنا أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب، التي خلال جيل واحد، جلبت على الإنسانية مرتين أحزاناً يعجز عنها الوصف ..وأن نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان، وبكرامة الفرد وقدرته، وبما للرجال والنساء، والأمم كبيرها وصغيرها، من حقوق متساوية”.
وأنشأت الأمم المتحدة في دور انعقادها العادي لسنة 1946م، لجنة للبحث في حقوق الإنسان، وتضمينها وثيقة دولية. وفعلاً صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948م، غير أن أحكامه لم تكتسب بعد صفة الإلزام، إذ لم تصبح، حتى الآن، من القواعد الوضعية في القانون الدولي. فالإعلان لا يعدو أن يكون توصية، أصدرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، تناشد فيها الدول الأعضاء في الهيئة، بإتباع الأحكام التي تضمنها الإعلان.
وعقب إصدار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948، وما استتبعه من قرارات وعهود ومواثيق، وجدت الأمم المتحدة أن كل الجهود، المبذولة في هذا السياق، لم تفلح في المحافظة على حقوق الإنسان في كثير من دول العالم. ذلك، أن الدول الاستعمارية، والأنظمة الحاكمة في كثير من دول العالم الثالث، ظلت تنتهك حقوق الإنسان الأساسية، والكرامة البشرية، في الأقاليم التابعة لها. وظل ملايين الناس حول العالم لا يعرفون ما يحق لهم بوصفهم بشراً. وحال بينهم وبين هذه المعرفة، عوامل الفقر، والتخلف، والجهل. وتبعاً لذلك كله، شرعت منظمة الأمم المتحدة، في الاتجاه، نحو تجريم انتهاك حقوق الإنسان وعدِّ أي ممارسات، تنتقص من تلك الحقوق جرائم دولية تستلزم استنفار المجتمع الدولي لوقفها.

تشكلت الولايات المتحدة الأمريكية ، في صورتها الحالية ، من عناصر انجلوساكسونية كان الغالب عليها العرق البريطاني الأبيض ، وشنت هذا العناصر حملة إبادة شاملة ضد سكان القارة الأصليين من الهنود الحمر، فيما كان المقاتلون الانجلوساكسون يتنافسون على من يقتل أكثر من الهنود الحمر ، كان أقرانهم من التجار والبحارة يجوبون شواطىء أفريقيا لاختطاف اكبر عدد من الرجال السود الأشداء ، وهكذا فان الولايات المتحدة قامت أساسا على إبادة السكان الأصليين لإفساح المجال المستوطنين الجدد من ناحية ، وجلب اكبر عدد من الأفارقة وتحويلهم الى عبيد لتعمير القارة الجديدة من ناحية أخرى ، أي أن الإمبراطورية الأمريكية أرتوت من منبعين : دماء الهنود وعرق الأفارقة .

وكان من الطبيعي أن تنبت هذه التربة المخلوطة بالدم المسفوح والعرق المستباح مجتمعا مشوها ، يمتلك جنوحا نحو استخدام العنف وشراهة غير مسبوقة لسفك الدماء ، ومن المفارقة أن ” حقوق الإنسان ” كانت هي الراية التي تمت تحتها أبشع المجازر الأمريكية ، وقد سلح المسئولون الأمريكيون أنفسهم بترسانة من الأسلحة ” الحقوقية ” المدمرة ، لم يقتصر استخدامها على الخارج فقط ، بل كثيرا ما تم توظيف تلك الأسلحة لتقنين الاختلالات العنصرية في المجتمع الأمريكي ، ولقهر طائفة لصالح أخرى .

أما الجذور التاريخية والفكرية للمعاداة الأمريكية لحقوق الإنسان فتشير جميع الوثائق التاريخية إلى دموية وإرهاب أمريكا منذ فجر تاريخها دون مواربة فهي تشكلت بعد الحرب أهلية بين الجنوب والشمال وانجلت عن تشكل ما يسمى الولايات المتحدة الأمريكية ، ولو نظرنا إلى خارطة التوزيع الديني المذهبي في الولايات المتحدة نجد أن البروتستانت هم القوة الأكبر والأكثر عدداً وهم بشكل عام المهيمنون على قطاعات السياسة والحكم والاقتصاد والفكر الديني. والبروتستانتية الأمريكية بمجملها تميل إلى أفكار جون كالفن الداعية الفرنسي البروتستانتي الذي طور ما جاء به مارتن لوثر من حيث اعتماده العهد القديم كأساس للعهد الجديد متوافقاً مع موجة التوجه الاستعماري في أمريكا.

وقد قدم "جون كالفن" رؤية متكاملة للعقلية الغربية المتمردة على تعاليم المسيحية الكاثوليكية البابوية ، لكنه تجاوز هذا التمرد ليضع أسساً عنصرية دينية يرى من خلالها أن العرق الأبيض هو أسمى العروق في العالم وأن البروتستانت أسمى المذاهب المسيحية بل إنه أسمى من الأديان كلها. وقد فسر كالفن الاسترقاق بأنه قدر إلهي ، فعلى العبيد والمسترقين القبول بهذا القدر.
ولما كان "كالفن" على صلة وثيقة بالتفسير الحرفي للتوراة فقد تبنى فكرة شعب الله المختار لكنه جعلها خاصة بالعرق الأبيض والبروتستانتي تحديداً إضافة لاعترافه بما يسمى شعب الله المختار اليهودي ، وقد تبنى دعوته معظم القادة والمفكرين الذين بدأوا حملتهم في أمريكا وراحوا حسب زعمهم يطرحونها عرقياً وخاصة في تعاملهم مع أهلها من الهنود الحمر. وظلت الأفكار الكالفينية ترتقي في الشخصية الأمريكية حتى أضحت جزءاً من نسيجها العقلي والنفسي ، وإذا تفحصنا الواقع الاجتماعي والسياسي الاميركي المعاصر نرى أن هذا العامل ما يزال يتجسد بكثير من الأشكال.

فعلى سبيل المثال: لا يجوز أن يترأس الولايات المتحدة سوى أمريكي أبيض بروتستانتي ، وفي تاريخ الولايات المتحدة كله لم تشذ هذه القاعدة سوى مرة واحدة عندما أصبح جون كيندي رئيساً وهو كاثوليكي ، ولا ندري إن كان مقتله نتيجة طبيعية للفكر البروتستانتي المتعصب والمتعاون مع أوساط صهيونية مشبوهة؟ ثم باراك أوباما وهو أسود .

ويرى الباحث منير العش في كاتبه ” أمريكا والابادات الجماعية ، أن الفلسفة الأمريكية السياسية والفكرية تقوم على فكرة الاستعمار القذر ، والاستعمار القذر هو الاستعمار الذي يقوم على سرقة الأرض وطرد اصحابها الأصليين أو تهميشهم بحيث لا يملكون من خيار سوى القبول بالتنازل للمستعمر عن كل شيء والرضا بالقليل من فتات الموائد وما يمن عليهم المستعمر من بقايا الطعام والشراب فالأرض تسرق ويتم احتلالها بالقوة العسكرية وتستبدل الثقافة السائدة فيه بالثقافة الداخلية للمستعمر .

ويرصد العكش حالة من التطابق التام بين الفكر الأمريكي المستعمر والفكر اليهودي الصهيوني ، فما فعله المستعمرون البيض في أمريكا الشمالية كان يستمد جذوره من فكرة إسرائيل التاريخية ، حيث تقمصوا وقائعها وإبطالها وإبعادها الدينية والاجتماعية والسياسية فكانوا يسمون أنفسهم يهودا عبرانيين ويطلقون على العالم الجديد اسم إسرائيل وارض كنعان وكانوا يقتلون الهنود الحمر وهم على قناعة بأنهم عبرانيون أعطاهم الرب تفويضا بقتل الكنعانيين . وهذا التقمص رسخ عبر مراحل زمنية متتالية الثوابت الخمسة التي رافقت التاريخ الأمريكي وهي : ( عقيدة الاختيار الإلهي ، والتفوق العرقي والثقافي ، والدور ألخلاصي للعالم ، وقدرية التوسع اللانهائي ، وحق التضحية بالأخر ) . ولذلك فقد أباد البيض في مستعمرتهم الجديدة نحو 18،5 مليون هندي دون أن تطرف لهم عين أو يعانوا من إي وخز للضمير.

جريدة الموجز، جريدة ورقية أسبوعية مستقلة، وموقع شامل يستطيع الجمهور من خلاله الوصول للخبر الصحيح والمعلومات الدقيقة.

ويقدم موقع الموجز للقراء كل ما يهم الشأن المصري الداخلي والخارجي بشكل يومي وعاجل، بالإضافة إلى أخر تحديثات أسعار الذهب ، أسعار العملات، أسعار الدولار، أسعار السلع أولاً بأول.

كما يقدم الموقع لقرائه أحدث وأهم أخبار الفن، وأخبار الرياضة، وأخبار السياسة، وأخبار الحوادث، وأخبار العالم ، وأهم الاحداث الكروية ، دوري أبطال أوروبا، ودوري أبطال آسيا، ودوري أبطال أفريقيا.