خاص جمهوري بارز يكشف تجاوزات خطيرة في أزمة لوس أنجلوس

مازالت أصداء الإحتجاجات التي قد إنطلقت بمدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا، الجمعة، على خلفية حملة إعتقالات إستهدفت العشرات في مداهمات شنها عملاء فيدراليون من إدارة الهجرة والجمارك، و إستهدفت المهاجرين غير الشرعيين حيث تجمع المتظاهرون بالقرب من المبنى الفيدرالي في وسط مدينة لوس أنجلوس، مادفع قوات الأمن لإستخدام الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية في محاولة لتفريق الحشود، فيما أصدر وزير الدفاع بيت هيجسيث أوامره لقيادة كتيبة مشاة البحرية للانتشار خلال عطلة نهاية الأسبوع المزيد من التفاصيل تسردها الموجز في التقرير التالي.
أزمة نشر قوات المارينز بين الدستورية من عدمها
وعلى الرغم من أن ذلك القرار يهدف إلى حماية الموظفين الفدراليين إلا أنه أثار مخاوف دستورية وإنتقادات واسعة، حيث إعتبره عدد من خبراء القانون والمسؤولين المحليين إنتهاكًا وتدخلًا في سيادة الولايات، كما قوبل بمعارضة بالغة، جافين نيوسوم من حاكم كاليفورنيا .
وأوضحت تارا جاليجوس، المتحدثة بإسم حاكم ولاية كاليفورنيا، أنَّ الوجود العسكري غير مطلوب، حيث تعمل الولاية بالفعل مع الشركاء المحليين لإرسال أكثر من 800 ضابط إنفاذ قانون إضافي من الولاية والمحليين إلى لوس أنجلوس لتنظيف فوضى الرئيس ترامب.
فيما وصف مسؤولون دفاعيون الخطوة بأنها إستفزاز مصمم لخلق أزمة مصطنعة.
من جهته فقد أكد المدعي العام للولاية روب بونتا، في مؤتمر صحفي إن الدعوى ستطلب من المحكمة اعتبار أمر ترامب غير قانوني وإلغاءه، مضيفًا: «نحن لا نأخذ الأمر بخفة عندما يسيء الرئيس استخدام سلطته وينشر بشكل غير قانوني قوات الحرس الوطني الكاليفورني.
فيما إتخذت ولاية كاليفورنيا دعوى قضائية إجراء قانوني رسمي، حيث رفعت ضد إدارة ترامب.
بدوره فقد رفض قاضي المحكمة الجزئية الفيدرالية، صباح الأربعاء، طلب ولاية كاليفورنيا بإصدار أمر تقييدي مؤقت عاجل، من شأنه أن يمنع قوات المشاة البحرية (المارينز) والحرس الوطني المرسلة إلى لوس أنجلوس-كاليفورنيا من القيام بأي شيء آخر غير حراسة المباني الفيدرالية.
كما قرر القاضي تشارلز بريير، بدلًا من ذلك عقد جلسة استماع في الدعوى الخميس.
تجاوزات دستورية وممارسات قمعية
من جهته فقد أكد المحلل السياسي وعضو الحزب الجمهوري مالك فرنسيس أن الولايات المتحدة تشهد موجة واسعة من الاحتجاجات، خاصة في مدينة لوس أنجلوس، اعتراضًا على سياسات الرئيس دونالد ترامب الصارمة تجاه الهجرة، والتمييز العنصري، واستخدام القوة المفرطة من قبل الشرطة.
وبينما تُمثل هذه الاحتجاجات تعبيرًا شرعيًا عن الرأي، فإن استجابة ترامب تجاهها مثّلت انتهاكًا صارخًا لمبادئ الدستور الأمريكي، وتحديدًا حرية التعبير والتجمع السلمي.
لافتاً إلى أن الدستور الأمريكي يكفل من خلال التعديل الأول، حرية الكلمة والتعبير والتجمع السلمي، إلا أن رد الرئيس ترامب على المظاهرات السلمية تجاوز الإطار القانوني، حيث وصف المحتجين بأنهم يشكلون “تمردًا محتملاً”، وهو وصف لا يستند إلى الواقع، إذ لم يسجل وقوع أي تمرد مسلح أو أعمال شغب منظمة من قبل المتظاهرين.
و أشار إلى أن الرئيس ترامب لم يكتف بالتصريحات المتشنجة، بل لوّح بتفعيل قانون التمرد لعام 1807، الذي يسمح باستخدام القوات المسلحة في الداخل الأمريكي لقمع أعمال التمرد أو العنف الداخلي. إلا أن هذا القانون، الذي يُفترض استخدامه في حالات الطوارئ القصوى، تم التلويح به في ظروف لم ترقَ إلى مستوى التهديد الحقيقي للأمن القومي، ما يعكس رغبة سياسية في إسكات الأصوات المعارضة لا أكثر.
وتابع: في سابقة خطيرة، أمر ترامب بإرسال قوات من مشاة البحرية (المارينز) والحرس الوطني إلى لوس أنجلوس، مبررًا ذلك بخطورة الوضع، على الرغم من أن تقارير ميدانية وشهادات مراقبين أكدت أن الاحتجاجات كانت سلمية في غالبيتها، وأن قوات الشرطة المحلية كانت قادرة على إدارة الوضع دون تدخل عسكري. هذا القرار عُدَّ خطوة تصعيدية غير مبررة، وانتهاكًا لسلطة الولايات في إدارة شؤونها الداخلية.
الرئيس ترامب اتهم سلطات كاليفورنيا بالتقاعس عن استدعاء الحرس الوطني، متجاوزًا بذلك الأعراف الفيدرالية التي تحترم صلاحيات الولايات مثل هذا التوجه يُظهر استخفافًا بالنظام الديمقراطي الأمريكي الذي يقوم على مبدأ فصل السلطات والتوازن بين الحكومة الفيدرالية والولايات.
و أوضح أن المنظمات الحقوقية المحلية والدولية قد وثّقت استخدامًا مفرطًا للقوة ضد المتظاهرين ، من بينها إطلاق الغاز المسيل للدموع، والرصاص المطاطي، وعمليات الاعتقال العشوائي، وكلها ممارسات تخالف المبادئ الديمقراطية التي لطالما ادعت الولايات المتحدة تمثيلها.
و أعتبر فرانسيس أن سياسة الرئيس ترامب تجاه المتظاهرين في لوس أنجلوس تمثل لحظة خطيرة في التاريخ الأمريكي الحديث مشيراً إلى أنه قد كشف تعامله مع الحراك الشعبي عن ميل واضح نحو الاستبداد، واستعداد لاستخدام أدوات الدولة لقمع المعارضة، دون مراعاة للدستور أو القوانين. هذه السياسات لم تؤدِّ إلى استعادة النظام، بل عمّقت الانقسام وزادت من حدة التوتر بين المواطنين والدولة، وأظهرت وجهًا غير ديمقراطي لقيادة كانت تتغنّى بالقانون والنظام، لكنها في الواقع لم تحترم لا القانون ولا الحريات ولا الدستور.
كيف يرى الحزب الجمهوري أداء ترامب حيال أزمة لوس انجلوس
وبهذا الصدد فقد أوضح مالك فرانسيس في تصريحات خاصة للموجز أنه و في خضم الأزمة التي شهدتها مدينة لوس أنجلوس، نتيجة تصاعد الاحتجاجات ضد سياسات الهجرة القاسية والممارسات الأمنية المتشددة، لم يكن موقف الحزب الجمهوري مفاجئًا.
الغالبية العظمى في الكونغرس هم الجمهوريون المتطرفون، اختاروا الصمت أو التأييد المطلق لقرارات الرئيس دونالد ترامب، حتى تلك التي تجاوزت النصوص الدستورية وأثارت غضب الشارع الأمريكي.
وأضاف أنه رغم تحركات ترامب من استخدام غير مبرر لقانون التمرد ونشر قوات عسكرية في ولاية دون موافقة سلطاتها، لم تظهر أي بوادر مساءلة حقيقية داخل الحزب الجمهوري.
بل على العكس، دعم ما يُعرف بـ”الجمهوريين الصقور” كل خطوة اتخذها ترامب، معتبرين أنها ضرورية لاستعادة “النظام”، متجاهلين بذلك مبدأ سيادة القانون وحقوق المتظاهرين.
هل تؤثر تلك الأحداث على الأغلبية الجمهورية في الكونجرس ومجلس الشيوخ وهل قانون المهاجرين وحده يقف وراءأحداق لوس أنجلوس
وأشار إلى أنه كما نعلم جميعاً بأن الجمهوريون المتطرفين يسيطرون على الكونجرس ومجلس الشيوخ، مما يمنح ترامب غطاءً سياسيًا واسعًا يحميه من المساءلة أو الرقابة الجدية، وحتى تلك الأصوات المعتدلة داخل الحزب تفضل عدم الدخول في مواجهة مع القاعدة الشعبية القوية التي يتمتع بها ترامب، خوفًا من فقدان التأييد أو الترشح في الانتخابات المقبلة.
وتابع : صحيح أن قانون الهجرة كان شرارة الاحتجاج، لكنه لم يكن السبب الوحيد فالاحتقان في لوس أنجلوس ناتج عن تراكمات طويلة من التمييز العنصري، والعنف الشرطي، والفجوة الاقتصادية المتزايدة بين الطبقات. سياسات ترامب القاسية لم تُشعل فقط الغضب، بل صبّت الزيت على نار مشتعلة أصلاً.
هل تخضع إدارة ترامب إلى محاسبات أمام الكونجرس أو داخل أروقة الحزب الجمهوري على خلفية تلك الأحداث
وأختتم فرانسيس تصريحاته منوهاً إلى أن غياب المحاسبة داخل الحزب الجمهوري، ودعم الصقور لترامب دون قيد أو شرط، جعل من الأزمة في لوس أنجلوس تجسيدًا لفشل القيادة السياسية في احترام الدستور والتعامل مع الاحتجاجات بحكمة. الأزمة لم تكن مجرد اختبار للسياسات، بل كانت اختبارًا لضمير سياسي صمت حين كان يجب أن يتكلم.
اقرأ أيضًا:
بسبب تخصيب اليورانيوم الخلافات تتصاعد بين نتنياهو وترامب .. ما القصة؟
ترامب: أشعر بالتشاؤم تجاه مستقبل أوكرانيا و أحاول إنقاذها