الموجز
رئيس التحريرياسر بركات
الإثنين 20 مايو 2024 04:58 مـ 12 ذو القعدة 1445 هـ
أهم الأخبار

الاقتصاد فى خطر .. انهيار مخططات تطوير «التعليم الفنى» على صخرة «التنمر» من طلابه

طلاب التعليم الفنى
طلاب التعليم الفنى
الاقتصاد فى خطر ..
انهيار مخططات تطوير «التعليم الفنى» على صخرة «التنمر» من طلابه
تتحطم جهود الدولة المصرية الرامية لتطوير منظومة التعليم الفنى على صخرة «التنمر» من طلابه بدءا من التحاقهم بهذا النوع من التعليم الذى بات يصنف فى أعين العامة على أنه منظومة تعليمية أدنى من الثانوية العامة، ما افقد طلابه الرغبة فى الانتساب له سواء أثناء الدراسة أو بعد التخرج منه.
تفشى ظاهرة النظرة السلبية لطلاب التعليم الفنى تجعل الجهود المبذولة والمليارات التى تنفق علي هذه المنظومة فى مهب الريح ما لم تتدخل الدولة وبشكل عاجل لعلاج هذه الأزمة فى أسرع وقت، حرصا على تحقيق أكبر استفادة اقتصادية ممكنة من وراء هذه المنظومة التعليمية.
تراجع مخرجات التعليم المفتوح، دفعنا للاستعانة بـ«عبد الحفيظ طايل» الخبير فى قضايا التعليم لتسليط الضوء على حجم المعاناة التى يلقاها طالب التعليم الفنى بداية من أسرته ومرورا بالبيئة التى يعيش فيها ووصولا للمدرسة التى يلتحق بها والمصنع الذى يتدرب فيه، حيث أكد أن مساحة العنف الرمزى والفعلى فى تزايد مستمر ولا يوجد مؤشرات على قرب انتهائها، خاصة وأن وزارة التربية والتعليم دعمت هذه النظرة السلبية بشكل غير مباشر بعد أن أثبتت سياساتها المتبعة خلال السنوات الماضية تعاملها مع التعليم الفنى على أنه تعليم «درجة ثانية».
«طايل» دلل على كلامه بتدنى ميزانية التعليم الفنى بالمقارنة بنظيره التعليم العام، قائلا : على الرغم من أن طلاب المدارس الفنية يمثلون أكثر من 64% من طلاب هذه المرحلة فان الوزارة ترفض تطبيق قانون التعليم الذى ينص على أن يكون بالفصل الدراسى 20 طالبا فقط و5 طلاب على كل آلة أو معدة يتم التدريب عليها، وتابع "على أرض الواقع نجد أن أقل فصل دراسى به ما يقارب 60 طالبا و كل معدة على الأقل يتدرب عليها 20 طالبا، هذا بالإضافة إلى تنمر مدرسى المدارس الفنية من طلابهم ونعتهم بـ«نخالة الإعدادية» و«زبالة التعليم».
وأضاف : عندما ينتقل الطالب للتدريب بالمصانع ونظرا لغياب الإشراف التربوى عليها من قبل وزارة التربية والتعليم يقعون فريسة لاستغلال أصحاب المصانع والورش الذين يستخدمونهم كـ«عتالين» يعملون فى تخزين البضائع وتشوينها دون تلقى أى تدريب فعلى خلال فترة عمله، هذا بخلاف استغلالهم فى العمل ليلا بالمخالفة لقوانين الطفل، وتابع "نظام التعليم الحالى أو الجديد أو أى نظام لا يتعامل مع هذه الأزمات لن يتج شئ لان الطلاب بات لديهم قناعات أنهم يستعبدون داخل المصانع وخلال مدة الدراسة لذا يكون الطالب منهم فى انتظار ساعة الخلاص من منظومة التعليم الفنى التى قد يكون أجبر عليها من البداية ولا يرغب فى الاستمرار تحت مظلتها طوال عمره".
الصورة القاتمة التى رسمها «طايل» عن معاناة طالب التعليم الفنى دفعتنا للبحث عن خطط الحكومة لحلها، لذا لجأنا لـ«عبد المجيد عبد الرازق» المستشار الصحفى لبرنامج دعم وتطوير التعليم الفنى والتدريب المهنى، والذى قال إن برنامج تطوير منظومة التعليم الفنى يعمل بالتعاون مع الحكومة على تحسين الصورة الذهنية لقطاع التعليم الفنى فى مصر سوء صناعى أو فندقى أو غيره وذلك لاقتناعنا بأن تصحيح الصورة السيئة سيكون أساس جيد يمكن البناء عليه فى المستقبل، موضحا أن هناك عدد من الأنشطة تهدف لتحسين صورة طالب التعليم الفنى من خلال تسليط الضوء على أن الخريج المتدرب بشكل جيد يستطع الحصول على فرصة عمل جيدة توفر له ولأسرته حياة كريمة، وتابع " نسعى من خلال برامجنا لإظهار أن خريج التعليم الفنى لا يقل أهمية عن الخريج الجامعى فالدولة والاقتصاد القومى فى أمس الحاجة له وذلك من خلال إيضاح دور خريجى التعليم الفنى فى النهوض باقتصاد الدول الأخرى مثل ألمانيا والفلبين وغيرها".
وعن السعى لإصدار تشريعات تسهم فى علاج هذه الأزمة وتدعم نجاح منظومة التعليم الفنى بشكلها الجديد، فقال : نحن لا نصدر تشريعات ..فقط نقدم دعم فنى للهيئات والوزارات المرتبطة بالتعليم الفنى وإذا ما طلب منا دعم فنى فيما يتعلق بالتشريعات نقدم الرأى والمشورة وللجهات التنفيذية اتخاذ ما تراه بشأنها".
علاج أزمة النظرة المجتمعية السيئة لطلاب التعليم الفني يكمن من وجهة نظر الخبير فى التنمية البشرية محمد فاروق صلاح، فى علاج السبب الجوهرى والنابع من غياب التنسيق والتناغم بين العرض والطلب في السوق المحلي، موضحا أن عدد طلاب التعليم الفني كبير للغاية وللأسف المدرب منهم قليل جدا ما يعطى شعورا لدى الموطن العادى بأن طلاب التعليم الفنى عبء على الدولة وموازنتها".
وأضاف : غياب آلية تطبيق العمل الفني في السوق المحلي يرجع لعدم وجود تشريعات تجبر المواطن العادى على الاستعانة بالعمالة الفنية المؤهلة فقط تشجيعا لهذه العمالة وتعظيما لقيمتها الفعلية كما يحدث بدولة مثل أمريكا التى لا يستطيع أحد ممارسة أي مهنة فنية فيها كالسباكة والكهرباء والميكانيكا وغيرها إلا بعد الحصول على الرخصة الفنية من المعاهد والمدارس المتخصصة للتعليم الفني، ما ينعكس بشكل طبيعى على المجتمع ككل الذى لا يسمح لأحد بأن يمارس أي وظيفة فنية بشكل عشوائى فالرخصة الفنية هى الضمان الوحيد لقدرة الفني على أداء مهامه وبشكل مضمون من الدولة التى تحاسب الفنى في حالة وجود أي خلل فى عمله.
وعن مواجهة أزمة "التنمر" التى يلقاها طالب التعليم الفنى سواء أيام الدراسة أو بعدها، قال أن البداية ستكون بإصلاح التعليم الفنى نفسه، فالواقع يقول أن هناك عمالة حرفية غير مؤهلة دراسيا ولكنها أكثر مهنية من الطالب الفني تنافسه وتزاحمه بسوق العمل ولو تم الاهتمام بالتعليم الفنى بشكل جيد وبالتزامن مع هذا التطوير تم تقنين وقصر مزاولة الأعمال الفنية على أصحاب الرخص "الشهادة الفنية" المدعمة بشهادات الخبرة "التدريب العملى" ستضمن الدولة توفير فرص عمل لخريجى التعليم الفنى بالسوق المحلى والاقليمى بشكل واقعى وتنجح فى تحجيم العمالة العشوائية ما يعيد لخريج التعليم الفنى جزءا من هيبته واحترامه فى المجتمع، كذلك ستجد الشركات والمصانع نفسها مجبره على رفع قيمة الأجر الذى يتحصل عليه الفنى لديها، وتابع " الأزمة الأساسية أن مخرجات التعليم الفنى في جميع المجالات كثيرة للغاية "العرض" وأكثر من احتياجات السوق "الطلب" ما يدفع خريج التعليم الفنى للهروب من المجال الفني والبحث عن مجالات أخرى من أجل العمل وتحقيق مستوى معيشى جيد له ولأسرته".
وتابع " الأمر أكبر من أن يخشى الطالب أو خريجى التعليم الفنى من يطلق عليه لفظ "عامل" بالعكس المحرك الرئيسي هو الراتب والعرض والطلب في سوق العمل وهو ما يفسر انصراف خريجى التعليم بشكل عام والتعليم الفنى على وجه الخصوص إلى ترك المصانع التى تعطيهم أجور منخفضة ويذهبوا للعمل بفرص عمل أعلى أجرا خاصة في ظل غياب أي مزايا تنافسية تجذبهم للعمل في المصانع و الشركات فلا يوجد رعاية صحية بشكل مناسب ولا تأمينات اجتماعية فى الغالب بالإضافة إلى تدنى المرتبات وغياب رقابة الدولة على كل ذلك، وهو ما يجعل الحاجة لتشريعات منظمة لمزاولة المهن الفنية غاية فى الضرورة بالتوازى مع إصلاح منظومة التعليم بشكل جيد يضمن تخريج فنى ماهر مدرب ومناسب لسوق العمل.
وأضاف : على الدولة العمل بمنتهى السرعة لإنشاء قاعدة بيانات لسوق العمل توفر معلومات محددة عن الاحتياجات والتغيرات المتوقعة حتى يبنى عليها التعليم الفنى خططه المستقبلية مع إلزام جميع الجهات والوزارات الحكومية بالتنسيق فيما بينها ومد وزارة التعليم التربية والتعليم الفنى بهذه القاعدة أولا بأول، كذلك يجب إلزام جميع الجهات والهيئات المسئولة عن مراكز التدريب فى مصر بتحديد عدد المدربين لديها وبالمهن المدربين عليها، مطالبا بتمكين خريجي التعليم الفنى من المناصب القيادية ، مع العمل على تكريم أوائل الخرجين منهم بشكل منفصل وإبراز قصص النجاح التى حققوها خلال مشوارهم العملى بعد التخرج".
ماجد ارنست استشاري الطب النفسى، قال : النظرة السيئة من المجتمع لطلاب وخريجى التعليم الفنى نظرة منطقية لان مخرجات منظومة التعليم الفنى الحالية سيئة للغاية لان معظم خريجى التعليم الفنى لا يجيدون القراءة والكتابة وكذلك لا يعلمون عن المهنة التى تدربوا عليها طوال سنوات دراستهم شئ ، موضحا أن نظام التعليم الفنى القائم لم يقدم للمواطن العادى خريج ينال احترامه وتقديره، موضحا أن أزمة "التنمر" موجودة بكل القطاعات الدراسية وليست قاصرة على التعليم الفنى لكن وللأسف الفترة الماضية تحول التعليم الفنى لمجرد شهادة لا علاقة لها أو مردود بسوق العمل فنادرا ما تجد خريج تعليم فنى يعمل بشهادته.
وعن الحلول، قال : نظام التعليم الفنى قائم على الجانب العملى بشكل أكبر من النظرى وبالتالى فرغبة الطالب فى تعلم حرفة أو مهنة عملية يجب أن تكون هى الأساس فى التحاقه بالمدارس الفنية ولو لم تتوافر هذه الرغبة لدى الطالب من البداية لن يكون لالتحاقه بمدرسته الفنية نتيجة وستنتهي دراسته بمجرد الحصول على شهادة.
وعن أزمة تسرب خريجى التعليم الفنى للجامعة، فأكد "أرنست" أن هذا الأمر ليس عيبا وعلى الدولة احتوائه فرغبة الطالب للالتحاق بالجامعة فى حد ذاتها ليست أزمة لن التعليم الجامعى يحتاج لقدرات معرفية وعقلية عالية وقد يكون التحاقه بالجامعة لفشله فى إيجاد فرصة عمل بمؤهلة الدراسى الفنى نظرا لعدم تدريبه بشكل جيد ويحاول بذلك التغلب على أزمة وقع فيها دون ذنب منه، وتابع " الطالب يحاول الالتحاق بالجامعة نظرا لثقافة مجتمعة مرتبطة بالمكانة الاجتماعية المرموقة لخريج الجامعة لذلك من الممكن التغلب على هذه النظرة السلبية بتسهيل التحاق طب التعليم الفنى بالجامعة والتى من الممكن أن يحصل من خلالها مثلا على لقب مهندس فنى بشرط مرور سنوات معينة على عمله فى مجال تخصصه وبهذه الطريقة سنكون نجحنا فى ربط الطالب بمجاله الفنى ولو تأخر اندماجه بالحياة العملية لبضع سنوات ونكون قضينا فى نفس الوقت على نظرة وثقافة مجتمعية تنال من خريجى التعليم الفنى".
واختتم «ارنست» تصريحات بالتأكيد على أن تغير النظرة العامة لخريج أو طالب التعليم الفنى مرتبط بتخريج عامل حرفى ماهر لان المجتمع المصرى يعانى من نقص شديد فى الأيدي العاملة المدربة واغلب الموجودين غير متخصصين ويعملون فى مهنهم بخبرتهم، مع ضرورة عمل الحكومة على توفير فرص عمل لهم ومراكز جودة لحرفهم.

جريدة الموجز، جريدة ورقية أسبوعية مستقلة، وموقع شامل يستطيع الجمهور من خلاله الوصول للخبر الصحيح والمعلومات الدقيقة.

ويقدم موقع الموجز للقراء كل ما يهم الشأن المصري الداخلي والخارجي بشكل يومي وعاجل، بالإضافة إلى أخر تحديثات أسعار الذهب ، أسعار العملات، أسعار الدولار، أسعار السلع أولاً بأول.

كما يقدم الموقع لقرائه أحدث وأهم أخبار الفن، وأخبار الرياضة، وأخبار السياسة، وأخبار الحوادث، وأخبار العالم ، وأهم الاحداث الكروية ، دوري أبطال أوروبا، ودوري أبطال آسيا، ودوري أبطال أفريقيا.