"نمر من ورق".. ترامب يشعل الحرب الكلامية مع روسيا

في تحول لافت وخروج عن لهجته الحذرة المعتادة، أشعل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حربًا كلامية غير مسبوقة مع موسكو، واصفًا روسيا بأنها "نمر من ورق" في إشارة إلى ضعفها الحقيقي رغم مظهر القوة الذي تحاول إظهاره في الحرب الأوكرانية، ويرصد الموجز التفاصيل
من المهادنة إلى الهجوم
لطالما اتسمت مواقف ترامب تجاه روسيا بالحذر والرغبة في تجنب الصدام المباشر. ففي لقائه الأخير بالرئيس فلاديمير بوتين في ألاسكا، أبدى استعداده لدعم خطة تنص على "تنازل أوكرانيا عن بعض أراضيها لإنهاء الحرب".
لكنّ هذا الخطاب تغيّر تمامًا خلال الأسابيع الأخيرة، إذ وصف ترامب بوتين بأنه "مجنون"، وأضاف:
"لست راضيًا عن بوتين، لأنه يقتل الكثير من الناس".
ووصل التصعيد ذروته عندما دعا، الثلاثاء، حلف الناتو إلى "إسقاط الطائرات الروسية التي تخترق أجواءه".
"الوقت المناسب".. و"النمر الورقي"
التصريح الأكثر إثارة للجدل جاء بعد لقاء ترامب بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في نيويورك، حيث كتب على منصة "تروث سوشيال":
"بوتين وروسيا في مأزق اقتصادي كبير، وهذا هو الوقت المناسب لأوكرانيا للتحرك. بعد رؤية المتاعب الاقتصادية التي تسببها الحرب لروسيا، أعتقد أن أوكرانيا، بدعم من الاتحاد الأوروبي، في وضع يسمح لها بالقتال واستعادة كامل أراضيها".
ثم أطلق عبارته التي أشعلت الجدل عالميًا:
"روسيا نمر من ورق".
هذا المثل الصيني القديم الذي يعني كيانًا يبدو قويًا ومخيفًا لكنه في الحقيقة هش وضعيف، استخدمه ترامب لوصف خصمه الروسي الذي "استنزفته الحرب ويكافح من أجل إمدادات الوقود"، بحسب تعبيره.
الكرملين يرد: "نحن دب حقيقي"
رد موسكو جاء سريعًا وحادًا. ففي مقابلة مع إذاعة "RBC"، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف:
"روسيا ليست نمرًا. ففي النهاية، ترتبط روسيا بالدب؛ لا وجود لدببة ورقية. روسيا دب حقيقي".
وأكد بيسكوف أن اقتصاد بلاده "يحافظ على مرونته واستقراره رغم العقوبات"، مشيرًا إلى أن "القوات الروسية تحقق تقدمًا واثقًا على جميع الجبهات، بينما تعاني القوات الأوكرانية خسائر فادحة".
ما وراء التصريح
استخدام ترامب لعبارة "نمر من ورق" لم يكن مجرد هجوم لغوي، بل إشارة إلى تغير جذري في رؤيته للصراع. فالواقع الاقتصادي والعسكري – حيث تدفع روسيا ثمنًا باهظًا في الأرواح والموارد – جعله يرى أن اللحظة مواتية لتصعيد الضغط ودفع كييف لاستعادة أراضيها.
كما أن الضغوط الداخلية لعبت دورًا مهمًا؛ إذ يتعرض ترامب لانتقادات من الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء بسبب "لينه السابق" تجاه موسكو. وقال وزير الخارجية ماركو روبيو في هذا السياق:
"مماطلة روسيا في عملية السلام دفعت ترامب إلى إعادة النظر في موقفه… الرئيس صبور جدًّا وملتزم بالسلام، لكن صبره ليس بلا حدود".
بين النمر والدب
عبارة "نمر من ورق" تحولت في لحظات إلى عنوان لصراع جديد يتجاوز ميادين القتال، ليصبح حرب رموز ومعاني،
ترامب يرى أن روسيا فقدت قوتها الحقيقية تحت وطأة العقوبات والحرب الطويلة، فيما تصر موسكو على أنها "دب حقيقي" لا يزال يمسك بزمام المبادرة.
وفي خضم هذا الاشتباك اللفظي، تبقى الحقيقة الوحيدة أن "النمر الورقي" الذي تحدث عنه ترامب قد يكون بداية فصل جديد في الحرب الباردة الحديثة، فصل تُكتب سطوره بالكلمات بقدر ما تُكتب بالصواريخ.
اقرأ أيضًا: