قصة المتحف المصري الكبير.. من استفزاز في باريس إلى أعظم صرح حضاري
المتحف المصري الكبير.. حلم مصري امتد لربع قرن
لم يكن المتحف المصري الكبير مجرد مشروع معماري ضخم، بل حكاية حلم وطني امتد لما يقرب من 25 عامًا، ليصبح اليوم أيقونة حضارية جديدة تروي للعالم قصة مصر القديمة بوجه حديث، ويرصد الموجز التفاصيل.
بدأت الفكرة في تسعينيات القرن الماضي، حين شعر وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني بأن المتحف المصري بالتحرير لم يعد قادرًا على استيعاب كنوز الحضارة المصرية، ومع زيارة إلى باريس، كانت الشرارة الأولى للمشروع.
استفزاز أطلق الحلم
يروي فاروق حسني أن البداية جاءت من "استفزاز ثقافي" في باريس، عندما سأله أحد المعماريين ساخرًا: "ماذا تفعلون في المخزن الكبير بتاعكم؟" في إشارة إلى متحف التحرير، فكان الرد التلقائي منه: "نحن نبني أكبر متحف في العالم بجوار الأهرامات".
هذه الجملة العفوية تحولت إلى وعد، ثم إلى مشروع قومي عالمي، بعدما عرض الفكرة على الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، الذي تبناها وقرر دعمها، لتبدأ رحلة البحث عن موقع يليق بعظمة المشروع.
اختيار الموقع وبداية التنفيذ
اصطحب الرئيس مبارك والمشير محمد حسين طنطاوي الوزير فاروق حسني إلى منطقة الأهرامات لاختيار الأرض المناسبة، وهناك وُلدت الفكرة رسميًا عندما وقع الاختيار على موقع مرتفع يطل مباشرة على الأهرامات.
في عام 2002، أُعلن عن مسابقة معمارية دولية برعاية اليونسكو والاتحاد الدولي للمهندسين المعماريين، شاركت فيها مئات الشركات العالمية، وفاز بها مكتب Heneghan Peng Architects الأيرلندي، الذي استوحى تصميم المتحف من أشعة الشمس الممتدة من قمم الأهرامات الثلاثة.
مركز الترميم.. البداية قبل المتحف
قبل الشروع في بناء المتحف، قررت الدولة إنشاء أكبر مركز لترميم الآثار في الشرق الأوسط عام 2006، ليكون قاعدة علمية لحفظ الكنوز الأثرية التي ستُعرض لاحقًا.
وبموافقة المشير طنطاوي، استخدمت القوات المسلحة طائراتها لنقل معدات الترميم من الخارج، في مشهد جسّد التكامل الوطني لإنجاز هذا المشروع العملاق.
دعم دولي وشراكة حضارية
بعد إعداد دراسة جدوى في إيطاليا بتكلفة 5 ملايين دولار، حصلت مصر على قرض ميسر من اليابان بقيمة 300 مليون دولار لدعم المشروع، في إطار تعاون ثقافي يُجسّد التواصل بين الحضارات العريقة.
وأكد حسني أن اليابانيين رأوا في مصر "أمّ الحضارات"، ما جعلهم يشاركون بإخلاص في تنفيذ المتحف، الذي بلغت تكلفته الإجمالية نحو مليار دولار.
صرح عالمي في قلب الجيزة
يمتد المتحف المصري الكبير على مساحة أكثر من 300 ألف متر مربع، ليضم قاعات عرض تُعد الأكبر في العالم، ومجموعة أثرية استثنائية تتجاوز ٥٠ ألف قطعة، من أبرزها كنوز الملك توت عنخ آمون الكاملة، ومقتنيات الملكة حتب حرس، ومراكب الملك خوفو.
كما يحتوي على مركز مؤتمرات وسينما ومتحف للأطفال ومناطق تعليمية وتجارية وحدائق واسعة، ليكون مدينة ثقافية متكاملة.
من التوقف إلى الولادة الجديدة
رغم التحديات التي واجهت المشروع عقب أحداث 2011، ظل الحلم قائمًا حتى استعاد زخمه مع تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي وجه باستكمال المشروع وافتتاحه ليكون رمزًا للهوية المصرية الحديثة.
يقول فاروق حسني: «حين رأيت المتحف مكتملًا شعرت أن مصر تتنفس من جديد»، مؤكدًا أن المتحف ليس إنجازًا شخصيًا، بل مشروع كرامة حضارية يعيد لمصر مكانتها بين الأمم.
مصر تعيد كتابة التاريخ
اليوم، يقف المتحف المصري الكبير شامخًا عند سفح الأهرامات، شاهدًا على إصرار أمة وصبر جيل كامل.
إنه ليس مجرد مبنى، بل حوار بين الماضي والمستقبل، ورسالة من مصر إلى العالم تقول:
"هنا ولدت الحضارة.. وهنا ما زالت تنبض بالحياة."
اقرأ أيضًا:
شيخ الأزهر يهنئ الرئيس السيسي بافتتاح المتحف المصري الكبير
قبل افتتاح المتحف المصري الكبير.. رفع درجة الاستعداد والاستعانة بمولدات كهربائية احتياطية
- المتحف المصري الكبير
- الموجز
- القوات المسلحة
- محمد حسنى مبارك
- مصر القديمة
- حسني مبارك
- المتحف المصري
- المشير محمد حسين طنطاوى
- محمد حسين طنطاوى
- حسين طنطاوى
- المتحف المصري بالتحرير
- الرئيس مبارك
- رفع درجة الاستعداد
- الحضارة المصرية
- حفل افتتاح
- افتتاح المتحف المصرى
- افتتاح المتحف المصري الكبير
- وزير الثقافة الأسبق
- محمد حسين
- افتتاح المتحف
- فاطمة سعيد

