أسرار تنشر لأول مرة عن منفذي محاولة اغتيال مبارك في أديس أبابا

الموجز
رغم أن إقدام إثيوبيا علي بناء سد النهضة قد فجر أزمة سياسية مع مصر فإنه علي الجانب الآخر كشف لغزا عمره 18 عاما ظل حبيسا في السجون الإثيوبية يتعلق
بمحاولة اغتيال الرئيس السابق حسني مبارك بأديس أبابا عام 1995. ورغم أن أسرار وتفاصيل هذه العملية مازالت غامضة حتي اليوم في ظل تضارب المعلومات والبيانات والتصريحات الخاصة بهذا الحادث.. فإن «الموجز» تنفرد خلال السطور القادمة بكشف النقاب عن أخطر أسرار هذه العملية وهي أسرار كفيلة بقلب الأمور رأسا علي عقب فوق رؤوس قيادات الجماعة الإسلامية.
وترتبط الأسرار الجديدة التي سيكشف عنها النقاب بما قاله شقيق أحد المتهمين الثلاثة بمحاولة اغتيال مبارك في أديس أبابا عام 1995 والمقبوض عليهم هناك حيث يواجهون حكما بالإعدام.. حيث أكد لـ«الموجز» أن هؤلاء المتهمين ليسوا المنفذين الحقيقيين للعملية وأن الجماعة الإسلامية استخدمتهم ككبش فداء للمنفذين الأصليين وعلي رأسهم مصطفي حمزة وحسين شميط وأنهم صبروا وصمتوا بعد تعهدات قيادات الجماعة الإسلامية بإعادتهم مرة أخري.
بالعودة للوراء وتحديدا عام 1995 ومحاولة اغتيال مبارك في أديس أبابا وحسب ما نشر من معلومات في ذلك الوقت فإن تلك العملية شارك فيها 10 مصريين نتج عنها مقتل خمسة منهم هم: عبدالقدوس القاضي ومصطفي عبدالعزيز محمد وشريف عبدالرحمن أمير الجماعة الإسلامية باليمن وعبدالهادي مكاوي ومحمد عبدالراضي، وتمكن ثلاثة آخرون من الهروب حينذاك وهم مصطفي حمزة الذي سلمته المخابرات الإيرانية إلي مصر ونائبه عزت ياسين الذي جمع المعلومات عن وصول موكب مبارك واستخرج جوازات سفر سودانية ويمنية ليستخدمها أفراد المجموعة، أما الهارب الثالث فهو حسين شميط المسئول عن تسليم الأسلحة والتي نقلت من الخرطوم إلي أديس أبابا في حقائب دبلوماسية مليئة بمدافع الكلاشنكوف والذخيرة وقاذفات "آر.بي.جي " وقنابل يدوية.
معتقلون ثلاثة
وقد ألقت المخابرات الإثيوبية القبض علي ثلاثة آخرين في تنفيذ تلك العملية والذين لم يتمكنوا من الهرب وهم صفوت عتيق، وعبدالكريم النادي، والعربي صدقي حيث حكم عليهم بالإعدام حينذاك ولم يطبق عليهم الحكم حتي الآن ولا يزالون مسجونين بأحد المعتقلات الحربية في إثيوبيا حتي اليوم.
المعتقل الأول ويدعي صفوت عتيق ولد بأسوان عام 1964 ودرس بها ثم التحق بمعهد المعلمين وعمل مدرسا للغة العربية بالمرحلة الابتدائية ثم ترك مهنة التدريس وسافر إلي السعودية عام 1992 لأداء فريضة العمرة ليحسم موقفه ويسافر إلي أفغانستان للمشاركة في الجهاد مع باقي جماعته ومنها هرب إلي السودان بعد سقوط تنظيم القاعدة وتضييق السلطات المصرية عليهم إذا ما حاولوا العودة إلي مصر بالقبض عليهم وإعدامهم فور وصولهم المطار.
ومن السودان اتجه "عتيق" إلي إثيوبيا متسترا في وظيفة تاجر قطع غيار سيارات وتزوج من فتاه إثيوبية تدعي "إيبايا" قبل عام من "عملية الاغتيال" وأنجب منها.. ثم سافر هو وزوجته سويا إلي السودان -حيث كان بحوزته جواز سفر باسم فيصل السوداني- ثم عاد إلي أديس أبابا ليشارك في محاولة اغتيال مبارك.
ويبلغ "عتيق" من العمر الآن 48 عاما، وتحاول عائلته في اقصي الصعيد جاهدة الاتصال بمنظمات الهلال الأحمر وحقوق الإنسان الدولية لإيجاد اي معلومة حديثه عنه.
أما المعتقل الثاني فيدعي عبدالكريم النادي من مواليد قنا عام1968 بمدينة أرمنت الوبورات بقرية نجع دنجل وحاصل علي دبلوم الثانوية الفنية وغير متزوج حتي الآن.. وقد مرت رحلته الجهادية بين السعودية وأفغانستان واليمن ثم إثيوبيا وكان بحوزته جواز سفر يمني باسم "ياسين" وانقطعت الاتصالات به منذ الحادث بعد القبض عليه بإثيوبيا والحكم عليه بالإعدام ثم تم تخفيف الحكم إلي الأشغال الشاقة المؤبدة.
والمتهم الثالث هو العربي صدقي الذي ولد بمدينة مغاغة بمحافظة المنيا ولا يحمل مؤهلا دراسيا وكانت وظيفته عامل حر وسافر إلي أفغانستان عن طريق السعودية حاملا اسما مستعارا هو "خليفة"، ولاتزال أسرته حتي الآن لا تعرف عنه شيئا سوي انه شارك في عملية اغتيال مبارك بأديس أبابا.
كبش فداء
ومع تداعيات أزمة سد النهضة والأزمة المرتقبة بين مصر وإثيوبيا فجر محمد النادي شقيق عبدالكريم النادي مفاجأة من العيار الثقيل حيث أكد لـ«الموجز» أن المعتقلين الثلاثة الموجودين في سجون إثيوبيا ومن بينهم أخاه لم يشاركوا في محاولة اغتيال مبارك في أديس أبابا وان الجماعة الإسلامية استخدمتهم ككبش فداء لتهريب المنفذين الأصليين للعملية وهم مصطفي حمزة قائد العملية وحسين شميط أحد المنفذين ورفاعي طه الذي كان يتابع العملية عن قرب.
واتهم محمد النادي حسين شميط بأنه هو الذي ورّط شقيقه ومن معه بعد أن قام بالإيقاع بهم عن طريق فخ نصبه لهم ثم قام بإبلاغ السلطات الإثيوبية عن وجودهم بأرضها وأنهم المنفذون للعملية حتي تنشغل السلطات الإثيوبية بالقبض عليهم ويتمكن هو ومصطفي حمزة من الفرار حيث كان قريبا في ذلك الوقت من المطار وسافر إلي السودان ثم إلي إيران.
وتابع النادي: "شميط" هو الذي يستطيع كشف هذا اللغز وكشف كيف استطاع هو ومصطفي حمزة الهروب بعد تنفيذ العملية.. مشيرا إلي أن الذي هرّب "شميط" و"حمزة" كان قادرا علي أن يهّرب الآخرين لكن الجماعة قدمت رأس أخيه ومن معه للموت لتنقذ رؤوس قياداتها.
وأكد محمد النادي أن أخاه ليس له علاقة من قريب أو بعيد بعملية أديس أبابا وتم القبض عليه مصادفة أثناء وجوده في إثيوبيا وقت الحادث وأن أخاه لم يكن له أي نشاط بالجماعة ولم يقبض عليه مرة واحدة ولم يكن له ملف بأمن الدولة عكس "شميط" و"حمزة".. مشيرا إلي أن شقيقه سافر إلي السعودية في التسعينيات للعمل والتجارة وكان متواجدا بإثيوبيا بحكم عمله حيث كان يقوم بتوريد اللحوم الإثيوبية إلي السعودية ولم يشارك في أي عملية عنف واحدة مع الجماعة.. وشدد علي أنه حتي الآن لا يوجد ما يثبت أن هؤلاء الثلاثة هم من قاموا بمحاولة اغتيال مبارك في أديس ابابا كما أن القبض عليهم -كما جاء في الصحف الإثيوبية - لم يكن بمسرح الجريمة.
وأضاف النادي: بعد انقطاع أخبار شقيقي اعتقدنا انه تم تنفيذ حكم الإعدام في المتهمين الثلاثة ولذلك صمتنا فالكلام لن يفيد خاصة أن معظم قيادات الجماعة الإسلامية وأعضائها كانوا في السجون ولم نعرف أنهم أحياء إلا بعد قيام الثورة في يناير 2011 وعلي الفور قمت بالاتصال بمصطفي حمزة قائد عملية أديس أبابا داخل محبسه وذهبت إليه في سجنه وأكد لي أن شقيقي ومن معه موجودون في إثيوبيا وأنهم كانوا علي تواصل معهم حتي عام 2003 عن طريق شخص يدعي "صفوت" إلي أن انقطعت أخبارهم ولم ترد عنهم أي معلومات.. مشيرا إلي أن "حمزة" وعده بأنه سيعمل علي إعادتهم فور خروجه من السجن.
وتابع: قيادات الجماعة ظلوا يعطوننا مسكنات حتي نصمت لكن بعد أزمة المياه وسد النهضة عندما تخاطب احداً منهم يتهرب من الموضوع فتأكدنا انه لم يعد للصمت جدوي فقررنا كشف الخديعة.
وأضاف: تواصلت مع أسر المسجونين الآخرين وذهبت لزيارتهم وأخبرتهم بأن أبناءهم أحياء وطلبت منهم بأن نذهب بأمهاتنا إلي الاتحادية ونعتصم أمامها.
ويكمل: توجهت إلي الصليب الأحمر الذي رد علي بعد شهرين بأن إثيوبيا ترفض الحديث في هذا الموضوع وترفض أي وساطة أو تدخل كما رفضت أن نقوم بزيارة لهم ورفعت هذه الأمور إلي وزارة الخارجية والحاكم العسكري وذهبت إلي المستشار العسكري بالأقصر وقدمت له مذكرة وكل هذا دون جدوي.. مضيفا: آخر أخبار وصلت إلينا عن طريق حسام بهجت المدير التنفيذي للمبادرة الشخصية لحقوق الإنسان الذي أكد أن المتهمين الثلاثة موجودون في إثيوبيا وأن المسئولين هناك قالوا أن هؤلاء الأفراد ارتكبوا مشكلة لديهم وإن السلطات الإثيوبية قامت بتنفيذ الحكم فيهم وعند سؤالهم عما يثبت تنفيذهم الحكم قالوا "لا يوجد ما يثبت".
تواطؤ المسئولين
وقال: قمت بتحريك دعوي قضائية ضد دولة إثيوبيا وعلي وزارة الخارجية فنحن نسير في دائرة مغلقة والمسئولون في وزارة الخارجية متواطئون ولا يريدون كشف الحقيقة أو التعاون معنا رغم استطاعتهم مخاطبة الجهات الإثيوبية والاستفسار عن وضع المصريين الثلاثة وإحضار ما يثبت تنفيذ حكم الإعدام فيهم.
وعن سر خروجه عن صمته وكشفه عن هذه المعلومات قال محمد النادي.. فاض بي الكيل فمنذ 18 عاما وأنا صابر وعندما كانت قيادات الجماعة الإسلامية في السجون كان هناك مبرر للصبر لكن الآن وبعدما خرجوا فلا يوجد مبرر للصبر عليهم.. فرفاعي طه عندما كان في السجن كان يقول لنا اصبروا علي حتي أخرج من سجني وسترون ما سأفعله وبعد أن خرج من السجن قبل 6 أشهر قام بعمل ندوة في مسجد العقيق بأرمنت ولم يدعني إليها وعلمت بالصدفة وعندما دخلت وجدته يعتذر للناس عن قطع الندوة فانفعلت عليه قائلا: "أخي موجود في إثيوبيا منذ 18 سنة وأنت تخليت عنه رغم أنك السبب في هذا" فلم يحرك ساكنا وجاءني المنزل وقال لي إن عبدالكريم مثل ولدي وانه مسئول عن إعادته وذهب ولم يسأل فينا.
أكمل: وبعد خروج مصطفي حمزة من السجن أيضا توجهت إليه وقابلت عنده شخصين من فلسطين وسوريا وأكدا لي أن أخي ومن معه مازالوا أحياء وموجودين في أحد سجون إثيوبيا وعن طريق مصطفي حمزة قمت بالتواصل مع صفوت عبدالغني وطارق الزمر اللذين أكدا لي أنهم سلما مذكرة رسمية للدكتور محمد مرسي بالثلاثة الموجودين في إثيوبيا وطالباه بتكليف عصام الحداد بتولي القضية فأخبرهما انه سيتولي أمرهم بنفسه وكل هذا دون جدوي.
وعن تأثير أزمة سد النهضة علي مصير شقيقه ومن معه قال محمد النادي.. في تقديري الشخصي أن إثيوبيا تحتفظ بهم للمساومة عليهم لكن المشكلة هي أننا حتي الآن ومنذ 18 سنة لا نعرف عنهم شيئا ولا عن محاكمتهم وهل كانت علنية أم سرية وهل تمت تحت ضغط أم لا؟
وعن حكم الإعدام الصادر ضدهم قال: إذا كان قد تم تطبيقه فهذا أمر وانتهي وما نطلبه هو تسليم رفات ذوينا أما إذا كانوا أحياء وهذا هو المؤكد وقامت السلطات الإثيوبية بإعدامهم الآن فإن ذلك سيضعها في مأزق أمام المجتمع الدولي فعلي حد علمي أن أخي ومن معه قدموا طلب استرحام للدولة الإثيوبية وتمت الموافقة علي طلبهم وحصلوا علي مؤبد بدلا من الإعدام.
تهمة ملفقة
من جانبه قال المهندس حسين شميط القيادي بالجماعة الإسلامية ردا علي اتهامه بأن جماعته قدمت هؤلاء المتهمين الثلاثة كبش فداء حتي يتمكن هو ومصطفي حمزة من الهرب خارج إثيوبيا.. النظامان المصري والإثيوبي قاما بتلفيق تهمة محاولة اغتيال مبارك للمتهمين الثلاثة المسجونين في سجون إثيوبيا.. مشيرا إلي أن هناك خطوطاً حمراء حول هذه القضية لن يقترب منها الآن خوفا من إلحاق الضرر بالمتهمين الثلاثة وأنه سيأتي الوقت الذي سيكشف فيه عن العديد من التفاصيل في هذا الشأن.
وعن اتهامه بأنه الوحيد الذي يمتلك كشف لغز هذا الموضوع وأن هناك معلومات لديه لو تم كشفها ستثبت تورطه وإدانته بشكل واضح قال حسين شميط: أنا اقدّر حالة أهالي المسجونين وهذا الكلام أول مرة اسمعه وأنا علي تواصل مع محمد النادي الذي زارني وأبلغته بكل تفاصيل الموضوع وليس لدي ما أخفيه وأنا لم أتعامل مع أية أجهزة مخابرات ولم أهرب أحدا أو قبض علينا علي خلفية هذا الحادث حتي نهرب من اثيوبيا أو حتي نقدم إلي محاكمة.. مضيفا.. ما يصدر عن أهالي المسجونين الثلاثة من تصريحات مجرد ردة فعل طبيعية للوعة الوجدان نتيجة فراق أبنائهم ونحن نقدر هذا.
وعما ذكره محمد النادي بأن شقيقه لم يكن له نشاط بارز بالجماعة قال المهندس حسين شميط: عبدالكريم النادي ومن معه كانوا أعضاء نشيطين بالجماعة الإسلامية لكن الضوء لم يكن مسلطا عليهم من قبل أمن الدولة مثلنا فنحن كنا في قلب الحدث داخل الجامعات وهم فعلا لم يعتقلوا من أمن الدولة مثلنا لكنهم من أبناء الجماعة الإسلامية وكانوا إخوة مجاهدين وذهبوا إلي الجهاد الأفغاني.
أضاف شميط: أنا لم أتهم إطلاقا بمحاولة اغتيال مبارك بأديس أبابا وانما الإعلام هو الذي صور الأمر كذلك فلم يوجه لي اتهام بهذا الأمر سواء أمام النائب العام أو النيابات الفرعية وبالتالي لم أمثل أمام أية محكمة في هذه القضية.. مضيفا.. كان لي قضايا سابقة وتم تصفيتها وعندما أتيت إلي مطار القاهرة حٌقق معي علي غيابي فقط أكثر من 20 سنة وفي قضايا سابقة بعيدة تماما عن هذه القضية.. مشيرا إلي أنه لم يفتخر بمحاولة اغتيال مبارك في أديس أبابا وأن هذا كلام صحف.
جهود الجماعة
من جانبه لم ينف محمد يس مسئول العلاقات الخارجية بالجماعة الإسلامية ما ذكره محمد النادي شقيق عبدالكريم النادي حيث قال: المسجونون الثلاثة في سجون إثيوبيا قبض وحكم عليهم ظلما.. موضحا أن الجماعة ستبذل جهدها لمعرفة مصيرهم وإطلاق سراحهم وعودتهم لمصر والأيام القادمة ستشهد انفراجة في أزمتهم.
وأشار يس إلي أن الجماعة الإسلامية وذراعها السياسية حزب البناء والتنمية فتحا قنوات اتصال بعد ثورة 25 يناير مع وزارتي العدل والخارجية والمجلس القومي لحقوق الإنسان لمعرفة مصير المسجونين الثلاثة ولكن كل الاتصالات لم تسمن أو تغني من جوع وباءت جميعها بالفشل.
وأضاف: أهالي المسجونين يعلمون جيدا أن الجماعة تبذل مجهودات متعددة ليس في مصر فقد ولكن بالخارج أيضا حيث أرسلنا احد أعضاء الجماعة إلي أديس أبابا ليتقصي لنا أخبارهم ويتأكد من وجودهم أحياء ونحن الآن ننسق مع المجلس القومي لحقوق الإنسان عن طريق أسامة رشدي عضو المجلس والمستشار السياسي للبناء والتنمية.. مؤكدا أن أزمة سد النهضة وتداعياتها علي العلاقة بين مصر وإثيوبيا ستؤثر علي مصير المسجونين الثلاثة.
وعن دور مؤسسة الرئاسة في هذه القضية وعدم وفاء الدكتور مرسي بوعده للجماعة بحل هذه الأزمة قال يس: يكفينا أن الرئيس تعهد لنا ونحن كجماعة وحزب نسعي ونستعين وفي السياسة لابد أن تصبر لأن الأمور لابد وأن تأخذ وقتها.
تم نسخ الرابط