الموجز
رئيس التحريرياسر بركات
الإثنين 20 مايو 2024 12:07 مـ 12 ذو القعدة 1445 هـ
أهم الأخبار

عصام الحداد..رجل خيرت الشاطر الذي يدير وزارة الخارجية

عصام الحداد..رجل خيرت  الشاطر الذي يدير وزارة الخارجية
عصام الحداد..رجل خيرت الشاطر الذي يدير وزارة الخارجية
علامات استفهام عديدة لابد أن تثار حول شخصية الدكتور عصام الحداد مستشار رئيس الجمهورية للشئون الخارجية الذي أصبح الحاكم بأمره في شئون مصر الدولية والمحرك الأساسي لجميع الفعاليات المصرية علي الصعيد الخارجي وذلك علي حساب دور وزارة الخارجية المصرية التي باتت تتلقي الأوامر من هذا الرجل.. ورغم تعدد الأسباب التي تفسر تعاظم دور الحداد علي صعيد العلاقات الدولية رغم دوره الاستشاري في مؤسسة الرئاسة إلا أنها جميعا ليست ببعيدة عن خيرت الشاطر نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين الذي يرتبط بعلاقة وثيقة بالحداد الذي يعتبر من خلال دوره الجديد والمتنامي يوما بعد يوم ذراع الشاطر في إدارة شئون مصر الخارجية.
وربما لا يحتاج المرء إلي كثير من الشواهد للتدليل علي انفراد عصام الحداد بإدارة شئون مصر الدولية وتهميشه الدكتور محمد عمرو كامل وزير الخارجية.. ويكفي الإشارة في هذا السياق إلي سفر الحداد علي رأس وفد مصري للولايات المتحدة الأمريكية لبحث ترتيبات زيارة الرئيس محمد مرسي لواشنطن بناء علي دعوة أوباما في مطلع العام المقبل رغم أن ملف العلاقات المصرية الأمريكية كان دائمًا لدي وزارة الخارجية والرئيس شخصيا في النظام السابق.. لكن الوضع الآن يتغير حيث أصبح الملف تقريبا بأكمله في يد الرئيس الذي فوض فيه فيما يبدو عصام حداد.
أدوار جديدة
ولم تتوقف زيارة الحداد لأمريكا عند حد ترتيبات زيارة مرسي وإنما امتد أيضا للقاء الرئيس أوباما، وكذلك مسئولي الإدارة الأمريكية في البيت الأبيض والخارجية الأمريكية وكذلك أعضاء بارزين بالكونجرس الأمريكي وهي لقاءات تحمل دلالة كبيرة لدور الرجل المتصور من قبل دوائر صنع القرار في أمريكا.. كما اجتمع الحداد بمسئولي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.. وعقد لقاءات بمجموعة من الباحثين في أهم المراكز البحثية والفكرية مثل "وودرو" و"يلسون" و"كارنيجي" و"بروكنجز" ومعهد الولايات المتحدة للسلام ومعهد الشرق الأوسط ومجلس الأطلنطي وعدد من الصحفيين ومديري التحرير في المؤسسات الإعلامية الأمريكية ما يشير إلي أدوار مهمة وجديدة يلعبها الرجل منذ قدوم مرسي لرئاسة الجمهورية وربما يشير أيضا إلي تقبل الدوائر الأمريكية لهذا الدور الذي يأتي علي حساب وزارة الخارجية المنوط بها في الأساس القيام بهذه الأدوار.
ويمكن القول إن جزءا كبيرا من هذه الأدوار يرتبط بنوعية وشكل العلاقات التي يتم نسجها الآن بين جماعة الإخوان المسلمين ونظام الرئيس محمد مرسي من جانب والإدارة الأمريكية من جانب آخر.. حيث ذهب الحداد إلي واشنطن مدفوعا بنجاح النظام المصري في إبرام اتفاق هدنة بين حركة حماس والحكومة الإسرائيلية عقب القصف المتبادل بينهما ساعيا إلي استغلال هذا النجاح في إبرام اتفاقيات استراتيجية بين القاهرة وواشنطن في وقت توجه فيها انتقادات لاذعة للرئيس مرسي الذي اتجه أصدر إعلانين دستوريين نُظر إليهما باعتبارهما محاولتين لإنتاج ممارسات استبدادية جديدة تهدف إلي استئثاره بالسلطة.. ومن ثم ربما جاءت هذه الزيارة لعرض ما يمكن أن تقدمه القاهرة لواشنطن من الناحية الاستراتيجية وكذلك لتوصيل رسالة إلي الإدارة الأمريكية مفادها أن مصر يمكن أن تقوم بدور الوسيط الأمين في مسار عملية السلام في الشرق الأوسط بين إسرائيل والفلسطينيين.. وكل ذلك بالطبع مقابل غض الأخيرة بصرها عن الانتقادات الموجهة لنظام الرئيس مرسي وكلها انتقادات تتعلق بالحريات وحقوق التظاهر السلمي.. وهذا ما أكده الحداد عبر تصريحاته لوسائل الإعلام هناك حيث أكد لصحيفة "واشنطن بوست" أن الزيارة تأتي في إطار تأسيس العلاقات المصرية الأمريكية والتأكيد علي القيم المشتركة وما هو أبعد.
وقد أثار هذا التقارب بين الإدارة الأمريكية وبين وفد "الحداد" تساؤلات بل واستنكار عدد من السياسيين والكتاب الأمريكيين مثل الكاتب الأمريكي المعروف بصحيفة واشنطن بوست ديفيد إجناشيوس الذي تساءل بدوره عن سر قيام "صداقة متينة" بين إدارة أوباما وبين جماعة الإخوان المسلمين في مصر رغم سعي الرئيس محمد مرسي للحصول علي "سلطات ديكتاتورية" وكذلك اعتداء أنصاره علي المحتجين من الليبراليين والعلمانيين في شوارع القاهرة.
ممثل الإخوان
والملاحظ أن تفاصيل الزيارة التي قام بها السيد عصام الحداد لم يتم الإعلان عنها من جانب مصر في وقتها وهي ملاحظة تحمل في طياتها دلالات عديدة خاصة أن الوفد ضم يحيي القزاز وهو عضو في الهيئة الاستشارية لمؤسسة الرئاسة مع عصام الحداد، وكذلك في ظل عدم اصطحاب ممثل لوزارة الخارجية ما دفع كثيرا من المتابعين للتأكيد علي أن هذا الوفد لم يكن ممثلا للدولة المصرية بقدر تمثيله لجماعة الإخوان المسلمين.
ويبدو أن الإدارة الامريكية استجابت لرسائل النظام المصري الجديد فبدأت تتعامل مع الحداد علي أنه ممثل مصر في الشئون الخارجية بديلا عن وزير الخارجية محمد كامل عمرو وهذا ما ظهر من خلال صور عديدة أبرزها تواصل المسئولين الأمريكيين معه مثل تأكيد مستشار الرئيس الأمريكي لشئون الأمن القومي للحداد علي ضرورة المضي قدما في عملية انتقالية سلمية وشاملة تحترم حقوق جميع المصريين وكذلك إبلاغ السلطات الأمريكية لعصام الحداد بتأجيل زيارة الرئيس مرسي التي كان من المقرر لها يوم 17 ديسمبر الجاري لواشنطن إلي فبراير من العام المقبل.
أدوار أخري
والواضح أن دور عصام الحداد وانفراده بإدارة شئون مصر الخارجية لم يقتصر فقط علي صعيد الولايات المتحدة الأمريكية وإنما سبقه أداء هذا الدور علي صعيد دول أخري مثل تركيا التي يرتبط رئيس وزرائها رجب طيب أردوغان بعلاقات خاصة جدا مع الرئيس مرسي وبالتالي كان من الطبيعي أن يوفد إليها في شهر سبتمبر الماضي وفدا من نوع خاص علي رأسه الدكتور عصام الحداد.. ورغم أن هذا الوفد ضم ممتاز السعيد وزير المالية والدكتور أشرف العربي وزير الدولة للتخطيط والتعاون الدولي إلا أن الحداد كان صاحب الكلمة الأعلي في المفاوضات مع الجانب التركي فيما يتعلق بمجالات التعاون بين البلدين وفرص الاستثمار المتاحة حيث تم الإنفاق علي أن تقدم تركيا مساعدات لمصر بقيمة ملياري دولار لاستخدامها في دعم الاحتياطي النقدي الأجنبي لمصر.. كما سافر عصام الحداد إلي ألمانيا والتقي عدداً من المسئولين الألمان وبحث معهم التعاون المشترك في عدة مجالات.
لم يتوقف دور الحداد عند حد لقاء مسئولي الدول المختلفة ولكنه تقمص دور وزير الخارجية أيضا في إطلاق التصريحات الخاصة بعلاقات مصر الخارجية حيث بات أقرب إلي المتحدث الرسمي باسمها.. وكان أبرز ما صرح به في هذا السياق وصفه لإلقاء قذيفة سورية علي الأراضي التركية في أكتوبر الماضي بأنه "لعب بالنار" من جانب الرئيس بشار الأسد مؤكدا أن مصر لن تقبل اعتداء دولة علي أخري وأن من حق تركيا اتخاذ الإجراءات اللازمة واللجوء إلي حلف شمال الأطلسي (الناتو) باعتبارها أحد أعضائه.
واعترافا من الرئيس مرسي بدور عصام الحداد في إدارة الشئون الخارجية كما يريد وتكريسا لهذا الدور فقد دشنت رئاسة الجمهورية صفحة باللغة الإنجليزية علي موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" باسمه وذلك بالتزامن مع صفحة أخري تم تدشينها لاستفتاء المصريين بالخارج تضمنت تعريفا به وبدور القوات المسلحة في حماية الاستفتاء.
توغل فاضح
وقد أثار توغل عصام الحداد في إدارة الشئون الخارجية لمصر حفيظة كثير من السياسيين والمتابعين الذين اعترضوا علي هذا الأمر واعتبروه سيطرة غير مبررة من قبل الرجل علي العلاقات الدولية لمصر.. فقد أكد النائب السابق محمد أنور السادات رئيس حزب الإصلاح والتنمية في بيان أصدره في وقت سابق تحفظه علي تحكم عصام الحداد مساعد الرئيس للشئون السياسية والتعاون الدولي وباقي أفراد أسرته من خلال موقعهم في إدارة الشئون الخارجية في حزب الحرية والعدالة برسم وتخطيط السياسات الخارجية بمعزل عن المؤسسات ذات الخبرة والمسئولة أمام الشعب وممثليه.. مضيفاً أن خلفيتهم لم تتعد بعض التجارب في شركة تجارية لإدارة المعارض الخارجية بالإضافة إلي بعض مشروعات الإغاثة الإنسانية الإسلامية في الخارج.
وأشار السادات إلي أن الاعتماد علي عصام الحداد في إدارة شئون مصر الخارجية له تداعياته السلبية علي صعيد العلاقات الدولية وهذا ما ظهر في مواقف كثيرة منها تأخر إعلان الرئيس محمد مرسي رفضه أعمال العنف أمام السفارة الأمريكية بالقاهرة وإدانته مقتل السفير الأمريكي في ليبيا والحساسية المفرطة في التعامل مع ملف العلاقات المصرية الإسرائيلية بالإضافة إلي التساهل والتنازل مع حركة حماس بغزة وانعكاسات ذلك سلبياً علي أمن سيناء.
وأوضح السادات أنه ما كان لمصر بعد الثورة وهي تسعي لإعادة إحياء ريادتها وقيادتها للمنطقة العربية أن تعرض إدارة سياستها الخارجية لمجموعة من الهواة في إشارة إلي الحداد - في ظل وضع إقليمي ودولي متداخل وساخن.
كلمة السر
ويمكن القول إن جزءا من الإجابة علي علامات الاستفهام المثارة حول الدور المتنامي للدكتور عصام الحداد علي صعيد العلاقات الخارجية يرتبط بعاملين.. الأول عضويته بمكتب الإرشاد حيث تم تعيينه في 8 فبراير من العام الجاري لصلاته القوية هو وأسرته بالجماعة إضافة إلي موقعه كمسئول عن ملف العلاقات الخارجية في حزب الحرية والعدالة.. والثاني هو قربه من المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين.. وقد ساهم هذان العاملان في انتقال الحداد إلي مؤسسة الرئاسة مع الرئيس محمد مرسي حيث ظهر دوره كحلقة ربط بين مكتب الإرشاد ومجلس شوري الجماعة من ناحية وبين رئاسة الجمهورية حيث يحضر الحداد كل اجتماعات الجماعة والرئاسة للتنسيق فيما بينهما ونقل تعليمات الجماعة للرئيس مرسي وفي نفس الوقت ليكون رجل خيرت الشاطر في قصر الرئاسة وزراعه التي يدير بها سياسة مصر الخارجية.

جريدة الموجز، جريدة ورقية أسبوعية مستقلة، وموقع شامل يستطيع الجمهور من خلاله الوصول للخبر الصحيح والمعلومات الدقيقة.

ويقدم موقع الموجز للقراء كل ما يهم الشأن المصري الداخلي والخارجي بشكل يومي وعاجل، بالإضافة إلى أخر تحديثات أسعار الذهب ، أسعار العملات، أسعار الدولار، أسعار السلع أولاً بأول.

كما يقدم الموقع لقرائه أحدث وأهم أخبار الفن، وأخبار الرياضة، وأخبار السياسة، وأخبار الحوادث، وأخبار العالم ، وأهم الاحداث الكروية ، دوري أبطال أوروبا، ودوري أبطال آسيا، ودوري أبطال أفريقيا.