علي جمعة: زمن الفتن يتطلّب تربية صادقة وتعلّقًا بالله

علي جمعة
علي جمعة

أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن الواقع المعاصر يشهد تتابعًا كبيرًا للفتن ظاهرًا وباطنًا، الأمر الذي يجعل المجتمع في حاجة ماسّة إلى دعوة صادقة تعيد للأفراد منهج التربية الإيمانية الراسخة. وأوضح أن ختام سورة الشعراء قدّم برنامجًا تربويًا شاملًا يصلح للبدء من جديد في بناء النفس وبناء الأجيال، ويرصد الموجز التفاصيل. 

 

الدستور التربوي في ختام سورة الشعراء

أشار الدكتور علي جمعة إلى أن الآيات الأخيرة من سورة الشعراء تُعد منهجًا كاملًا للتربية الصحيحة، حيث يبدأ الخطاب الإلهي بالتوحيد ونفي الشرك:
{فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ}، ثم ينتقل إلى نطاق الدعوة الأقرب فالأقرب:
{وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}.
ويبيّن الله علاقة الداعية بالمؤمنين: خفض الجناح والرحمة، بعيدًا عن التسلّط والهيمنة.

 

التربية تبدأ من البيت… ومن القلب

وأوضح علي جمعة أن البداية الحقيقية تكون من داخل الإنسان: "ابدأ بنفسك ثم بمن تعول"، داعيًا إلى تعليم الأبناء الإيمان بالله وتوحيده، وفهم معنى التكليف، ومعرفة أنّ هناك حسابًا وثوابًا وعقابًا، وجنّة ونارًا.
وأضاف أن على الوالدين ترسيخ محبة الله ورسوله في نفوس الأبناء، وترجمة هذه المحبة إلى سلوك عملي ينعكس في حياتهم اليومية.

 

الصبر على التربية وثبات القلب على الله

شدد الدكتور علي جمعة على ضرورة الثبات وعدم اليأس عند مواجهة المخالفات أو العصيان، مؤكدًا أن رضا الناس لا ينبغي أن يكون دافعًا أو مانعًا في طريق تربية الجيل.
وقال إن الاستعانة بالله أساس كل تربية ناجحة، مستشهدًا بقول الله تعالى:
{وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ}.
وبيّن أن الله يراقب الإنسان في حركته وسعيه وعبادته وإخلاصه، مما يجعل القلب دائم الاتصال بالله.

 

الفتن الخارجية ومحاولات التشويش على التربية

أشار علي جمعة إلى أن البيئة الخارجية مليئة بالمفسدين الذين يسعون للتشويش على القيم والدين، مستشهدًا بقول الله تعالى:
{هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ}.
وقال إن الكذب بات شائعًا، والقيل والقال أصبحا سمة العصر، حتى نشأت عقول هشّة تصدّق كل ما يُقال دون تثبّت أو ميزان شرعي وعقلي.
واستشهد بقول النبي ﷺ: «كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ»؛ للتأكيد على خطورة تناقل الأخبار دون تحقق.

 

دعوة إلى بدء جديد

وفي ختام حديثه، دعا الدكتور علي جمعة إلى بداية جديدة قوامها التعلق بالله والسير على منهج بصير، لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، وعدم اليأس من كثرة الفساد، وختم بقوله: "هيّا بنا نبدأ، معلّقين قلوبنا بعرش الرحمن، سائرين إليه على بصيرة، ناظرين إلى لقائه سبحانه وتعالى".

اقرأ أيضًا: 

علي جمعة: التلاعب بالألفاظ يبدل المفاهيم ويقود إلى الضلال
 

الدكتور علي جمعة يوضح مفهوم الحياء الشرعي وأثره على حياة الإنسان
 

 

تم نسخ الرابط