هل تحدث علامات الساعة كلها في يوم واحد؟ الدكتور علي جمعة يجيب
يُعدّ التساؤل حول هل تحدث علامات الساعة كلها في يوم واحد؟ من أكثر الأسئلة التي تُثير القلق والخوف في نفوس كثير من الناس، نظرًا لارتباطه بيوم القيامة وأحداثه الجليلة هذا السؤال لم يكن وليد العصر الحديث، بل طُرح منذ زمن رسول الله ﷺ، حيث سأل الصحابة عن قيام الساعة، وموعدها، وعلاماتها، وما ظهر منها وما لم يظهر بعد، ويرصد الموجز التفاصيل.
في هذا السياق، قدّم الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، توضيحًا علميًا وشرعيًا مهمًا يضع هذا التساؤل في إطاره الصحيح.
رأي علي جمعة في توقيت علامات الساعة
أوضح الدكتور علي جمعة، استنادًا إلى تفسير الآية رقم 187 من سورة الأعراف، أن الله سبحانه وتعالى استأثر بعلم الساعة، فلم يُطلع على موعدها ملكًا مقربًا ولا نبيًا مرسلًا. وأكد أن توقيت قيام الساعة، وكذلك ترتيب ظهور علاماتها، من الأمور الغيبية التي اختص الله تعالى بعلمها وحده.
وأشار إلى أن علامات الساعة كلها تجري بأمر الله وقدره، ومن حيث القدرة الإلهية، فإن وقوعها في يوم واحد أمر ممكن، إلا أن هذا لا يعني الجزم بحدوثه، بل المقصود هو تنبيه الإنسان إلى عدم الاغترار بطول الأمل أو الاطمئنان الزائف إلى الزمن.
الحكمة من إخفاء موعد الساعة
بيّن مفتي الجمهورية الأسبق أن الله تعالى أخفى موعد الساعة لحكمة عظيمة، منها:
- دفع الإنسان إلى العمل الصالح دون انتظار.
- منع اليأس أو التراخي الناتج عن معرفة الموعد.
- تحقيق مقصد العبادة وعمارة الأرض.
وأضاف أن الإنسان إذا مات فقد قامت قيامته الخاصة، لأن عمله ينقطع بالموت، وهو معنى نسبي للزمن أشار إليه النبي ﷺ في سنته الشريفة.
تفسير قوله تعالى: "يسألونك عن الساعة أيان مرساها"
توقف الدكتور علي جمعة عند دلالات الآيات القرآنية التي تناولت مسألة الساعة، موضحًا أن قوله تعالى: "قل إنما علمها عند ربي" دليل قاطع على أن علمها محجوب عن الخلق كافة.
كما أن قوله سبحانه: "لا تأتيكم إلا بغتة" يؤكد أن قيام الساعة سيكون مفاجئًا، دون مقدمات يشعر بها الناس، وهو ما يوجب الاستعداد الدائم لها بالطاعة والعمل الصالح.
ترتيب علامات الساعة بين الصغرى والكبرى
أكد العلماء أن علامات الساعة تنقسم إلى صغرى وكبرى، ولكلٍ منها طبيعتها وزمنها:
أولًا: علامات الساعة الصغرى
وهي العلامات التي تظهر قبل القيامة بزمن طويل، وقد اعتاد الناس على كثير منها، ومن أبرزها:
- بعثة النبي محمد ﷺ ووفاته، وهي أولى علامات الساعة.
- كثرة المال واتساع الملك.
- انتشار الفتن والاقتتال.
- ظهور مدّعي النبوة.
- تقارب الزمان وذهاب البركة من الوقت.
- التطاول في البنيان.
- تمني الموت من شدة البلاء.
وتنقسم هذه العلامات إلى ما ظهر وانقضى، وما ظهر ولم ينقضِ، وما لم يظهر بعد.
ثانيًا: علامات الساعة الكبرى
أما علامات الساعة الكبرى فهي أحداث خارقة للعادة، تقع متتابعة وقريبة من يوم القيامة، ومن أبرزها:
- ظهور المهدي.
- خروج المسيح الدجال.
- نزول عيسى عليه السلام.
- خروج يأجوج ومأجوج.
- طلوع الشمس من مغربها.
- خروج الدابة.
- الدخان.
- الخسوفات الثلاثة.
- النار التي تخرج الناس إلى محشرهم.
وقد شبّه النبي ﷺ هذه العلامات بأنها كحبات خرز في عقد واحد، إذا انفرط العقد تبعت العلامات بعضها بعضًا.
يتضح من كلام الدكتور علي جمعة أن وقوع علامات الساعة كلها في يوم واحد أمر ممكن من حيث القدرة الإلهية، لكنه غير معلوم ولا يجوز الجزم به والأهم من الانشغال بتوقيت العلامات هو الاستعداد لها بالطاعة، والعمل الصالح، والبعد عن الغفلة.
فالعبرة ليست بمعرفة متى تقوم الساعة، بل كيف نلقى الله إذا قامت، سواء قامت في يومنا هذا أو بعد آلاف السنين.

